برامج المقالب خارج نطاق “المهنية الإعلامية”؟!

مقالب رمضان” أو الكاميرا الخفية كما يحلوا للبعض تسميتها تُعد رفيقة شهر رمضان ولازمته، فتكاد تكون أحد الأطباق الرمضانية التي لا استغناء عنها لما تضفيه من بهجة وضحك وتغيير جو الصائم للشعور بفسحة من الانبساط والاسترخاء في أوساط العائلات وهي تجتمع بعد الافطار مباشرة لتشاهد هذه البرامج، قد تتفقون معي في أن مقالب رمضان أيام زمان كانت بسيطة في محتواها وفي تقديمها وإخراجها ورغم ذلك كنا نضحك بملء ما فينا لعفوية المحتوى وكنا أيضا نستمد منها العِبر والقيم المتعددة التي يبثها البرنامج.

   أي نعم لم تكن برامج المقالب بهذا المستوى العالي الذي نشهده اليوم من الفرجة ومن توظيف تقنيات الواقع الافتراضي المعزز وتقنيات الصورة والخدع البصرية المذهلة غير أنها كانت على مستوى من الاحترافية والمسؤولية التي يحرص القائم بالاتصال على تقديمها بدءا من المذيع إلى بقية الطاقم، فلم يكن هناك اسفاف ولا ابتذال من قبل المذيع على ضيوفه والتَّطاول عليهم في مراعاة لنفسية الضيف وللجمهور المتابع.

   أما اليوم فقد أصبحت “برامج المقالب” صناعة قائمة بذاتها تحرص القنوات الفضائية على تضمينها ضمن شبكتها البرامجية الرمضانية ويتهافت المعلنون والقائمون على انتاج مثل هذه البرامج على تسخير ميزانيات ضخمة وجيش من التقنيين والخبراء ناهيك عن الإعداد التقني عالي الدقة والجودة. 

إن الاهتمام بمثل هذه البرامج لم يأت من فراغ فلابد أن لها عائداتها المادية والربحية الضخمة ولابد وأن الاقبال عليها أصبح كبيرا جدا حسب ما تعكسه نسبة المشاهدات وردود الأفعال حولها على منصات التواصل الاجتماعي، لكن في نفس الوقت تنقسم الآراء حول مضامين هذه البرامج التي تتراوح  بين الاستحسان وبين النُّفران منها والهجوم عليها لِما باتت تروج له من مشاهد عنيفة وترهيبية حابسة للأنفاس للطبقة العمرية المتوسطة والراشدين فما بالك بفئة الأطفال التي لم تستوعب بعد مفهوم الخدع البصرية؟، إلى جانب استخفافها بعقولنا وحقيقة تَعرُّض الضيف لكل تلك المشاهدِ التَّرهيبية والعنيفة والمُحِطَّة بقدره وكرامته  في كثير من الأحيان دون أن يكون متهيئا نفسيا لذلك أو دون أن يقبض ثمنها؟.

 أن تستضيف ضيفا من أجل مقلب رمضاني ذاك حقك لكن أن تستقبله بوابل من الشتائم والكلام الساخر فذاك لا يمت للمهنة الاعلامية بشيء، ذلك أن المطلوب منك أن تحقق الفرجة بحضور الضيف الذي سيكون ضحية للمقلب لا أن تُفرجَ المشاهدَ عليه. 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة