رحلت أمس الأحد، الدكتورة ماجدة صالح الملقبة بـ«فراشة الأوبرا»، والتي حظيت بشهرة واسعة كأول راقصة باليه مصرية، تميزت رحلتها بالعديد من المحطات الاستثنائية التي رسخت مكانتها كواحدة من رائدات الفن في مصر، وكذلك نالت تكريم رئاسي.
نشأت ماجدة صالح التي تُعد أول راقصة باليه مصرية في القاهرة مع ثلاثة أشقاء لأب مصري وأم اسكتلندية، وبدأت تعلم الباليه في سن مبكرة، والتحقت ضمن أولى دفعات المعهد العالي للباليه في مصر الذي تأسس ضمن معاهد أكاديمية الفنون، وحصلت مع أربعة زميلات لها على منحة دراسية في أكاديمية بولشوي في موسكو عام 1963 وهن «دودو فيظي، علية عبدالرازق، مايا سليم، ديانا حقاق» في أولى دفعاته عام 1958.
عادت الفنانات إلى مصر وقدمن عام 1966 عرضًا مكونًا من أربعة فصول بعنوان «نافورة باختشيسراي»، والذي تم عرضه للمرة الأولى عالميًا عام 1934 من تصميم المخرج الروسي زاخاروف، وهي مستوحاة من قصة حقيقية كتبها الشاعر الروسي ألكساندر بوشكن كقصيدة شعر، وقدم العرض في مصر أعضاء الفرقة المصرية رجالًا ونساءً، وجسد الرجال الأربعة شخصية التتار، وهم يحيى عبد التواب، رضا فريد، منصور الجنادي ووجيه يوسف.
حضر العرض الرئيس جمال عبد الناصر برفقة زوجته في دار الأوبرا القديمة بدعوة من وزير الثقافة ثروت عكاشة، ونال العرض إعجاب الرئيس فقرر تكريم الفرقة ومنحهم أوسمة رفيعة، وحصلت ماجدة والفنانات الأربعة على وسام الاستحقاق، وأصحاب الأدوار الرئيسية حصلوا على نوط الاستحقاق، والخبراء والمشرفين حصلوا على وسام الجمهورية، لتصبح المرة الأولى التي ترعى فيها مصر فن الرقص وتعترف به رسميًا.
عملت ماجدة كمعيدة في معهد الباليه حتى حريق الأوبرا، واتجهت بعدها لاستكمال دراساتها العليا في الولايات المتحدة بجامعة كاليفورنيا عن «الرقص الشعبي وتطبيقه في الثقافة الأمريكية»، وحصلت على الدكتوراه من جامعة نيويورك عام 1997 عن «تقاليد الرقص الشعبي المصري».
عادت ماجدة إلى مصر بعد استكمال دراساتها العليا وتم تعيينها عميدة لمعهد الباليه، وكان المعهد يعاني من الإهمال بالدراسة والمكان، وبعد عامين من العمل الروتيني استقالت من منصبها.
اختارها وزير الثقافة فاروق حسني عام 1988 كأول رئيس لدار الأوبرا المصرية الجديدة، وخاضت حربًا شرسة ضد البيروقراطية ونقص المعدات والتمويل، وناضلت وفريق عملها من أجل الإلتزام بموعد افتتاح الأوبرا، إلا أنه رغم التاريخ وكل هذا الجهد تفاجأت بتعيين الدكتورة رتيبة الحفني رئيسًا للأوبرا، بدون مقدمات أو إبداء أسباب.
عادت بعدها ماجدة إلى الولايات المتحدة، لتتفرغ للتعليم في جامعة نيويورك، واعتزلت الرقص رسميًا عام 1993 بسبب مشكلة صحية، وتزوجت من عالم المصريات في معهد نيويورك للفنون الجميلة جاك جوزفسون، واجتمعا على حب مصر والفن، وزارا مصر عدة مرات وكانت الزيارة الأخيرة لماجدة صالح إلى مصر بمفردها في أكتوبر 2019، وفي هذه الزيارة قدم لها بعض من التقدير التي تستحقه هي ووالدها، حيث اعترفت الجامعة الأمريكية بدور والدها الذي بذله لاعتراف الحكومة المصرية بشهادات الجامعة الأمريكية الحالية، وتم التكريم في المقر القديم للجامعة بميدان التحرير في القاهرة، وأهدت ماجدة المركز الثقافي الجديد بالجامعة الأمريكية بمناسبة هذا التكريم جهاز البيانو الخاص بها، ليتم عرضه باسمها في المركز.
قامت دار الأوبرا بعد انتهاء هذه الزيارة إلى مصر بتقديم أول تكريم للدكتورة ماجدة صالح من خلال معرض خاص بصورها استمر لمدة أربعة أيام.
جدير بالذكر أن الفنانة ماجدة صالح اشتركت عام 1971 في فيلم «ابنتي العزيزة» مع الفنان رشدي أباظة والفنانة نجاة، وشاركت عام 2016 في الفيلم الوثائقي «هامش في تاريخ الباليه» للمخرج هشام عبد الخالق.