قد يشتاق البعض إلي نسيم الثورات، ويشعر أنها الحل لكل المشاكل، وأنها العصا السحرية التي ستمطر علينا المارشملو من السماء؛ وقد تحمل نسائم الثورات الحنين إلى الشباب أو المراهقة، أو إلى ماضي نشتاق إليه.
ولكن وحدهم من قاموا بالثورات أو شاركوا فيها يراودهم شبح التكلفة. وحدهم يعلمون أننا لا نملك التكلفة كأشخاص، أو حتي كدولة، اقتصاديًا واجتماعيًا، وأن الوضع الدولي الحالي لا يسمح برفاهية التغير أو محاولاته.
لا نستطيع إنكار جمال الحب وسحر البدايات ونشوتها، لكن فور أن نقرر ترجمة هذا الحب إلى واقع مستديم، ونبدأ الترتيب إلى حياة زوجية قائمة على التفاهم و التشاركية، تبدأ المسؤوليات والأعباء، وعندها وحده الحب الصادق ينجو من الاختبار. وهكذا الثورة بشرارة بدايتها، لكن إن تماهينا مع حبها وحده، ولم نتحمل مسؤولياتها، نصبح مفرطين في هذا الحب، ومضيعين لصدق الثورة، ونظل أسرى الصراعات الداخلية، ووحده الشعب من يدفع التكلفة، تحديدًا الفئات الأضعف والأقل دخلًا من الشعب.
من يدعو لأي وسيلة تغيير أو حراك سياسي يجب أن يكون قادرًا علي تحمل تكلفة دعواته، أو أن يعلن بمنتهى الصدق والأمانة من سيتحمل تكلفة حراكه عنه، فالواقع دومًا أقوى من الآمال والأحلام.
جميعنا أو معظمنا على الأقل لديه تعليقات وانتقادات للسياسة الحالية والنظام القائم، و لدينا العديد من الرموز والقواعد والشباب خلف أسوار السجون، ولكننا وصلنا إلى مرحلة التفاوض، بينما لا يختلف أي منا على أنه في ظل الأوضاع الحالية لا تملك الأطراف كلها تكلفة الرهان.
أنا أرفض دعوات يوم 11/11، ليس دفاعًا عن أشخاص، ولا انتماءً لنظام أو تيار، لكن بمنتهى الصدق والبساطة أنا لا أملك التكلفة، ولا أظن أن هناك من يملكها.