مقاطع الريلز بين هوس الشهرة وانحطاط المحتوى

الهاتف الذكي المزود بكاميرا تصوير، هذا الاختراع الرقمي المذهل؛ الذي حوَّل أشكال الاتصال البشري من اتصال تقليدي إلى رقمي؛ اتصال كان فيه للصورة بكل أشكالها سطوتها، ولاقت استخداماتها في أوساط مختلف الشرائح الاجتماعية وعلى رأسها الشباب والشابات رواجًا واسعًا، إذ أن انتشار ظاهرة التصوير الذاتي «السيلفي» ومقاطع الفيديو القصيرة «ريلز» ومشاركتهما عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي باتت في تزايد مستمر، وتتزايد معها بعض السلوكيات التي غالبًا ما يكون الهدف وراءها حصد أكبر قدر ممكن من الإعجابات والمتابعات.

لا تتعجب عزيزي القارئ  إن وجدت صورتك على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن منشورات أحد مهووسي تصوير تفاصيل حياته، أو ممَّن يُسمَّون بالمؤثرين الاجتماعيين، بينما أنت منهمك في تناول وجبة غدائك أو تناول كوب قهوتك الاعتيادي، قد تراه أمر روتيني لكن هناك من لا يضيع فرصة التقاط صورة سيلفي في أي مكان وعلى أي حال، لدرجة أنه لا ينتبه للأشخاص المتضمنة في الصور إلا بعد نشرها.

ولم يعد الاكتفاء بأخذ سيلفي كافيًا لإطلاع المعجبين والمتابعين بحالاتهم وأماكن تواجدهم، بل تجاوز الأمر إلى بث مقاطع فيديو يشاركونها مع متابعيهم، ويعرضون فيها جزءًا كبيرًا من حياتهم الشخصية الروتينية، سواء داخل البيت من طبخ ولبس ومزاح ماجن في الكثير من الأحيان، أو خارجه كممارسة الرياضة والتجول في الأماكن العامة أو التبضع في الأسواق وبالمرة التسويق لأحد المنتجات والماركات العالمية أو المحلات التجارية.

الحرية واحترام خصوصيتك وخصوصية غيرك خطان متوازيان لا يلتقيان أبدًا، فإن أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي لنا العديد من التطبيقات التي نتواصل فيها مع العالم الخارجي ونتشارك فيها الأفكار والآراء والمشاعر، فإن ذلك لا يمكن أن يكون ذريعة للتَّطاول على حريات الآخرين في الأماكن العامة، أو أن تهتك خصوصيتك مهما كانت ظروفك وتشاركها مع الآخرين بغرض الشهرة وزيادة نشاط حسابك بالتعليقات والمتابعات، ولما لا كسب المزيد من المال نتيجة هذا النوع من المحتويات الهابطة!

لتشارك محتوى لابد وأن يسبقه هدف وتخطيط لذلك، فليست كل ما يُصور ذا قيمة للآخرين، احتفظ بشيء ما لنفسك، أحاسيسك، مشاعرك، لحظات سعادتك، حزنك، انفعالاتك، حتى لا تتحول مشاركة الصور ومقاطع الفيديو من شكل جديد للاتصال الرقمي إلى عادة ومن عادة إلى هوس نشر الصور والفيديوهات، ولنا في صور وفيديوهات اليوم خير دليل، طبعًا باستثناء الصور والمحتويات الهادفة التي تتنوع مضامينها بين التثقيفية، الترفيهية، العلمية، التربوية، الدينية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة