أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ورقة بعنوان «كيف يعيش الفقراء في ظل الغلاء، بعد ارتفاع الأسعار وتحرير صرف الجنيه على حقوق المصريين»، تحليلًا للأوضاع الاقتصادية التي يعيشها الشعب المصري، مع التركيز على تأثير موجات الغلاء على حياة الفقراء وقدرتهم على تلبية احتياجاتهم المعيشية.
استعرضت الورقة موجات التضخم المتتالية، إثر تطبيق أول برنامج لصندوق النقد الدولي في عام ٢٠١٦، وجائحة كورونا في ٢٠١٩ والحرب الروسية الأوكرانية ونتائجها المباشرة علي الطبقات المجتمعية، خاصة الأفقر منها، حيث تتأثر الطبقات الفقيرة بشكل أكبر عن غيرها بتضخم أسعار الغذاء لأنها تخصص الجزء الأكبر من دخلها المحدود لتلبية احتياجاتها المعيشية من الغذاء.
وانتقدت الورقة الخطاب الحكومي الذي يلقي باللوم فقط على التطورات العالمية، مستعرضة هشاشة العوامل الاقتصادية والسياسات الاقتصادية التي تم اتباعها بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي، والتي حملت الدولة أعباء زيادة حجم الدين ورفع أسعار الخدمات العامة وانخفاض سعر العملة وارتفاع معدل التضخم إلى ٤٠ % وهو الأعلى في تاريخه، وفقًا للمبادرة.
كما استعرضت الورقة الإجراءات المتخذة من قبل الدولة لمحاولة التخفيف من الآثار الاجتماعية الناجمة عن القرارت الاقتصادية السابق ذكرها، بينها رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات ورفع حد الإعفاء الضريبي ومعاش تكافل وكرامة، فيما تظل هذه الإجراءات غير كافية، وفقًا للمبادرة، التي لفتت إلى أن الملايين مهددون بالحرمان من حقهم في الغذاء والتعليم والرعاية الصحية ومختلف الحقوق الأساسية.
وقدمت الورقة مجموعة من المقترحات الخاصة بتغيير السياسات الحكومية الحالية للتعامل مع الأزمة، وهي:
- اتخاذ قرار بتوجيه السياسات نحو إخراج الاقتصاد من مأزق الديون، وتعديل المسار في اتجاه نمو مبني على إنتاج سلع وخدمات حقيقية، بما يمكنه من الخروج من دائرة التضخم وتخفيض العملة.
وذكرت المبادرة أنه من دون اتخاذ هذا المسار لن تكفي أي سياسات للدعم أو تحسين الأجور في حماية النسبة الغالبة من المصريين من التدهور العنيف في مستوياتهم المعيشية.
- إعادة الاعتبار للدعم التمويني كأحد المداخل المؤثرة في حماية أعداد كبيرة من الفئات الأكثر هشاشة في الوضع الحالي، خاصة وأن الدعم العيني في صورة سلع يعد أقل تأثرًا بالتضخم المتزايد، مقارنةً بالدعم النقدي أو زيادات الأجور، التي تتآكل قيمتها مع تراجع الجنيه وزيادات الأسعار.
وأشارت الورقة إلى تقلص ميزانية الدعم التمويني بشكل كبير في السنوات الأخيرة كنسبة من الإنفاق العام، وزيادة قيمته زيادات طفيفة لا تتناسب مع التضخم.
- إذا كانت الدولة تستهدف تخفيف الأزمة عن نسبة كبيرة من السكان، فإن تخفيض الضرائب المرتبطة مباشرة بالاستهلاك مثل ضريبة القيمة المضافة يمكن أن يخفف العبء.
وطالبت المبادرة الحكومة بتخفيض ضريبة القيمة المضافة التي تنعكس مباشرة على الأحوال المعيشية لكل السكان، وذكرت: «طالما الحكومة مستعدة للتخلي عن بعض إيراداتها المتوقعة، كما تفعل بالتأجيل والتجميد المتكرر لضريبة الأرباح الرأسمالية، رغم أنها تفرض بطبيعتها على الشرائح الأغنى وعلى نشاط ريعي، فبإمكانها بدلًا من ذلك تخفيض الضريبة».