«وقتك ملك جوزك» عبارة مألوفة لكل سيدة مصرية، حيث تعيش النساء في مصر رهينة مؤسسة الزواج، كل مصالحها تتنحى جانبًا إذا تعارضت مع مصلحة الطرف الأهم وهو الزوج.
جاءت تصريحات الممثل مصطفى حشيش حول عمل المرأة مؤكدًا أنه لا يفضل خروج السيدات إلى العمل قائلًا: «لو الست مش مضطرة إنها تنزل الشغل متشتغلش لأن نسبة البطالة عندنا عالية والشباب ماليين الشوارع وعندنا ستات موظفات مدام مديحة اللي في الرابع لو قعدناهم في البيت ونص مرتبهم يضاف على مرتب جوزهم اللي شغال في وظيفة ثانية فهندي فرصة للشباب يشتغلوا ومفيش ست تقول للراجل أنا بشتغل زيي زيك». وتابع مصطفى حشيش: «البنت لو باباها مكفيها متشتغلش لحد ما تتجوز ولو جوزها كفاها متشتغلش خالص، ولو الست شغالة ورفضت تساهم في مصاريف البيت الراجل المفروض يجبرها على إنها تبطل شغل».
القضية هنا ليست الشخص نفسه، ولكن القبول المجتمعي لهذا الحديث المستمر والواقع المرير الذي تعيشه النساء في مصر، في 2023 ما زال عمل واستقلال إنسان حر محل نقاش وجدال فقط لأنه أنثى، بل ولا يزال المجتمع متحفز جدًا حول مدى استفادة الرجل من ممارسة النساء حقها في العمل، كما هو الحال في أية حقوق أو امتيازات تبحث عنها المرأة في المجتمع المصري، حيث تساوم النساء دائمًا على حقوقهن.
يدور الحديث دومًا في قضية مثل حق النساء في العمل حول مدى استفادة الزوج والأسرة من ذلك، لا عن حق التمكين الاقتصادي والأمان المادي ولا عن مستقبلها ومسارها المهني، تظل التساؤلات حتى الآن حول حرمانية خروج المرأة للعمل، واستقطاعها من وقتها وهو حق للزوج فقط بموجب الفتاوى الشرعية والتطبيع المجتمعي، مما يفرض عليها دفع ما تكسبه مقابل سماحه لها بالعمل، وكذلك الضغط المستمر على النساء العاملات حتى يستمرن في القيام بأعمال الرعاية المنزلية غير المدفوعة، إلى جانب مشاركتهن أو تحملهن الإنفاق بشكل كامل.
عند التأمل حول نقاط النقاش سنجد أن كل ما يهم المجتمع هو كيفية طرح حلول لضمان استفادة الزوج أو الرجل من ممارسة المرأة حقها، كذلك الوضع في جميع ما يخص حياة النساء، يساومن دائمًا مقابل الحصول على جزء ممن حرمن منه طوال حياتهن، أو توضع عقبات لتعارض المصالح، لنجد في النهاية منظومة كاملة تصب في مصلحة طرف واحد وهو الرجل، ونساء يهددن دائمًا بلعنة الملائكة وغضب الزوج حتى يتصاعد الأمر للعنف والمنع والحبس وغيره.
ما طرحه مصطفى حشيش هو ما ينصح به المجتمع في الجلسات الخاصة والعائلية، حتى يستطيع كل رجل مصري ترويض الأنثى التي حظى بها داخل قفص الزوجية، وقصقصة ريشها باستمرار أو كما هو شائع «يدبح لها القطة»، حتى تتضائل أحلامها وتطلعاتها ويتحول هو بالتدريج إلى مركز كونها وعالمها. يبرز هذا التمحور داخل منظومة الزواج حول مصلحة الرجل في الأقاليم والأرياف، حيث تعيش الفتيات في نفس القرية أحيانًا ولا تستطيع الخروج من المنزل أو زيارة أهلها دون إذن الزوج، وأحيانًا دون إذن عائلته بأكملها، ويحاصرها العرف والمجتمع حتى يضمن أقصى استفادة للزوج من هذه الأنثى المروضة داخل منزله بشكل جنسي ومادي ومعنوي.
مما يبرر فيما بعد الاغتصاب الزوجي على سبيل المثال، فمصلحة الزوج تحتم عليها القيام بأداء «الفروض الزوجية» على حد قولهم أينما ووقتما شاء، وضع المجتمع الذكوري هذا الشأن كقاعدة إثبات نشوز المرأة من عدمه في الجلسات العرفية والمصالحة، فإذا لمح الزوج إلى امتناعها عن القيام بهذه الواجبات والفروض، وعدم تغليب مصلحته على راحتها ثبت نشوزها. تلك القوانين العرفية التي صنعها المجتمع الذكوري بمباركة من بعض رجال الدين حتى خلقوا منظومة متكاملة المستفيد فيها طرف واحد، مقابل الإنفاق الذي عاد دور مشترك وأحيانًا دور منفرد تقوم به المرأة بشكل كامل، ستظل الكفة تميل لمصلحة الرجل حتى نعترف بمفهوم الشراكة بين الرجل والمرأة بهدف بناء أسرة وحياة وثروة مشتركة، لا لتمكين الرجل من المرأة والاستمتاع بها والاستفادة منها كخادمة ومربية وعائل أسرة أيضًا مع ضمان الصب في مصلحته هو، وهو فقط.