أخوض حربًا من أجل البقاء حرة سالمة

جال بخاطري منذ ثوان معدودة وعيناي تترنح في جميع أنحاء الغرفة وصوت آذان الفجر يملأني.. الآن أنا في غرفتي وحديثي المعتاد مع نفسي لا ينقطع!!

أنظر الان الي الضوء المنبعث من كشاف هاتفي حيث اعتدت أيضًا أن أشعله حين تكون الغرفة في كامل عتمتها.. ترى هل أصبح هذا الضوء جليسي مع كل ليلة وأنا بجوار طفلي الجديد حتي أستطيع إتمام دوري كأم في تلبية ما يحتاجه حديث الولادة من رعاية ضاغطة على أعصاب الأمهات في هذا العمر؟

بداخلي شعور راكد الآن، بعد ثورة نفس كبيرة كانت منذ ساعات حيال أمور كثيرة جميعها ليست على ما يرام..

أحاول التجاوز والتخطي، ولكن في كل مرة أتعثر وتظهر ثغرة جديدة في حياتي البسيطة.. لماذا العجز الكامل في إيضاح حقيقة نفسك للآخرين وأنت تتعامل معهم؟! هل مازلت أبحث حتى أجد من يفهم ويتفهم كينونتي الضعيفة دون كل هذا الشقاء؟

أم ستمضي وتنتهي رحلتي في الدنيا ولن أجد ما أبحث عنه وما يريحني؟!

تذكرت الآن مشهدًا، وكأن الأحداث تحدث من جديد ولكن بطريقة مختلفة، ما أنا عليه الآن هو حدث ولكن في مكان آخر. الضوء الأصفر الحالك المنبعث من مراحيض المنفى ببشاعة منظره، وعتمة حالكة كحالي الآن. سكون تام وصوت قرآن الفجر، ولكني لست بغرفتي ، أنا سجينة في عنبر الأمهات أجلس على مخدعي وعلي يدي طفلي، وتتكرر كل ليلة أدوار الامومة المعتادة، وكل شيء حولي يستدعي البشاعة والامتعاض والحرمان وسلب الحريات لأم لا تقوى على شيء سوي الدعاء بأن تتنفس يومًا هواء الحرية. أي زمن هذا الذي نعيشه؟ وكيف انتزعت الإنسانية هكذا من البشر؟!

كان ظهري حينها محني، لا يوجد أمان ولا طمأنينة على الإطلاق. أتذكر أغنية أم كلثوم «بس أنا نسيت الابتسامة زي ما نسيت الآلام. والزمن بينسي فرح وحزن ياما». كنت وقتها أعاني مع جميع الأوقات العصيبة بمفردي، لا سند ولا يد عون سوى نفسي، أقضيها بمنتهى الحرمان والقسوة والجحود.

وأنا في تجربة أمومتي الأولى بجميع تفاصيلها كنت أنا فقط.

والآن أنا أيضًا بمفردي، لا أمان ولا حماية، أتجول مع مسؤلياتي الهائلة، ولا أجد حتى الاهتمام البسيط والرعاية القليلة. أنا الآن أخوض حربًا من أجل البقاء.. البقاء حرة آمنة سالمة ما تبقى من حياتي.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة