«جيل الألفية، أو جيل واي أو بنو الألفية، هو مصطلح مستخدم لوصف الفئات السكانية التي تتكون من الأشخاص الذين ولدوا في الفترة ما بين 1981 و1996، ويُعرف الناس في هذه الفترة بجيل الألفية». هكذا اهتمت الدراسات الاجتماعية بهذا الجيل لما له من خصوصية كبيرة من عادات جديدة ثار فيها على عادات مجتمع الآباء، وكان هذا هو حال أسر هذا الجيل في بريطانيا، حيث بدأت في تقليد المصريات في العديد من الظواهر الأسرية.
ووفقًا لما رصدته الدراسات الاجتماعية لهذا الجيل، فقد ارتفاع معدل المواليد في هذه الفترة بشكل يشابه نسبة ارتفاع المواليد بعد الحرب العالمية الثانية، ومع الظروف الاجتماعية لهذا الجيل لجأت أمهات إنجلترا الجدد إلى تقليد عادة الأسر المصرية في إعادة تدوير ملابس الأطفال، ولكن لهذا الأمر دوافع وأسباب.
الظاهرة تنتشر وترصدها الصحافة
مع دخول جيل الألفية سن الأبوة، يبدو أن ثقافة الآباء داخل إنجلترا بدأت تتغير وتقترب من ثقافة المجتمع المصري، وذلك مع انتشار ظاهرة شراء ملابس الرضع والصغار المستمعلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي الظاهرة التي كشفت عنها جريدة الـ«جارديان» البريطانية.
وفي تقريرها عن تلك الظاهرة، ذكرت «جارديان» أن جيل الألفية في سن الأبوة هو جيل مهتم بظاهرة الاستهلاك المفرط والاحتباس الحراري، وبدأ بالبحث عن حلول لتلك الظواهر، فبحث عن الطريقة الأكثر استدامة لملابس أطفالهم وتربيتهم، وكانت النتيجة هي فكر اقتصادي بإعادة تدوير ملابس الأطفال بمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تكون بحالة جيدة بعد انتهاء استخدامها مع نمو الطفل صاحب تلك الملابس.
تلك الظاهرة رصدتها مراكز البحث الاجتماعي ببريطانيا، ويقول «ساشي داران» أخصائي اجتماعي وأب لطفلة تبلغ من العمر تسعة أشهر: «لقد أصبح سوق فيسبوك حقًا طريق الحرير – الطريق الأمثل للتسوق - لملابس الأطفال»، إن كانت تلك الظاهرة لم تجعل شراء الجديد يختف تمامًا».
لا تضيعوا نقودكم على ملابس أطفال جميلة جديدة
وفي رصد للظاهرة تحدث عدد من الآباء الجدد عن كيفية القيام بعمليات شراء الملابس لأطفالهم، بينهم «جيمس جاليشيو» مطور ويب وأب لطفلتين توأمتين تبلغان من العمر شهرين، والذي كان واضحًا تحيزه لتلك الظاهرة عندما علق: «لا تضيعوا نقودكم على ملابس أطفال جميلة جديدة».
وفقًا لـ«جاليشيو»: «لا يوجد إمكانية لبقاء ملابس الأطفال معهم لفترة طويلة نظرًا لنمو الجسد بمرحلة سريعة في تلك الفئة العمرية، ولذلك يتم إعادة تدوير جميع ملابسهم وإعادة استخدامها بين العائلات».
وذكر والد التوأمين، أنه لم يشتر هو وزوجته أي ملابس جديدة لبناتهم لأنهم تلقوا الكثير من الدعم والملابس من الأصدقاء، ويضيف: «كان الأمر سيصبح مكلفًا للغاية في حالة شراء مجموعة جديدة من الملابس والقمصان الداخلية كل بضعة أشهر مع كبر الأطفال، بل وأكثر من ذلك إذا كنت مثلنا ولديك توأمان».
ووفقًا لما ذكره الوالد، فإنه توجه إلى مجموعات عبر الإنترنت، وعائلات أخرى مرت بتجربة مماثلة، للحصول على الدعم وملابس الأطفال. وختم «جاليشيو» حديثه عن التجربة: «لا جدوى من إنفاق المال على ملابس الأطفال الجميلة بينما ينمو الأطفال بسرعة كبيرة، وأنا لا أهتم حقًا بالشكل الذي تبدو عليه بناتي في الوقت الحالي».
توريث الملابس أصبح جزءًا من معتقدات الأسرة
تقول «ويندي سيفريت»: لم أشتر سوى قطعة ملابس جديدة لأبنتي رغم أنها عمرها ستة أشهر، وأصبح لدينا معتقدات وأنظمة قيم خاصة بالأسرة لدينا، ونقوم بتوريث الملابس من جيل إلى جيل».
ويُعد تنظيم مقايضة الملابس مع الأصدقاء ومنصات الإنترنت الطريقة المفضلة لدى «سيفرت» للحصول على ملابس الأطفال، وتقول: «لطالما كنت أقدر الاقتصادات الدائرية بين الآباء، إنها إلى حد كبير شكل من أشكال التواصل».
ليس الملابس فقط
لم يقتصر الأمر على الملابس فقط، فأي شيء له قيمة ومفيد للعائلات الأخرى من الأدوات أو الألعاب يتم إعادة تدويره، من خلال العطاء أو البيع أو التبرع، وعادة ما يتم تقديم أواني الأطفال للأمهات الأخريات، في حين يتم التبرع بالسلع الخاصة بالأطفال الأكبر سنًا للجمعيات الخيرية.
وصف الأشخاص الذين تمت مقابلتهم الاحتفاظ ببعض العناصر معروضة أو في المخزن بقصد نقلها إلى الأبناء أو الأحفاد في وقت لاحق (الموروثات المقصودة). الموروثات المقصودة لها قصص أسطورية عن الأصل، وتؤكد هوية الأسرة، وبعضها يظهر خصائص القداسة.
الظاهرة في أمريكا والدافع هو البيئة
يبدو أن الظاهرة بدأت في الظهور في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الدافع هذه المرة ليس التكلفة المالية، ولكن الحفاظ على البيئة. كانت البداية مع المراهقتين «كارا ليفينجستون» و«نيكول بوينتون»، حيث قامتا بتبادل الملابس والأحذية وهما في الصغر بشكل عفوي، ولاحظا أن مشاركة الملابس تقلل من النفايات البيئية.
قالت «بوينتون»، وفقًا لتقرير لصحيفة «واشنطن بوست»: «حبنا للملابس المستعملة فتح أعين كارا على عالم الظلم والقضايا البيئية والاستهلاك المفرط في صناعة الأزياء، ولكن بعد أن أصبحنا أمهات، أدركنا أن الآباء يجدون أنه من السهل جدًا شراء ملابس غير مكلفة لأطفالهم الذين ينمون بسرعة، وقد تراكمت جميعها وخلقت النفايات».
وبالفعل أسسا شركة عبر الإنترنت تبيع كبسولات ملابس الأطفال، ومجموعات من الملابس البالية التي يمكن دمجها بسهولة في ملابس، وتقدم مدونة الشركة نصائح للعائلات للعيش بشكل أكثر استدامة، بما في ذلك كيفية مقايضة الملابس.
وجاء في التقرير أن تأثير نفايات الملابس مذهل، فوفقًا لمجلس إعادة تدوير المنسوجات يتخلص المواطن الأمريكي العادي من 70 رطلًا من الملابس والمنسوجات الأخرى سنويًا، تقدر وكالة حماية البيئة أنه من بين 17 مليون طن من المنسوجات المنتجة في عام 2018، تم إعادة تدوير 2.5 مليون طن فقط.
وهذا يعنى أنه نتيجة لذلك، مقابل كل خمسة ملابس يتم إنتاجها ينتهي الأمر بثلاثة في مكب النفايات أو يتم حرقها كل عام، والمواد التركيبية مثل البوليستر المصنوعة من البترول ليست قابلة للتحلل البيولوجي، وتلقي بجزيئات بلاستيكية صغيرة، ولذلك تكونت أكبر جزيرة بلاستيكية عائمة في العالم، تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا، تتكون من 1.8 تريليون قطعة بلاستيكية، يحتوي جزء منها على هذه الألياف التي تقتل آلاف الحيوانات البحرية سنويًا.
الظاهرة مصرية أصيلة
وتعد ظاهرة توريث ملابس الأطفال داخل الأسرة أو تبادلها بين الأسر المقربة ظاهرة داخل المجتع المصري، حتى وصل الأمر في بعض الأسر أن يقوم الأبناء بارتداء ملابس كانت تخص والديهما في الصغر، واحتفظت بها الجدة ولم تتخلص منها.
وفي كثير من الأحيان تقوم تلك الأسر باستعادة ملابسها التي قامت بإعطائها لأسرة أخرى، وذلك عندما يأتي طفل جديد للأسرة، مع عدم غياب فكرة شراء طقم ملابس جديد من منطلق الفرحة والسعادة للطفل، وكذلك تكون معظم هدايا المولود الجديد عبارة عن قطع ملابس جديدة تأتي من الأقارب والأصدقاء.