لماذا نكره العثمانلي؟

في الفترة بين عامي 1517 و1914، استولت الدولة العثمانية على معظم منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر. وقد كانت السيطرة العثمانية على مصر لفترة طويلة، استمرت لما يقرب من 300 عام، ولكنها لم تكن فترة ازدهار واستقرار بالنسبة لمصر وشعبها، حيث تسبب الاحتلال العثماني في تدمير وتخريب البنية التحتية للبلاد، وتراجع الاقتصاد والزراعة والصناعة، وتوسع الفقر والبطالة والجوع، كما ترك الاحتلال العثماني آثارًا سلبية عميقة على مصر وتاريخها.

أحد التأثيرات السلبية الرئيسية للاحتلال العثماني على مصر كان في المجال الاقتصادي، فقد تم تدمير البنية التحتية للبلاد، وخاصةً الطرق والجسور والموانئ، مما أدى إلى تعطيل حركة الاقتصاد وتدني مستوى الحياة الاقتصادية في مصر، وعلاوة على ذلك، فقد زادت الضرائب المفروضة على الفلاحين والتجار والعمال، مما أدى إلى زيادة الفقر والجوع في المجتمع.

وأدى الاحتلال العثماني أيضًا إلى تراجع الزراعة في مصر، فقد استغل العثمانيون الموارد الزراعية في مصر من دون الاهتمام بالاستدامة، مما أدى إلى تراجع إنتاج الزراعة وانخفاض جودة المحاصيل. كذلك تم استغلال العمال والفلاحين في مصر بطرق قاسية ومؤلمة، مما أدى إلى تدهور أحوالهم المعيشية وتفاقم الفقر في المجتمع.

من ناحية أخرى، تراجعت الصناعة في مصر خلال فترة الاحتلال العثماني، وخاصةً الصناعات الحرفية، وتم استبدال الصناعات المحلية بالصناعات المستوردة من الخارج، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد المحلي وتفاقم البطالة والفقر في المجتمع.

وفي ذلك الوقت، كانت الحرف اليدوية تلعب دورًا مهمًا في اقتصاد مصر، حيث كان الحرفيون يصنعون العديد من المنتجات مثل الأثاث والملابس والأواني الفخارية والأدوات الزراعية. وبما أن الحرفيين كانوا على هامش المجتمع وليس لديهم قوة سياسية أو اقتصادية قوية، كانوا الأكثر عرضة للاستغلال من قبل السلطات العثمانية، فقامت السلطات العثمانية بفرض ضرائب عالية على الحرفيين المصريين، وكانوا يجبرون على العمل لساعات طويلة من دون الحصول على أجر ملائم، كما كانوا يتعرضون للتجريف، حيث كانت السلطات تستولي على المواد الخام اللازمة للحرفيين وتبيعها بأسعار باهظة، مما يتسبب في إفلاسهم.

وتزايدت حدة الظلم والاستغلال العثماني بعدما قام العثمانيون بتحويل مصر إلى مقصد للسياحة الأجنبية، حيث تم إنشاء فنادق ومنشآت سياحية كبيرة، مما أدى إلى تحويل الأراضي الزراعية إلى أراضٍ سياحية وترفيهية، وهو ما تسبب في تراجع الإنتاج الزراعي وتدهور الاقتصاد المصري.

أحد التأثيرات الأخرى السلبية للاحتلال العثماني على مصر كان في المجال الاجتماعي والثقافي، فقد استولى العثمانيون على المدارس والجامعات في مصر، وحولوها إلى مؤسسات تعليمية تابعة للدولة العثمانية، وتم فرض اللغة العثمانية في جميع المدارس والجامعات، وحرم الشعب المصري من استخدام لغتهم الأم وتعلمها، وكانت هذه الخطوة تهدف إلى إزالة الهوية الوطنية للشعب المصري وتغيير ثقافتهم وتراثهم الخاص.

وفي المجال الاجتماعي، أدى الاحتلال العثماني إلى تحويل الشعب المصري إلى عبيد للدولة العثمانية، حيث تم تجنيدهم في الجيوش العثمانية وخدمتهم في الأماكن التي يحددها الحاكم العثماني، كما قام العثمانيون بفرض الضرائب بطريقة قاسية وظلموا الفلاحين والمواطنين بشكل عام، وتسبب هذا في زيادة الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية للشعب المصري.

وبالإضافة إلى ما سبق، فقد أدى الاحتلال العثماني إلى تراجع الحرية الدينية في مصر، فقد حاول العثمانيون فرض الإسلام السني وتحويل الشعب المصري إلى الدين السني، وحرموا الشيعة والأقباط من ممارسة ديانتهم بحرية، ما يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان والحريات الدينية والثقافية.

وفي المجمل، كان للاحتلال العثماني تأثيرات سلبية عميقة على مصر وشعبها، حيث تسبب في تدمير البنية التحتية وتراجع الاقتصاد والزراعة والصناعة، وزاد الفقر والجوع في المجتمع، كما أدى إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والثقافية والدينية للشعب المصري، ولذلك، فإن الاحتلال العثماني يعد واحدًا من أسوأ الأحداث التي شهدتها مصر في تاريخها، وقد خلف آثارًا سلبية عميقة على مصر وتطورها.

على الرغم من عدم إمكانية الجزم بأن الجميع يكرهون الإمبراطورية العثمانية، فهناك من يعتبرونها جزءًا من التاريخ والتراث العريق، يمكن القول بأن هناك بعض الأسباب التي جعلت بعض المصريين يكرهون العثمانيين، ومنها ممارسة الإمبراطورية العثمانية كافة أشكال الاستغلال والتمييز ضد الدولة المصرية التي كانت تحت حكمها، مثل الأقليات الدينية والعرقية التي كانت تعيش فيها، وكانت تفرض عليهم ضرائب عالية وتمنعهم من ممارسة بعض الحقوق الأساسية، وكذلك شنت الحروب والغزوات ضد بعض الدول والمناطق، ما أدى إلى معاناة الشعوب التي تحت حكمها وتدمير بعض المدن والمناطق، كما كانت الإمبراطورية العثمانية تفرض ثقافتها ولغتها علينا، وكان ذلك يؤدي إلى فقدان بعض الهوية الثقافية واللغوية المصرية.

وبعد سرد كل تلك الأسباب، يبقى أن نقول أن هذه ليست محاولة لتشويه صورة الإمبراطورية العثمانية بالكامل، ولكنها عوامل تاريخية وسياسية تمت دراستها وتوثيقها على مر السنين، وفي النهاية، يتوقف الأمر على وجهات النظر الشخصية والمعرفة التاريخية لكل فرد.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة