نوادر مونديالية (3)

مرت السنوات واستضافت ألمانيا الغربية النسخة العاشرة من كأس العالم لكرة القدم، التي أقيمت عام 1974، ولأول مرة في تاريخ الكأس شهدت البطولة إقصاء منتخب الاتحاد السوفيتي، الذي خسر بطاقة التأهل لألمانيا الغربية لصالح التشيلي بسبب الخلافات السياسية.

كان من المقرر أن تجرى مقابلتا الملحق بين كل من الاتحاد السوفيتي والتشيلي في ظروف سياسية ودبلوماسية متأزمة، فخلال ذلك العام حدث في تشيلي انقلاب الجنرال «أوجستو بينوشيه»، الذي أطاح بالرئيس ذي الميول الاشتراكية والماركسية «سلفادور ألينديكما». أمر بينوشيه أثناء انقلابه في سبتمبر 1973 بنقل الآلاف من الشخصيات السياسية المصنفة بالمعارضة إلى الملعب الوطني بالعاصمة «سانتياجو» لتعذيبهم وإعدامهم، وسط إدانة عالمية لهذه الحادثة.

تميّز نظام «بينوشيه» بمعاداته للشيوعيين، ومع سماعه لخبر خوض المنتخب الوطني مباراة الذهاب في موسكو تشائم من فكرة سفر منتخبه للاتحاد السوفيتي، وفي النهاية سمح لهم بالسفر بشرط عدم تقديم أي تصريحات سياسية، وانتهت المباراة بالتعادل السلبي، بينما رفض الاتحاد السوفيتي بعد المباراة إرسال لاعبيه لتشيلي، مطالبًا باختيار بلد محايد لإقامة المباراة، وأكد على رفضه اللعب بالملعب الوطني الذي وضع فيه «بينوشيه» معارضيه السياسيين، جاعلًا منه مركزًا للاعتقال والتعذيب.

أرسل الاتحاد الدولي لكرة القدم لجنة لمعاينة الملعب، وبعد جولة تفقدية أعطت اللجنة الضوء الأخضر للتشيليين باستضافة مباراة العودة، وأرسلت موسكو للاتحاد رفضها خوض المباراة لأسباب أخلاقية، على ملعب ملطخ بدماء التشيليين. ومع إصرار السوفييت قرر اتحاد الكرة إقصاء منتخب الاتحاد السوفيتي، لتحصل تشيلي على بطاقة التأهل لكأس العالم.

كما شهدت هذه النسخة مواجهة من أغرب المواجهات في تاريخ مباريات كأس العالم، التقى فيها منتخبا ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية، قبل سقوط حائط برلين وتوحيد الألمانيتين، وهي المباراة الوحيدة في تاريخهما معًأ.

وقبل سنتين من انطلاق نسخة كأس العالم 1987 بالأرجنتين، شهدت البلاد مجيء مجلس عسكري بقيادة الجنرال «خورخي فيديلا»، بعد انقلاب قضى على حكم الرئيسة «إيسابيل بيرون»، وسط أعمال عنف راح ضحيتها 10 آلاف قتيل و15 ألف مفقود و8 آلاف سجين، بحسب منظمة العفو الدولية، مما زاد توتر المسؤولين في الفيفا، لكنهم نجحوا في الحصول على تعهد من «فيديلا» بعدم التعرض لمباريات المونديال.

اعتذر عدد من اللاعبين النجوم عن اللعب في البطولة لأسباب عديدة، بينهم النجم الهولندي «يوهان كرويف»، بعد تلقيه أكثر من تهديد بالخطف إذا ذهب إلى الأرجنتين، كما اعتذر النجم الألماني «بيكنباور» لالتزاماته مع ناديه الأمريكي «كوزموس»، بحسب تصريحاته.

اعتبر كثيرون بطولة الأرجنتين 1978 الأكثر إثارة للجدل، والأسوأ فى التاريخ على الإطلاق، بسبب ما شهدته من أحداث غريبة قبل وأثناء وبعد انتهائها، نتيجة لاختلاطها بالسياسة بشكل كبير. وكانت مباراة الأرجنتين وبيرو قد أثارت جدلًا كبيرًا حول وجود تلاعب فى النتيجة، ووجهت الاتهامات للأرجنتين بدفع رشاوى مالية لمنتخب بيرو، بعدما ساومت الحكومة البيروفية على الإفراج عن مواطنين من بيرو مسجونين فى الأرجنتين مقابل الفوز بالمباراة، فضلًا عن اتهامات أخرى للأرجنتين بإرسال كميات كبيرة من الحبوب لبيرو.

وشهد اللقاء النهائي قرار غريب جدًا، حيث تم تغيير حكم دولة الاحتلال الإسرائيلي«إبراهام كلاين»، الذي كان من المقرر أن يحكم اللقاء قبل بداية المباراة بدقائق معدودة، نظرًا للعلاقات الوطيدة التي تربط هولندا بدولته. كما رفض لاعبوا منتخب هولندا الصعود إلى المنصة لاستلام ميداليات المركز الثاني من الرئيس «فيديلا».

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة