ليست كل المثاليات أمهات

هل كل من ترعى وتربي هي الأم التي أنجبت؟ أم من الممكن أن تكون خالة أو جدة أو عمة أو زوجة أب أو قريبة للأسرة أو حتى المربيات في دور الرعاية؟

فمثلًا يحدث أن يتوفى الله الأم فيحرم أطفالها من وجودها بجانبهم، وهذا أمر الله، ولكن نجد في حين آخر بعض الأمهات يتخلين عن أولادهن بشكل صريح، ويؤثرن أنفسهن عليهم، فيعيش الأولاد بدونهن، ونجد أخريات لم يجرأن على اتخاذ هذا القرار ولكن غير مرحبات بمسئولية أولادهن، فيحيا معهن الأولاد حياة مليئة بالإساءات.

كل امرأة تزوجت تستطيع الإنجاب، ولكن ليس كل من أنجبت تصلح أن تكون أمًا. لذا ليست كل الأمهات  مثاليات بشكل مطلق، ولكن منهن من أساءت إلى أولادها ولم تقم بدور الأم المفروض، فيعاني أولادها طيلة حياتهم من أثر هذه الإساءات على صحتهم النفسية وجودة علاقاتهم في الحياة، فنجد من لا يستطيع التعبير عن مشاعره لأنه لم يتعلم ذلك منذ الصغر، ونجد أن الابن/ة الذي لم ينل قسطًا كافيًا من الاحتواء والاهتمام غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية قوية، كذلك نجد أن الكثير من الأبناء الحريصين على إرضاء من حولهم طيلة الوقت هم من يتعرضون للانتقاد الدائم من الأم، إلى جانب الأم التي تسيطر على أبنائها أو تجعلهم سلبيين وانطوائيين، والأم التي تميز بين أولادها وتربي بينهم الغيرة والحقد، وغيرها من التصرفات السلبية التي تؤثر على شخصية الأبناء طيلة حياتهم نتيجة الإساءات التي تعرضوا لها في الطفولة.    

ونستطيع أن نتعرف علي هذه الإساءات وأكثر منها في المجموعات العلاجية والعيادات النفسية، إذا أدرك الأبناء أن لديهم مشكلات وإساءات تعرضوا لها، ويجب عليهم معالجتها حتى يعيشوا حياة سوية.

لذا الأم التي تخلت وتركت، أو كانت متواجدة ولكنها أساءت، لا يجب أن تذكر على أنها أم مثل كل الأمهات، لأن الغالبية العظمى من الأمهات احتوت وأحبت وضحت وربت وفضلت أولادها على نفسها، وحاسبت نفسها إذا قصرت تجاههم.

كما نجد في أحيان كثيرة مقابل الأم التي تخلت وأساءت أم بديلة قامت بدور هذه الأم وبذلت ما تستطيع حتى تنجو بهؤلاء الأولاد الذين وضعهم الله في طريقها من مصير مجهول يخلو من حب ووجود الأم التي أنجبت، ولكن كل سيدة هي أم بالفطرة التي وضعها الله فيها وتستطيع أن تعوض من حرمهم القدر من الأم التي أنجبت بأم بديلة بها نفس صفات الأم الأصلية. 

فكل التحية إلى الأمهات البديلة التي تحملت مسئولية أبناء لم تنجبهم بيولوجيًا ولكنها أنجبتهم نفسيًا ورعتهم وضحت بأولوياتها في سبيل إنقاذ هؤلاء الأبناء من مصير مجهول.

وأخيرًا أهمس إلى كل أم: تحملك مسئولية أبنائك وقبولك لهم في كل الأحوال وحبك لهم من دون شروط هو عمل لا يقدر بثمن ومقابله بر وحب ورعاية منهم وجنة تحت أقدامك من الله عز وجل.

1 تعليق

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة