التعليم الجامعي بين متطلبات سوق العمل ومهارات الكوادر

الجامعة، ذلك الصَّرح العلمي، الثقافي والاقتصادي بامتياز، الذي له دور محوري في تنمية المجتمعات وبناء قوة الدول وتطورها، ولأن من سمات هذا العصر الحركية والانفتاح، كان لا بد لهذا القطاع الحسَّاس من مسايرة مختلف التَّطورات التقنية والمعرفية وفق مقتضيات العولمة الاقتصادية، وتحقيقاً للميزة التنافسية، بانتهاج إصلاحات مست نظم وعناصر العملية التعليمية من هياكل إلى أعضاء هيئة التدريس إلى مخرجات التعليم. ومن ثم فإن تطوير قطاع التعليم العالي ينسحب على مجمل هذه العناصر، بما يسهم في الأخير في بلورة علاقة مخرجات الجامعة مع محيطها الاقتصادي.

يُعد تزويد سوق العمل بالكوادر البشرية المؤهَّلة أحد الرِّهانات التي يفرضها تطوير قطاع التعليم العالي، فلا يمكننا الحديث عن سوق عمل واعدة بدون كوادر بشرية نهلت من الجامعة مختلف التخصصات العلمية وتدربت على مختلف المهارات الإبداعية والأكاديمية، ذلك أن تخريج إطارات تتناسق وسوق العمل لا يكون إلا من خلال تنمية تحصيلهم العلمي الأكاديمي وإكسابهم مهارات التحليل والنقد والمناقشة بكل ما تتطلَّبه الشخصية العلمية من كفاءات مهنية وأكاديمية، دون إغفال مواءمة التَّخصُّصات العلمية التي يدرسها الطالب مع احتياجات السوق، فالرهان اليوم على إدراج الذكاء الاصطناعي وترقية اقتصاد المعرفة وبراءات الاختراع بات ضرورة ملحة لمواكبة التطورات المتلاحقة في المجال الاقتصادي والتقني والمعرفي.

إن تخريج كفاءات علمية على مستوى من المهنية والاحترافية يتطلب أيضاً توظيف واستقدام هيئة تدريس ذات كفاءات وخبرات عالية توجههم وترشدهم لآليات وميكانزمات البحث، ناهيك عن ضرورة خلق بيئة عمل حقيقية تضم مختلف مخابر البحث ومراكز التكوين التي من شأنها تدريب الطلبة وتنمية مهاراتهم. إلى جانب ضرورة إعادة النظر في النظم والمناهج التعليمية باعتماد مقاربات تراعي جودة التعليم النوعي.

إذاً هي محاور أردنا تسليط الضوء عليها، علَّها تجد آذاناً صاغية تتدارك واقع جامعاتنا، وتصبو لتحقيق دورها الريادي بالمساهمة في تحريك عجلة النمو الاقتصادي، وتزويد سوق العمل برأس المال البشري الكفء والمدرب تدريباً فعالاً يستجيب لتطلعات واحتياجات سوق العمل ويسهم في تنمية الاقتصاد الوطني.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة