بعد سنوات من التردد ماليزيا تغلق صفحة «الإعدام»

في خطوة وصفت بالتاريخية، أعلنت دولة ماليزيا إلغاء عقوبة الإعدام، إذ وافق البرلمان الماليزي على مشروع قانون يلغي العقوبة على 34 جريمة، من بينهم 11 جريمة تصنف بالخطيرة، بما في ذلك القتل وتهريب المخدرات والخيانة والاختطاف وأعمال الإرهاب، غير أن التعديل الجديد سيمنح المحاكم الآن خيار إصدار أحكام بالسجن تراوح بين 30 و40 عامًا و«الضرب بالعصا»، كما سيتم استبدال السجن المؤبد الطبيعي، الذي يُحتجز فيه السجناء خلف القضبان حتى الموت، بالسجن من 30 إلى 40 عامًا.

اتخذت ماليزيا هذا القرار بعد أن واجهت خلال السنين الماضية معارضة قوية تدعو لإنهاء إصدار أحكام الإعدام، وأدت موافقة البرلمان الماليزي على مشروع قانون إلغاء عقوبة الإعدام إلى إرجاء تنفيذ حكم الإعدام في أكثر من 1300 سجين، وسيكون بإمكانهم الاستئناف ضد أحكام الإعدام الإلزامية الصادرة ضدهم من قبل القضاء الماليزي.

اعتبر نائب وزيرة القانون والإصلاح المؤسساتي «راماكاربال سينج» أن إلغاء عقوبة الإعدام الإلزامية يعني الحفاظ على حقوق الإنسان ومبادئ العدالة الإصلاحية. وأضاف في ختام المناقشات البرلمانية حول مشروع القانون، أن عقوبة الإعدام لا رجعة فيها، ولم تكن رادعًا فعالًا للجريمة أو تؤد إلى النتائج التي كانت تهدف إلى تحقيقها.

بدأت عملية إنهاء عقوبة الإعدام الإلزامية في مارس 2023، مع تقديم «داتوك سيري أزالينا عثمان سعيد» الوزيرة في إدارة رئيس الوزراء المسؤول عن القانون والإصلاحات المؤسسية، مشروع قانون لإلغاء قانون عقوبة الإعدام، ومراجعة أحكام الإعدام والسجن من أجل الحياة الطبيعية (الولاية القضائية المؤقتة للمحكمة الفيدرالية) في البرلمان الماليزي.

وفي تصريحات صحفية  على هامش مناقشات البرلمان قالت «أزالينا»: «يهدف إلغاء عقوبة الإعدام الإلزامية إلى تقييم قدسية حياة كل فرد مع ضمان العدالة والإنصاف للجميع». وتابعت: «يشمل ذلك الضحايا المقتولين وضحايا الإتجار بالمخدرات، وكذلك أسر هؤلاء الضحايا. وستكون السياسات بموجب هذه القوانين بمثابة طريق وسط لضمان الحفاظ على العدالة للجميع».

كما أضافت الوزيرة: «تعمل التعديلات بأثر رجعي، وتسمح للمحكمة بمراجعة الأحكام الصادرة بحق 840 من المحكوم عليهم بالإعدام و 25 آخرين لم يستأنفوا طلب الرأفة أمام مجلس العفو، بالإضافة إلى أن المحكمة ستتمتع بصلاحية مراجعة القضايا التي يُحكم فيها على شخص مُدان أو يقضي عقوبة السجن مدى الحياة الطبيعية، وسيتم تخفيف أحكامهم إلى السجن المؤبد الذي يتراوح بين 30 و 40 عامًا».

من جهته، رحب «دوبي تشيو» المنسق التنفيذي لشبكة آسيا لمكافحة عقوبة الإعدام بالتصويت باعتباره «طريقًا جيدًا للمضي قدمًا». وقال: «لدينا بيانات تظهر أن عقوبة الإعدام لا تغير أي شيء!».

وكانت ماليزيا قد أوقفت تنفيذ أحكام الإعدام منذ العام 2018، عندما وعدت لأول مرة بإلغاء عقوبة الإعدام بالكامل، غير أن الحكومة واجهت ضغوطًا سياسية من بعض الأحزاب وتراجعت عن وعدها بعد عام، وأعلنت أنها ستُبقي على عقوبة الإعدام لكنها ستسمح للمحاكم باستبدالها بعقوبات أخرى حسب تقديرها، قبل أن تعاود لتصدر قرارها التاريخي هذا العام.

وبدأ الحديث  بشأن أهمية التخلي عن عقوبة الإعدام منذ منتصف القرن الماضي، ونصت العديد من الاتفاقيات الدولية على أهمية التخلي عن هذه العقوبة، ولذا سعت دول عديدة إلى إلغاء العقوبة، وحتى العام 2021 فقد ألغى أكثر من ثلثي دول العالم عقوبة الإعدام في القانون أو الممارسة.

ووفق تقرير رصد حالات الدول الصادر عن منظمة العفو الدولية في العام 2021، فإن العديد من الدول بدأت بالتخلي تدريجيًا عن عقوبة الإعدام. ويقسم التقرير الدول إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى تتكون من 8 دول، ألغت عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم العادية، وأبقت عليها في ما يخص الجرائم الكبرى التي تحصل أثناء الحرب، ومن ضمنها جمهورية كازاخستان في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى البرازيل، شيلي، غواتيمالا وغيرها.

أما  المجموعة الثانية: فهي الدول التي أبقت على عقوبة الإعدام في القانون، لكنها لم تمارس هذه العقوبة فعليًا منذ أكثر من 10 سنوات، ومن ضمنها، الجزائر، موريتانيا، المغرب، تونس، بروناي دار السلام، طاجيكستان، لبنان.

أما المجموعة الثالثة: فتضم الدول التي لا تزال تطبق عقوبة الإعدام، ويصل عددها إلى 55 دولة، ومن ضمنها بعض الدول العربية والأفريقية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة