جدل حول مشروع قانون المسؤولية الطبية ونقابة الأطباء ترد على مجلس النواب

أثار مشروع قانون المسؤولية الطبية المطروح للنقاش أمام البرلمان المصري حالة من الجدل، بسبب ما تضمنه من مواد رفضتها نقابة الأطباء، خاصة المواد التي تجيز حبس الأطباء في بعض حالات الخطأ الطبي، واعتبرت النقابة أن إقرار هذا القانون سيؤدي إلى هجرة من تبقى من الأطباء المصريين.

من ناحيتها، وجهت نقابة الأطباء إلى مجلس النواب ردًا مفصلًا على مشروع القانون المقدم من بعض أعضائه، والذي عرضه على نقابة الأطباء لإبداء الرأي فيه. وتناول خطاب الرد، الذي أرسله الدكتور حسين خيري نقيب الأطباء، شرحًا تفصيليًا لملاحظات الأطباء على مشروع القانون، وكذلك طلبات وتطلعات الأطباء في قانون يحقق الاستقرار، ويحمي مزاول المهن الطبية اقترانًا بالحفاظ على حقوق المريض، وشملت أهم ملاحظات وطلبات نقابة الأطباء الآتي:

1- التأكيد على عدم جواز عقوبة الحبس في الخطأ الطبي إلا لمزاول المهن الطبية بدون ترخيص أو خارج التخصص بصفة متعمدة في غير حالات الطوارئ.

2- ضرورة النص على تشكيل لجان نوعية طبية تفحص قضايا الخطأ الطبي وتضع تقريرها.

3- ضرورة النص على اختصاص لجنة المسئولية الطبية دون غيرها بتلقي شكاوى الخطأ الطبي والإحالة إليها من جميع سلطات التحقيق المختلفة.

4- ضرورة توضيح تغطية صندوق التعويض عن مخاطر المسؤولية الطبية للتعويضات المادية التي يصدر بها أحكام نهائية لصالح المتضرر، وكذلك تعويض مقدم الخدمة عن أية أضرار مادية تلحق به أثناء التحقيقات.

5- ضرورة النص على عدم قبول دعاوى التعويض إلا بعد صدور قرار نهائي من لجنة المسئولية الطبية.

6- عدم جواز النشر بوسائل الإعلام عن قضايا الخطأ الطبي إلا بتصريح من لجنة المسئولية الطبية.

وتضمنت العقوبات التي جاءت في الفصل الخامس والأخير من مشروع القانون على عقوبة الحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتي ألف جنية ولا تزيد عن مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين،  لكل من أخل بالمسئولية الطبية بمخالفة الالتزامات، أو ارتكب المحظورات المنصوص عليها في القانون.

وعرف مشروع القانون في مادته الأولى الخطأ الطبي بأنه: «كل فعل إيجابي أو سلبي يرتكبه مقدم الخدمة، ولا يتفق مـع القواعـد المهنية والأصول الفنية المتعارف عليها، والمعايير الدولية للممارسة الصحية الآمنة، والذي ينتج عـن إهمال أو رعونة أو إخلال بواجبات الحيطة والحذر واليقظة، أو عـدم بذل العناية اللازمة أو جهل بالأمور الفنية التي يفترض الإلمام بها في كل من يمارس المهنة.

وحظرت المادة الخامسة من الباب الثاني بعنوان «الأحكام العامة»، على مقدم الخدمة معالجـة متلقي الخدمة دون رضاه، فيما عـدا حالات الطوارئ، والتي يتعذر فيها الحصول على الموافقـة لأي سبب مـن الأسباب، أو الحالات التي يكون فيهـا مرضه معـديًا ومهـددًا للصحة أو السلامة العامة.

كما حظر القانون في المادة نفسها الامتناع عـن عـلاج متلقي الخدمة فـي حالات الطوارئ أو الخطر على الحيـاة، أو الانقطاع عن علاجه، بالإضافة إلى استعمال وسائل غيـر مرخص بها أو غير مشروعة في التعامل مع الحالة الصحية لمتلقي الخدمة، فضلًا عن القيام بإجراء طبي غير مصرح به من قبل الدولة.

وتضمن القانون إنشاء لجنة عليا للمسؤولية الطبية، أسند إنشائها إلى مجلـس الـوزراء، ومقرها القاهرة، على أن يكون لها لجان فرعية في المحافظات تختص ببحث الشكاوى والطلبات المحالة للجنة.

وفي تصريحات صحفية سابقة، قال الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، إن مشروع القانون أقر عقوبة الحبس في قضايا الأخطاء الطبية (دون وجود شبهات جنائية)، وهذا يفرغ مشروع القانون من هدفه الأصلى، بالإضافة إلى فرض غرامات كبيرة تصل إلى مليون جنيه، إلى جانب التعويض المقرر لمن أصابه الضرر من الخطأ.

وأوضح الطاهر أن عقوبة الحبس لا نجدها فى قوانين الدول الأخرى التي سبقتنا فى هذا المجال، إلا إذا كانت هناك شبهات جنائية أو عمل دون ترخيص أو تعمد الإضرار أو مخالفة قوانين الدولة، لأن هذه تعد جرائم طبية وليست أخطاء طبية، أما الأخطاء الطبية فلها عقوبات أخرى مثل التعويض للمضرور تدفعه شركة التأمين من حصيلة اشتراكات الأطباء، هذا بالإضافة لإعادة تأهيل الطبيب الذي يحتاج لذلك، وأحيانًا وقف قيده أو شطبه من سجلات المهنة.

وأشار عضو مجلس نقابة الأطباء إلى أن عقوبة الحبس لن تؤدى إلى تحسين الخدمة الطبية، ولن يستفيد منها المريض شيئًا، بل تؤدى أحيانًا لما يسمى بمصطلح «الطب الدفاعي»، أي أن بعض الأطباء قد يمتنعون عن التدخل السريع الناجع في الحالات المعقدة التي تكون نسبة نجاح علاجها ليست كبيرة خوفًا من تعرضهم للحبس، وبالتالي فإن النتيجة السلبية سوف تعود على المريض.

وعلى مدار السنوات الماضية طالبت النقابة بضرورة تشريع قانون للمسؤولية الطبية، وخلال هذه السنوات طرحت نقابة الأطباء عدة مشروعات للقانون كان آخرها في أكتوبر2021، لكنه لم يناقش في البرلمان.

وبحسب تصريحات للطبيب إبراهيم الزيات، عضو مجلس النقابة، شهد العام الماضي وجود 54 ألف قضية مسؤولية طبية. في المقابل تقدر وزارة الصحة عدد الأخطاء الطبية في مصر سنويًا بـ 180 ألف حالة، وحسب تصريحات نقابة الأطباء فإن نحو 20 طبيبًا يتم شطبهم من النقابة سنويًا بسبب الأخطاء الطبية.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة