الدراما والمرأة المحجبة.. بين التَّنافر والتَّنافر؟

مع بداية العد التنازلي لشهر رمضان الكريم، يبدأ معه ذلك السباق المحموم بين القنوات الفضائية الدرامية منها والعامة، وحتى على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، في عرض البوسترات والإعلانات الترويجية للبرامج والأعمال الدرامية التي ستُعرض ضمن البرنامج الرمضاني لهذا الموسم.

وباعتبار أننا في عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسطوة وسائل التواصل الاجتماعي، فقد بات التفاعل من قِبل الجمهور لحظيًا وآنيًا، بل بات يستبق الأحداث بالحُكم وإبداء الرأي حول مختلف القضايا التي تثار بين الحين والآخر عبر وسائل الإعلام. ولم تكن البرامج الدرامية بمنأى عن تمحيص وتدقيق الجمهور له، فها هو مسلسل "تحت الوصاية" يُقابل بردود أفعال متباينة بين المنتقد والداعم لبطلته الفنانة منى زكي، والذي يبدو أنها تُجسد شخصية امرأة محجبة حسب ما يُظهر البوستر الأول للمسلسل.

قصة البوستر تتلخص في ظهور البطلة وهي ترتدي إيشاربين واحد أبيض والثاني أحمر قاني، وسترة مخططة تمتزج بها عدة ألوان، ويُظهر وجهها شاحبًا ومتقدمًا في العمر، إضافة إلى حاجبين غليظين، وهنا انهالت الانتقادات على الفنانة منى زكي واتهموها بأنها تشوه صورة المرأة المحجبة من حيث كونها لا تهتم بنفسها وبزينتها نتيجة ارتدائها للحجاب، كما تواجه الفنانة نيللي كريم ذات الاتهامات في مسلسلها المعنون بـ"عملة نادرة"، بينما ظهرت آراء  داعمة للفنانتين في أدوارهما لهذا الموسم، مفندين أن تكون هناك أية اساءة للمرأة المحجبة في الأعمال الدرامية.

وبعيدًا عن هذا الجدل، طالما حظي موضوع المرأة المحجبة بمعالجة درامية من خلال العديد من الأفلام والمسلسلات، على أن هذه الأعمال نظرت إليها العديد من الأبحاث والدراسات الإعلامية بنظرة ناقدة متخصصة لدور المرأة المحجبة كونها لم تفيها حقَها ولم تحض بالمعالجة الكافية، فنجدها تارة في دور الشغالة أو دور الست الكبيرة، كما توصلت دراسات إلى أن المرأة المحجبة في الأعمال الدرامية غالبًا ما تُجسد دور المرأة التابعة والمُنصاعة للرجل وللتقاليد والأعرف البالية، وأنها كائن ضعيف الشخصية يغلب عليه الخوف، التردد، الاستسلام، البلادة والانقياد.

أخيرًا، نحن في حاجة إلى أعمال درامية تحمل قيمًا مجتمعية راقية تطرق مشاكل وهموم المواطنين، أحلامهم، آمالهم، من دون تفضيل أو إقصاء لأي فئة عن الأخرى.

لقد آن الأوان للدراما أن تبحث عن أمثلة ناجحة لنساء محجبات - وما أكثرها في وطننا العربي- استطعن أن يلجن مختلف الميادين والمجالات العلمية والفكرية والإبداعية، واستطعن أن يُمثلن أنفسهن وأوطانهن أحسن تمثيل، كما كان لهن دور في تربية أولادهن أحسن تربية والمحافظة على الاستقرار الأسري ومن ثم المجتمعي.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة