أفيش منى ذكي وقفشة المواطنين الشرفاء

الحقيقة «ملهاش مكان» على الشاشات

في انتفاضة منى ذكي الأخيرة لفت نظري في اللغط الساذج الدائر زاوية مختلفة قليلًا عن الواضحة، لماذا كل هذا الرفض من الواقع؟ هل الواقع أن «كل» النساء المحجبات مهملات في مظهرهن؟ أو لا يجدن اختيار الألوان والملابس المناسبة ولفة الطرحة اللائقة لتقسيم وجوههن؟!

بصراحة لا أسعى أصلًا لإجابة هذا السؤال، لدي أخت محجبة تعلمني أصول «الشياكة» بمتابعتي لها والمجهود الذي تبذله في الاعتناء بنظافة وأناقة ثيابها وطرحتها أضعاف ما أبذله لتمشيط شعري! ولا أخفيكم سرًا أحيانًا أكتفي بتمرير أصابعي فيه ورفعه لأعلى فحسب.

لكن السؤال الذي أبحث عن جواب له هو هل قال الأفيش «إياه» أن «كل» المحجبات مهملات في مظهرهن؟ هل توجد حتى امرأة واحدة أخرى على «الأفيش»؟! وسؤال «لئيم» آخر يدور في ذهني، إذا كانت الصورة لسيدة من دون حجاب وتظهر سلوك بائعة هوى هل كنا سنجد انتفاضة من غير المحجبات ضد الأفيش لأنه يظهر أن غير المحجبات بائعات هوى؟

ولا هي بطحة؟!

 أم هي القوالب الجامدة التي نصر على تصديرها وإقحامها إقحامًا للعقول رغم الواقع؟

ولا هو السؤال: هي العدوى انتقلت للفن وللجمهور «كمان»؟

هل تعودنا إلى هذا الحد على «الكذب»؟! فالإعلام خلال الـ 10 سنوات الأخيرة أصبح صورة مقاربة لحد كبير من إعلام «جوبلز»، وبشكل مدروس وممنهج تحول كل شيء إلى نشرات وبيانات موجهة، حتى صرت أشعر أن سلسلة البيانات العسكرية التي كنا نشهدها في ٢٠١١ و ٢٠١٢ لم تنتهِ أبدًا إنما تحولت فقط لمسميات أكثر حداثة، فتارة «برامج توك شو» وتارة «مسلسلات رمضانية» وتارة «نشرات أخبار» وهكذا تنوع من باب الديمقراطية والتنوع – بمفهوهم طبعًا.

وبعيدًا عن التحسيس على بطحات ومثالية «الإسلامجية» الكالحة، فهل تزييف الواقع على الشاشات يفيدنا؟ طبعًا فنيًا وثقافيًا الجواب قطعًا لا، على العكس تمامًا، فالزيف الذي نشاهده منذ سنوات في الفن والثقافة أدى لتسطيح العقول بشكل كبير وتقليل القدرة على الإبداع والإنتاج وتراجع مكانة مصر بشكل كبير في تلك المجالات، بالإضافة طبعًا لترابطهم مع عدة مشكلات أخرى.

لكن سؤالي هنا من منطلق اجتماعي، هل يفيد التزييف المجتمعات؟

ألا نرى النساء الحقيقيات خارج القوالب البلاستيكية التي يصر المجتمع ورجاله والدين ورجاله والسلطة ورجالها على وضعنا فيها؟

النساء البشر. النساء لسن «سوبر هيروز» ولا ضعيفات مستجديات، لسن ملائكة ولسن شياطين، النساء اللاتي يكذبن ويخطئن ويسعين ويكسبن ويخسرن ويبكين ويصرخن ويخططن ويحلمن، النساء اللاتي حين تلوي الدنيا أذرعهن لأنهن «نساء» يهملن أنوثتهن كوسيلة دفاع عن حياتهن، النساء اللاتي قد لا يملكن مالًا أو وقتًا للاهتمام بجمالهن وبأجسادهن.

النساء البشر. سواء محجبات أو لا، سواء عاملات أو لا. كفى قوالب اجتماعية واهمة لا تتسق مع الواقع، فالواقع أن النساء بشر، الأمر بهذه البساطة، وأننا سئمنا القوالب، سئمنا التظاهر، سئمنا الادعاء، سئمنا كل هذا الزيف والبلاستيك سواء من مدعي التمدن أو مدعي التدين.

وهذا الزيف الذي تفرضه الثقافة الحاكمة في شكل قوالب جامدة تفترض أن على البشر أن يبدون هكذا، على النساء المحجبات أن يبدون هكذا، أما نساء الريف فهكذا، ونساء الصعيد هكذا، ورجال أيضًا في قوالب، مثل الممثل إياه الذي ارتدى «الفلاته البيضا» في قدمه ليمثل رجال الصعيد!

على المنازل أن تبدو هكذا، وعلى الشوارع أن تبدو هكذا، فتغرق في ديكور مزيف، ويغرق الفن في افتراضات زائفة، ويخرج ماسخ بلا طعم. لكن لكل هذا الهراء في النهاية نكهة، نكهة منفرة من الفن ومقللة من قيمته، لهذا وبلا شك «شابوه» منى ذكي، و«شابوه» لكل من حفظ الفن من النكهة.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة