كلمة “لا” وحدها.. لا تكفي

الجميع ينادي بأن كلمه “لا” تعني “لا”، وأنا هنا أتحدث عن مليون “لا”، كانت نتيجتها خوف وفزع وقلق ، هل سنبدأ القصة من هنا أم نعود للخلف قليلا. لنجعل قصتنا اليوم، تدور أحداثها حول فتاة صغيرة أوقعتها وحدتها واختياراتها الخاطئة خلال فترة مراهقتها مع شخص غير سوي، يحتاج إلى تقييم نفسي وربما يحتاج أيضا لتقويم إصلاحي. الأشخاص أمثاله يتغذون علي ضعف ضحاياهم.

دعوني أخبركم أن ناجيتنا اليوم تخلصت من خوفها، وقررت أن تتحرر من سطوة هذا الشخص النفسية، فهي الآن تعلم أنها ربما تصبح نيرة أشرف جديدة، ولكن قبل أن تصبح مثلها، قررت أن تواجه مخاوفها تجاه هذا الشخص.

 لنبدأ القصة من البداية. كانت فتاتنا من ضحايا التفكك الأسري، كانت فتاة غير مرئية لذويها، وهنا أقنعها هذا الشخص أنه ملاذها الأخير، وأنه يحبها، بل أقنعها أنه الوحيد الذي يحبها، وقام بكل ما يقوم به الشخص المتلاعب. عزلها عن الجميع حتى يفرض سلطته عليها ولا تستطيع أن ترفض له طلبا أو أمرا، وذات يوم تركها هذا الشخص ليبحث عن ضحية جديدة أخرى يتغذى على ضعفها، حتى أنه كان يقنعهن أنه الوصي عليهن.

نجحت الكثيرات في الهرب من براثن هذا الشخص، إلا فتاتنا، كان كل يوم يمتلك طريقة جديدة ليبتزها بها، تارة بدموع وبكاء وادعاء بأنها حبه الأبدي، وتارة أخرى بالسباب والترهيب، دقت ناجيتنا جميع الأبواب للتخلص منه، حتى أنها ذات يوم فكرت أن تقتله.

 كان السؤال الدائم الذي يجوب رأسها دائما “إلى متى سيظل يطاردني؟ متى يمكنني التحرر منه ومن مطاردته لي؟”. جلست كثيرا تناجي الله أن يدعها وشأنها، أحيانا كانت تشعر أنها تستحق ما يحدث لها، فهي من انخدعت في النهاية.

عندما استنجدت بذويها، كانوا أيضا لا يكترثون، بالعكس لم يجدوا عيبا في تزويجها منه، لتذهب هي إلى الجحيم، من يهتم؟ غادرها ذويها وأصبحت وحيدة، حتى ذاك الحائط الذي كان يحميها ظاهريا اختفى، وزادت مضايقات ذاك الشاب مرة أخرى، ولكنه الآن يتمادى أكثر فأكثر.

 لجات إلى أهالي المنطقة حتى يبتعد عنها، لكنه كان يهددها بأنه لا يوجد أحد يستطيع أن يقف أمامه، وأنها إذا تجرأت على الزواج أو الارتباط بغيره، سيعاقبها، سينشر أكاذيب وإشاعات عن سلوكها، من سيكذبه؟  فهي تحيا وحيده بلا رجل وهو الذي نصبه الله عليها ليكون رجلها، لا يهتم أن كانت تريده أو لا، فمن هي حتى ترفضه.

 أصبحت كلمه أكرهك لا تعني شيئا. عندما سألتها عن شعورها بسبب مطاردته، قالت بحزن، “كلما غيرت رقم هاتفي ووجده واتصل، كنت أفكر بالانتحار، كان هناك أياما لا أستطيع النوم  من فرط رعبي، حتى أني كنت أمشي في الشارع أتلفت حولي، خوفا أن يلتقيني أو يراقبني عن بعد”.

قلت لها، لماذا لم تبلغي الشرطة؟ قالت “لم يكن هناك من يستطيع أن ينجدني منه، ذات يوم حاول اختطافي من أمام عملي، أو لنكن أكثر صدقا لقد اختطفني من أمام عملي بالفعل”.

 قالت جملتها وبدأت أنفاسها تتصاعد. أدركت أنها الآن ربما تمر بنوبة هلع. طمأنتها ووعدتها أن ما حدث قد حدث، ولن يحدث مرة أخرى، هدأت وبدأت تحكي لي، “لقد ذهبت إلى قسم الشرطة لاقدم بلاغا عما حدث معي، وكان سؤال الضابط الأول من اين تعرفينه؟ قلت له كان متقدما لخطبتي ورفضته، ليرد احد الضباط الاصغر سنا كنتي ماشيه معاه يعني واختلفتم. لأجيبه أنا هنا لأقدم بلاغا بمحاولة اختطافي من أمام عملي، رد الآخر لكنك أمامنا الآن سليمة، لا يوجد بك أي آثار لاعتداء أو ضرب أو حتى اختطاف، انتظري بالخارج، بعد بضع دقائق أتى إلى أحد أمناء الشرطة وقال لي أنه من طرف الشخص الذي أتيت لأقدم البلاغ ضده، وأنه ينتظرني بالخارج، وأنني لن أستطيع أن أقدم البلاغ، دعيني أصغ الجملة كما قالها لي بالضبط ،مفيش حاجة في الدنيا ممكن تحميكي مني أو تبعدك عني، وضعت يدي على رأسي وبكيت واستسلمت”.

استطردت الناجية روايتها  ” خرجت من مركز الشرطة لأجده أمامي، هذه المرة صعدت إلى سيارته بمحض إرادتي، قلت له ماذا تريد؟ قال أتزوجك، قلت حتى وأنت تعلم أني أكرهك، أنفجر حينها غاضبا، وقال لا أنت لا تكرهينني أنت فقط تخافينني أصدقاءك عبثوا بعقلك وجعلوكي تؤمنين بأنك حرة وان مصادقة الرجال بالجامعة والعمل،  حرية الخروج والدخول كما يحلو لك، كل هذه الأفكار الخاطئة هي ما أفسدت عقلك، لكنك في الحقيقة تحبينني.  صرخت، وبدأت بالقسم عليه بكل ما يمكن أن يكون غاليا لديه، أن يتركني وشأني، وهنا وافق أن يتركني، إذا تعهدت أني لن يدخل حياتي أحدا ولن أتزوج، وإلا سيظهر بحياتي ويفسدها.

استكملت فتاتنا حكايتها،  “مرت شهور وأنا أحاول الهرب منه مرة أخرى، ذهبت لتلقي العلاج النفسي بأحد المؤسسات التي تهتم بضحايا العنف الأسري وقضايا المرأة بشكل عام، وانتظمت في حضور عدد من الجلسات، ولكن خوفي من هذا الشخص لم يختف، بل ظل يطاردني في أحلامي وفي الطرقات. أسير وأتلفت حولي لأتاكد أنه لا يطاردني. ذات يوم اتصل بي ليقول لي إنه يعتذر عما صدر منه تجاهي وأنه سيتزوج، وهناك أنثى بحياته وسعيد معها. وهنا بدأت أتنفس الصعداء وأشعر أنني قد تحررت منه، لكن هيهات. ظل يتصل بي كل فترة ليتأكد أني لا زلت أخافه، غيرت مكان عملي ومنزلي، حتي أني أغلقت حساباتي الاليكترونية، ولكنه بطريقة ما يصل إلي. راسلني علي بريدي الاليكتروني، يخبرني عن ضرورة أن أتصل به، وإذا لم أفعل سيفاجئني بالحضور أمام عملي الجديد وأمام منزلي.

تختم بطلتنا اليوم قصتها “هذه المرة رغم خوفي منه إلا أنني لم أرضخ لكلماته، حتي أني أصبحت أفكر، ماذا لو عثر علي؟ ما أسوء ما يمكن أن يحدث؟. رغم ذلك لازلت غير قادرة على الذهاب وسرد تفاصيل قصتي أمام الشرطة. أخشى ان ابلغهم عن تهديداته، فيتمكن من العثور علي، اكتفيت أن اصرخ هنا لعل اذا تصدر اسمي عناوين اخبار الصحف يوما ما ليعلم العالم اني قاومت بكل الطرق التي باستطاعتي”.

تركت فتاه قصة اليوم، وأنا تتردد بداخلي مشاعر متداخلة، وأسئلة عديدة. ماذا يستفيد هذا الشخص من ما يفعله؟ وما سبب اصراره الدائم علي أن يصل اليها؟

تذكرت أيضا عدد الفتيات اللاتي سقطن ضحايا، مما جعل فضولي يدفعني لمحاولة الوصول إلى هذا الشخص، أتمنى أن أعلم كيف هي حياته وعائلته.

أنهي مقالي اليوم بالتذكير بنصوص القانون الواضحة بشأن جريمة “الابتزاز الالكتروني”.

“يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه

أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلًا من الأفعال الآتية:

الإعتداء على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري.

انتهاك حرمة الحياة الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته.

نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما في حكمها تنتهك خصوصية

أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.

وفقًا لما نصت عليه المادة ( 25 ) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الصادر برقم 175 لسنة 2018.

وعن عقوبة جريمة الابتزاز الإليكتروني فقد نص قانون العقوبات المصرى فى المادة 327

كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقت

أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور تخدش الشرف يعاقب بالسجن، وتنخفض إلى الحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب مادى”.

كما أن تهديد شخص لآخر بجريمة ضد النفس تصل عقوبتها إلى السجن، مدة لا تتجاوز 3 سنوات

إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب أموال أما اذا كان مصحوبا بطلب مال فقد تصل العقوبة للحبس 7سنوات

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة