200 مليون فتاة تعرضن للختان بحلول 2023.. متى تتوقف هذه المجزرة؟

هي ممارسة تنطوي على تغيير أو إصابة الأعضاء التناسلية للإناث لأسباب غير طبية، معترف بها دوليًا باعتبارها انتهاكًا لحقوق الإنسان، وتشير إلى جميع الإجراءات التي تتضمن الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى أو إلحاق إصابات أخرى بتلك الأعضاء بدواعٍ لا تستهدف العلاج. وتعد أحد أقسى الجرائم التي تتعرض لها الفتيات والنساء، ليس فقط لكونها تقع على فتيات صغيرات غير مدركات لحقيقة ما يتعرضن له، بتشجيع من الأهل عالمهم الوحيد ومصدر أمانهم، إنما لأنها  تؤسس أيضًا لحياة لا تخلو من البؤس والمشاكل الصحية.

في 6 فبراير من كل عام يتحد العالم  على عدم التسامح مطلقًا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، المتعارف عليه بـ«الختان»، والذي تعرضت له أكثر من 200 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم، بحسب ما كشفته منظمة الأمم المتحدة في بيان حديث.

ولم تقتصر نتيجة الختان على التشويه الجسدي فقط، حيث تسببت هذه الممارسات بتعرض ملايين الفتيات إلى خطر الموت خلال عمليات الختان، كما يصبحن عرضة لحدوث اضطراب في الدورة الشهرية ومشكلات في المثانة مدى الحياة، إلى جانب الالتهابات المتكررة وعدم القدرة على الولادة الطبيعية وغيرها من التأثيرات الصحية. ومن المتوقع أن تتعرض 68 مليون فتاة لخطر الختان بحلول العام 2030.

كما يمثل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، الذي يتم ممارسته بمناطق مختلفة حول العالم،

انتهاكًا لحقوق الإنسان، ويعد شكلاً من أشكال التمييز ضد الفتيات والنساء وتجذّر لعدم المساواة بين الجنسين.

في المقابل أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث يؤدي إلى أعباء اقتصادية ضخمة تتعلق بالرعاية الصحية للتشويه، قٌدرت بـ 1.4 مليار دولار أمريكي سنويًا، ومن المتوقع أن تزيد هذه التقديرات إلى 2.1 مليار دولار أميركي سنويًا بحلول عام 2047 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.

ورغم الجهود المستمرة للتوقف عن هذه الممارسة القاتلة للفتيات في مصر، لا يزال هناك تعنت من قبل بعض الأطباء للاستمرار في تنفيذها، ما يعرف بظاهرة “تطبيب الختان”.

التاريخ التشريعي للختان في مصر

عام 1994 صدر قرار وزاري بالسماح بإجراء ختان الإناث في المنشآت الطبية فقط، ما أعطى انطباع خاطئ أن الختان لا يضر إذا تم على يد طبيب، وفي 1995 وصلت نسبة الفتيات التي تعرضن للختان على يد الأطباء لـ 55%. وخلال عام 1997 صدر قرار وزاري بحظر الختان إلا لوجود ضرورة طبية، ما أعطى سلطة أكبر للأطباء في تقرير مصير الفتاة، على الرغم من عدم وجود أي مرجع علمي للختان أو أي ضرورة طبية.

وبحسب المسح السكاني الصحي 2014، تعد ظاهرة تطبيب ختان الإناث الأكثر شيوعًا في مصر، إذ تعرضت 8 من كل 10 فتيات للختان على أيدي أفراد طبيين. وعند مقارنة الأمهات والبنات، فإن اتجاهات التطبيب تزداد بحدة على ما يبدو، إذ خضعت 37.9% من الأمهات للإجراء على يد مهنيين طبيين، مقارنة بـ 81.9 % من البنات.

ورغم صدور قانون لتجريم الختان عام 2008، لا تزال الأرقام التي تحتلها مصر في إحصاءات الختان مرعبة، وتظل أعداد الفتيات اللاتي قتلن على يد أطباء أثناء إجراء الختان ضخمة جدًا، بينهن الطفلة ندى حسين، 14 عامًا، التي توفت في 2020  بعد تعرضها لصدمة عصبية أثناء إجراء عملية التشويه على يد طبيب نساء وتوليد متقاعد.

وفي يناير 2021 أقر مجلس النواب المصري بأغلبية ثلثي أعضائه مشروع قانون لتغليظ عقوبة ختان الإناث، لتصل إلى السجن المشدّد عشرين عامًا، لتكون عقوبة رادعة حيال جرائم الختان. ويشمل التعديل شطب عبارة الضرورة الطبية، ويعاقب بالحبس كل من روج أو شجع أو دعى بإحدى الطرق المبينة بالمادة (171) من هذا القانون، لارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر.

إلا أنه لا يتوافر أي عدد دقيق لضحايا تلك العمليات التي تجري غالبًا في إطار طبي غير شرعي، بالإضافة إلى خوف الأهل من الإبلاغ عن وفاة ما أو إصابة بسبب مثل تلك العمليات.

أرقام صادمة عن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث

وعلى الرغم من وجود انخفاض في انتشار ظاهرة ختان الإناث في الفئة العمرية (15-17 عامًا) بأكثر من 13% من 2008، ما يقرب من 92% من النساء المتزوجات اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 14 إلى 49 سنة خضعن للختان، وفقًا للمسح السكاني الصحي 2014، كما أن غالبية الفتيات في مصر (75%) خضعن للختان في عمر 9-12 سنة، وحوالي 14% منهن قبل سن السابعة من العمر. ولا يزال هناك تأييد واسع لهذه الممارسة بين الذكور والإناث، فأكثر من نصف السيدات المصريات (58%)، وحوالي نصف الرجال المصريين (50%) يؤيدون استمرارية هذه الممارسة. كما أن غالبية الشباب المصريين يؤيدون استمرارية الختان، فوفقًا لبيانات المسح الأخير للنشء والشباب في مصر في عام 2015، فإن 70.7% من الفتيات 68.6% من الشباب الذكور ممن شملهم المسح ينوون ختان بناتهم في المستقبل.

في المقابل، يبقى تشويه الأعضاء التناسلية للذكور بلا أي قيود أو رقابة من أي نوع، ويندر الحديث عنه، رغم كونه لا يقل أذى عن مثيله عند الإناث، وهو ما تؤكده عدة دراسات.

بعض المبادرات

حاربت الكثير من النساء المعنيات بحقوق المرأة من أجل التوقف عن جريمة الختان، وتطالب الجمعيات والمنظمات النسائية حتى اليوم بإصدارالقانون الموحد لمناهضة العنف ضد المرأة، الطريق إلى جيل جديد من التشريعات الشاملة والمستدامة، والذي سيشمل الختان كأحد أشكال العنف ضد النساء، خاصة مع تنامي معدلات العنف ضد المرأة في المجالين العام والخاص.

ولا ننسى الكاتبة والطبيبة المصرية نوال السعداوي، التي وثقت من خلال تجارب طفولتها بوضوح كيف تعاني النساء من خضوعهن  لعملية الختان، ووصفته في كتابها «الوجه العاري للمرأة العربية». وعلى مدار حياتها، ناضلت نوال ضد ختان الإناث، واصفة إياه بأنه أحد أداوات قمع النساء.

خلاصة، إن القضاء على جريمة الختان يحتاج إلى توافق بين الإرادة السياسية والجهات التنفيذية للدولة، للعمل في اتجاه واحد لردع كل من تسول له نفسه إيذاء الفتيات والنساء في مصر، أو تضليلهن بأن لهن في الختان أي منافع صحية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة