انطلقت محاكمة المفكر الإسلامي والأستاذ بجامعة «أوكسفورد» البريطانية طارق رمضان، 60 عامًا، بتهمة الاغتصاب والإكراه الجنسي، أمام المحكمة الجنائية في سويسرا، في 15 مايو الماضي، حيث طلب مدّع عام في جنيف إنزال عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات، بينها 18 شهرًا مع وقف التنفيذ بحق المفكر الإسلامي بتهمة اغتصاب ينفي أن يكون ارتكبها، في قضية تعود للعام 2008.
وقال النائب العام الأول «أدريان هولواي» متوجّهًا إلى القضاة الثلاثة في المحكمة الجنائية في جنيف: «يتعين تحديد العقوبة بالحبس لمدة 3 سنوات، 18 شهرًا مع النفاذ و 18 شهرًا مع وقف التنفيذ»، فيما أكد محامي الناجية، الدبلوماسي والحقوقي الفرنسي «فرنسوا زيمراي» أن موكلته: «تتوقع مواجهة صعبة ومؤلمة لكنها مستعدة لها، ومقتنعة بأن هذه المعركة واجب ومحنة في آنٍ معًا».
إذ كشفت الناجية أن طارق رمضان «أخضعها لاعتداءات جنسية بوحشية رافقها الضرب والسٌباب بغرفة أحد فنادق جنيف»، فيما أكدت أنها تعيش في ظل تهديدٍ مستمر، حدث ذلك قبل نحو 15 عامًا، وتحديدًا في أكتوبر 2008، عندما كانت الناجية في الـ40 من العمر تقريبًا.
وأضافت الناجية وتُدعى «بريجيت» خلال التحقيق، أنها: «تعرّفت على رمضان في جلسة توقيع كتابه، قبل عدّة أشهر من الليلة التي ارتكب فيها جريمته، ثم خلال مؤتمر بسبتمبر 2008، تلت ذلك مراسلات ازدادت حميمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي ليلة الجريمة التقته في فندق كان ينزل فيه في جنيف، وأفادت أنه أرغمها في الغرفة على مدى ساعات على القيام بأعمال جنسية مرفقة بعنف». في حين تم اتهام رضوان بارتكاب 3 عمليات اغتصاب بحق «بريجيت»، خلال الليلة نفسها، فضلًا عن «إكراه جنسي» كادت تختنق خلاله.
في المقابل، أنكر طارق رمضان التهم الموجه إليه، لكنه أقر خلال التحقيق أنه التقى الناجية، إلا أنه تخلى عن فكرة إقامة علاقة جنسية معها. كما يواجه طارق رمضان محاكمة بتهمة اغتصاب 4 نساء في فرنسا، خلال الفترة الممتدة بين عاميّ 2009 و 2016.
وقدم أكثر من 300 فيديو وألف صورة لإقناع القضاة بأنها علاقة رضائية، حتى قبل اتهامه من قبل هيئة المحلفين. ووُجّه له اتهام ثالث ثم رابع على خلفية شبهات باعتدائه جنسيًا على امرأتين أخريين عامي 2015 و2016.
سُجن طارق 9 أشهر عام 2018، وأفرج عنه في نوفمبر من العام نفسه. وهو لا يزال خاضعًا للمراقبة القضائية منذ ذلك الحين. ومن ضمن شروط القضاء المفروضة عليه، كانت الإقامة في فرنسا، لكنه يحصل على أذونات استثنائية لمغادرة أراضيها إلى سويسرا في إطار القضية الراهنة. وخُففت مؤخرًا الرقابة القضائية عليه، ليصير عليه الحضور مرتين شهريًا إلى مقرّ الشرطة. وفتحت بحقّه قضية اغتصاب موازية في جنيف في 2018.
ويواجه المفكّر السويسري المصري احتمال الحكم عليه بالسجن من سنتين إلى 10 سنوات في حال إدانته، ومن المتوقّع أن يصدر الحكم في 24 مايو الجاري، بحسب ما أوضحته السلطات القضائية في جنيف. كما يمكنه استئناف الحكم.
وكانت النيابة العامة في باريس طلبت إحالة المغتصب إلى محكمة الجنايات، ويعود لقضاة التحقيق اتخاذ قرار محاكمته من عدمها.
تعود تفاصيل هذه القضية إلى عام 2017، بعد أن جمّع تحقيق نشرته مجلة «GQ» في نسختها الإلكترونية الفرنسية فصول الاتهامات الثلاثة بالاغتصاب التي لاحقت طارق رمضان، مركّزة على تفاصيل العلاقة التي جمعته والمشتكيةَ الفرنسية من أصل مغربي، وأوضح التحقيق، أن «من بين شهادات النساء الثلاث اللّائي يتّهمن طارق رمضان بالاغتصاب، كانت شهادةُ منية ربوج الشهادةَ الحاسمة»، موردًا أنها قالت في تصريح للمجلّة إذا اعتذر لها طارق سوف تسحب دعوتها، وهو ما يمكن أن يقلب التحقيق، وفق تعبير المقال.
وكشف التحقيق أن المدعية هي أول ناجية تجبر طارق رمضان على الاعتراف بعلاقات خارج إطار الزواج، بسبب فستان أسود قدّمته للمحقّقين زاعمة أن فيه لطخ من سائله المنوي، بجانب مجموعة أدلة أخرى بينها رسائل بينهما على تطبيق التواصل الاجتماعي واتساب، وصور، وفيديوهات إباحية تشهد على علاقتها الوثيقة به، ومشاهد تظهر فيها عارية، وصور من حياتها اليومية.
من هو طارق رمضان؟
مفكر مسلم سويسري من أصل مصري، ولد وتربى بجنيف، وتلقى تعليمه الفرنسي هناك، بروفيسور في جامعة أكسفورد، له كتابات جادة في الدراسات الإسلامية، منها «الإصلاح الجذري»، و«هذه آرائي»، و«على خطى النبي». يتمتع رمضان بشعبية في أوساط الإسلام المحافظ، إلا أنه يثير جدلًا خصوصًا في صفوف دعاة العلمانية الذين يعتبرونه مناصرًا للإسلام السياسي.
حصل رمضان على الدكتوراه من جامعة جنيف، حيث ركزت أطروحته على جده، الذي أسس حركة الإخوان المسلمين في مصر.
كان أستاذًا للدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة «أكسفورد» حتى نوفمبر 2017، وشغل أدوارًا زائرة في جامعات قطر والمغرب.
أجبر على أخذ إجازة عندما ظهرت مزاعم الاغتصاب في فرنسا في ذروة حركة «مي تو»، بسبب الهجمات المشتبه بها في فرنسا بين عامي 2009 و2016.
نشر رمضان 20 كتابًا وأكثر من 700 مقالة وحوالي 170 شريطًا صوتيًا حول مواضيع تشمل الهوية الإسلامية والديمقراطية والإسلام وحقوق الإنسان وممارسة الإسلام في أوروبا والشريعة الإسلامية. وتتضمن محاضرات رمضان الأخيرة مناقشة حول «لماذا يحتاج الإسلام إلى حركة نسوية» و"الديمقراطيون المسلمون في الغرب والديمقراطية في العالم الإسلامي، آفاق المشاركة».