زلزال يضرب تركيا وسوريا وتداعياته تفجع العالم

استيقظ العالم صباح الاثنين الماضي على زلزال قوي ضرب جنوب شرقي تركيا قرب الحدود السورية وأجزاء واسعة من شمال وغرب سوريا، وأعقب الزلزال الأول الذي كان مركزه بالقرب من مدينة غازي عنتاب زلزال آخر بنفس الشدة تقريبًا، وكان مركزه شمالي غازي عنتاب.

اعتبر الزلزال مميتًا وكبيرًا، وقدرت شدته بـ 7.8 درجة، حسب المقياس الرسمي. وكان مركزه قريبًا من سطح الأرض نسبيًا، على عمق حوالي 18 كيلومترًا، مما تسبب في أضرار جسيمة للمباني على سطح الأرض، وأدى إلى مقتل نحو 5 آلاف شخص على الأقل.

الزلزال العنيف شعر به سكان في مصر ولبنان وسوريا والعراق وقبرص واليونان وأرمينيا، بينما أعلنت السلطات التركية درجة الإنذار الرابعة التي تعني طلب مساعدة دولية، كما يساعد الجيش التركي في نقل الفرق الطبية إلى المناطق المنكوبة.

تداعيات الزلزال

بعد يوم من الزلزال بدأت تركيا وسوريا في تقييم الأضرار التي خلفها، وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن المناطق العشر المتضررة من الزلازل في جنوبي تركيا منطقة كوارث، فضلًا عن فرض حالة طوارئ لمدة ثلاثة أشهر.

وقال أردوغان، في كلمة تلفزيونية، إن 70 دولة عرضت المساعدة في عمليات البحث والإنقاذ،  وإن تركيا تخطط لفتح فنادق في مركز السياحة في أنطاليا، غربي البلاد، لإيواء المتضررين من الزلازل بصفة مؤقتة. كما أعلن أن حصيلة القتلى في تركيا ارتفعت إلى 3549 شخصًا.

ووصل عدد القتلى في سوريا  حتى الآن نحو 1400 شخص، حيث يعيش ملايين اللاجئين في مخيمات على الحدود التركية. في حين أعلنت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية في بيان أنه جرى إنقاذ نحو 8000 شخص من أكثر من 4700 مبنى مدمر، إلى جانب تضرر قلاع تاريخية ومبان أثرية في تركيا وسوريا، بينها قلعة غازي عنتاب التاريخية التي تهدمت أجزاء منها، وفقًا لرويترز.

وقالت وسائل إعلام رسمية سورية إن عددًا كبيرًا من المباني انهار في محافظة حلب، وإن عدة مبانٍ انهارت في حماة. وفي مدينتي بيروت وطرابلس اللبنانيتين خرج الناس إلى الشارع سيرًا على الأقدام واستقلوا سياراتهم للابتعاد عن مبانيهم، بعد تعرض منازل عتيقة في المدينتين للعديد من التصدعات.

على الجانب الأخر أعلن رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، جاد القاضي، أن محطات الشبكة القومية للزلازل والتابعة للمعهد، سجلت هزة أرضية على بعد 691 كيلومترًا شمال رفح يوم الاثنين الماضي، وأن الهزة الأرضية وقعت في الساعة 3:17 صباحًا بالتوقيت المحلي، بقوة 7.9 درجة على مقياس ريختر.

وتتعرض حكومة أردوغان لضغوط متزايدة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي بسبب ما يعتبره معارضون رد فعل بطيء إزاء أشد زلزال يضرب تركيا منذ نحو قرن.

فيما  حذرت منظمة الصحة العالمية، من احتمال تضرر ما يصل إلى 23 مليون شخصًا من الزلزال المدمر الذي أودى بحياة الآلاف في تركيا وسوريا.

تقديم يد العون

تسارعت دول عديدة من أنحاء العالم لمد يد العون، بينما تعيق الأمطار والثلوج جهود المنقذين، لكن فرقًا متخصصة من دول عدة بينها إيطاليا والولايات المتحدة وتايوان في طريقها إلى المواقع المتضررة. فبحسب الاتحاد الأوروبي يتم إرسال فرق بحث وإنقاذ إلى تركيا، كما يتوجه منقذون من هولندا ورومانيا إلى المناطق المنكوبة، وقالت المملكة المتحدة إنها سوف ترسل 76 متخصصًا ومعدات وكلاب إنقاذ للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ.

وتلقى الرئيس السوري اتصالين هاتفيين من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والجزائري عبد المجيد تبون، أكدا خلالهما على الاستعداد لتقديم العون إلى سوريا في ظل كارثة الزلزال.

وأكد السيسي، تضامن مصر الكامل مع الشعبين السوري والتركي، و استعداد مصر لتقديم المساعدة لمواجهة آثار ذلك الزلزال.

في حين أعلنت الإمارات بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، عن إنشاء مستشفى ميدانيًا، وإرسال فريقي إنقاذ إمدادات عاجلة إلى المتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا. كما تم إنشاء جسر جوي لإرسال مساعدات وطواقم طبية عاجلة باسم دولة الكويت إلى تركيا.

أسباب الزلزال

تتكون قشرة الأرض من أجزاء منفصلة، تسمى صفائح، تتجمع جنبًا إلى جنب. وتتحرك هذه الصفائح مرارًا، لكن احتكاكها بألواح مجاورة يمنعها من ذلك. لكن في بعض الأحيان يتراكم الضغط حتى تنقلب إحدى الصفائح فجأة، مما يتسبب في تحرك السطح.

وفي حالة الزلزال الحالي كانت الصفيحة العربية تتحرك شمالًا وتطحن في احتكاكها صفيحة الأناضول. وكان احتكاك الصفائح مسؤولًا عن زلازل مدمرة للغاية في الماضي في شرق تركيا.

من جهتها أوردت «كارمن سولانا»، عالمة البراكين في جامعة «بورتسموث» البريطانية في تصريحات صحفية أن تشييد المباني يشكل عاملًا رئيسيًا عند حدوث الزلزال، وأن مقاومة البنية التحتية متفاوتة في جنوب تركيا وخصوصًا في سوريا. لذلك، فإن إنقاذ الأرواح يعتمد الآن على سرعة الإغاثة.

كما أشار عالم البراكين «بيل ماكغوايرمن» لـ«فرنس برس»، إلى أن العديد من المباني «انهارت على شكل طبقات»، موضحًا أن ذلك يحدث عندما لا تكون الجدران والأرضيات متصلة بشكل كافٍ، فينهار كل طابق عموديًا على الطابق السفلي، الأمر الذي يترك للسكان فرصة ضئيلة للبقاء على قيد الحياة.

كوارث سابقة

في عام 1999 أدى زلزال في تركيا إلى إصدار تشريع في عام 2004 يلزم جميع المباني الجديدة بالامتثال لمعايير مقاومة الزلازل. ومن المتوقع أن يدفع حجم الدمار المسجل السلطات التركية إلى التحقق من مدى احترام القانون، بحسب «جوانا فور ووكر» من معهد الحد من المخاطر والكوارث في جامعة لندن.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة