سلام يا محمد.. يا طبيب الكلمة والأمل

بقالي سنة تقريبًا مش عارف أكتب حاجة عن محمد أبو الغيط، و لا عارف أكلمه و لا أبعتله..

أنا و محمد عرفنا بعض على المستوى الشخصي من فترة مش بعيدة، قبل كده كانت مجرد معرفة متابعة أخبار بعض، ومتابعة على الفيسبوك. اتقابلنا في لندن كذا مرة و قعدنا نتكلم كتير عن علاقة كل واحد فينا بالطب، و باللي عملته فينا السياسة.

ده كان عامل مشترك كبير بيننا، لأننا مع إننا بنحب الطب فعلًا وبنحب ممارسته، إلا إن الثورة غيرت حاجات جوانا كان صعب نرجع بيها تاني للي كنا مخططينه لنفسنا قبلها..

ومع ذلك اتناقشنا في إمكانية اننا نسيب السياسة على جنب بعد ما الدنيا قفلت تمامًا في مصر، وإننا نرجع نركز في الطب وبس تاني، لكن ماحدش فينا قدر ياخد الخطوة دي. بعدها بشوية اتقبض عليا وبعدت عن الطب والسياسة غصب عني.

بعد ما خرجت رجع التواصل بس بالرسائل بس، عشان مارحتش لندن من ساعتها. كان تواصل خفيف بطعم الإحباط بعد اللي كل واحد فينا مر بيه، وحتى أوهام إننا نرجع نركز في الطب بس اتبخرت.

لحد ما كتب في يوم عن اكتشافه الإصابة بسرطان المعدة..

اتحركت جوايا غريزة الطب و كلمته فورًا، وقولتله اني هاقدر أساعد إنه يتواصل مع واحد من أفضل جراحي العالم في المجال ده، لأن واحد من أقرب أصدقائي كان المساعد بتاعه في لندن لسنين طويلة. تحمس محمد جدًا وبدأنا الترتيبات وقدرنا فعلًا نظبطها إنه يعمل العملية عنده.

بعد العملية اتكلمنا وحكالي على متاعب ما بعد العملية كما لم أسمعها من أي حد في حياتي، لأنه دكتور وفي نفس الوقت أديب، بالتالي وصفه لكل المشاكل والمضاعفات كان دقيق لأبعد حد، لكنه كان في غاية الامتنان للدكتور اللي عمل العملية لأنه فهم كويس إنه عملها بأفضل شكل ممكن، وشال كل جزء ممكن يشتبه في إنه مصاب بالورم.

بعد رحلة الأمل دي فوجئنا بنتائج الإشاعات والتحاليل بإن الورم مازال في الجسم. كانت أخبار صادمة لينا احنا بالذات طبعًا لأننا فاهمين معنى ده إيه، لكن برده عارفين إن في أساليب علاجية جديدة ممكن تساعد على السيطرة عليه شوية..

بدأنا مناقشات في رحلة أمل جديدة في أمريكا، مع البحث على تجارب سريرية في نوع الورم اللي كان عنده، واحدة واحدة بدأنا ندرك إن الوضع صعب جدًا السيطرة عليه. الكلام ده من سنة تقريبًا، مبقناش لاقيين حاجة نقولها لبعض، الكلام العلمي خلص، مبقاش فاضل غير كلام الأدعية وبس، و ده بين الدكاترة معناه حاجة واحدة بس..

ماقدرتش أبعتله تاني، مابقتش عارف أبعت أقول إيه!

أي حاجة هاقولها هيفهم انها تطييب خاطر وخلاص، لأنه فاهم زيي وأكتر إنه خلاص، لكنه من جماله قرر إنه يبث روح الأمل والتفاؤل في كل اللي حواليه عشان هما يعرفوا يعيشوا معاه الفترة دي بأكبر قدر من الأمل..

أمل هو أول واحد كان عارف إنه مش موجود، لكنه بينشره لكل اللي معاه، بالذات عشان خاطر إسراء و يحيي..

حالة الأمل اللي كان بيبثها محمد في بوستاته كانت آخر هداياه الجميلة لينا كلنا، بيقولنا إذا كنت أنا وأنا في آخر مراحل مرض لعين زي السرطان و باتكلم في الأمل، يبقى إزاي ممكن أي حد فينا يفقد الأمل في أي حاجة في الدنيا؟!

ربنا يرحمك يا محمد و يجازيك على كل كلمة ساهمت بيها في تشخيص أمراض مجتمعنا المستعصية، وحطيت بيها أمل في مستقبل أفضل لينا ولأولادنا.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة