إعادة دمج المفرج عنهم.. محاولة لرد الاعتبار

أيام قليلة فصلت بين بدء لجنة العفو الرئاسي حملتها لإعادة دمج المفرج عنهم مجتمعيًا، وقرار حبس الناشط السياسي شريف الروبي، بعد أربعة أشهر فقط من الإفراج عنه، بعدما ألقت قوات الأمن القبض عليه على خلفية حديثه لإحدى القنوات التليفزيونية عن معاناته في العودة إلى حياته الطبيعية منذ خروجه من السجن.

وبحسب تصريحات أعضائها، تلقت اللجنة العديد من الطلبات من مفرج عنهم ومخلى سبيلهم، سواء بقرار من النيابة العامة أو بقرارات عفو من رئيس الجمهورية، وبدأ بالفعل فحص الملفات والتواصل مع أصحاب الطلبات لجمع المعلومات اللازمة، لحل المشكلات الخاصة بالعمل والدراسة، بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة.

يقول كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة السابق وعضو لجنة العفو الرئاسي، إن حملة إعادة دمج المفرج عنهم في المجتمع وعودتهم لأعمالهم أو دراستهم مهمة لحماية المجتمع بأكمله، مشددًا على أهمية الدور الذي تقوم به الحملة، خاصة بعد إثبات ظلم حبسهم، ومؤكدًا على أن الدمج هو الحل حتى لا يتحولوا إلى قنابل موقوتة، لافتًا إلى مواجهة المبادرة بعض العراقيل، فعلى سبيل المثال، على الرغم من التقديم لحوالي 14 من المفرج عنهم للعودة لعملهم في شركات التأمين، تم قبول 2 فقط حتى الآن.

من جانبه، يرى مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أن الجانب الجوهري في هذه الحملة هو رد الاعتبار والتمييز ما بين السياسي والجنائي، مضيفًا أن إعادة دمج الجنائيين الذين لديهم بعض الانحرافات السلوكية الغرض منها وضعهم في بيئة طبيعية ومساعدتهم في تحسين ظروفهم النفسية والاجتماعية، أما بالنسبة لسجناء الرأي والسياسيين فلابد من النظر إليهم بشكل مختلف، موضحًا أن أهم عنصر في إعادة دمج المفرج عنهم سياسيًا هو خلق شعور بالأمان والانتماء إلى بيئة آمنة، ووطن يكفل له الحرية، وأن الظروف التي أدت إلى سجنهم نتيجة لمعارضتهم السلمية لن تتكرر، ما  يعني ضرورة توقف سياسية تدوير القضايا.

وخلال السنوات الماضية، فصلت وزارات مختلفة عددًا من الموظفين بسبب انتماءاتهم وآرائهم السياسية. ففي أكتوبر 2019، أصدر وزير التعليم السابق طارق شوقي قرارًا بفصل 1070 معلم، في واحدة من أكبر عمليات الفصل الجماعي بالوزارة، بدعوى أنهم أصحاب أفكار متطرفة وعليهم أحكام قضائية. وفي نوفمبر 2020،  أدخلت تعديلات على القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي، وانتقد البعض تلك التعديلات، معتبرين الهدف منها «التنكيل بالموظفين ذوي الآراء السياسية المعارضة للحكومة».

مصطفى الزيات، أحد المفرج عنهم في عفو رئاسي، كان أحد المستفيدين من الحملة، حيث أعلن منذ أيام عن عودته إلى العمل بوزارة الكهرباء بعد خروجه من السجن. وقال الزيات في تدوينة إن وزارة الكهرباء أصدرت قرارًا بعودته للعمل مرة أخرى، ضمن جهود لجنة العفو الرئاسي في التواصل مع الجهات المعنية من أجل تيسير عودة المفرج عنهم للعمل، والطلاب إلى الجامعات، فيما أكد الصحفي سيد عبد اللاه، أنه بعد التواصل مع لجنة العفو، تم توفير فرصة عمل له في إحدى القنوات الفضائية، بدلًا من عمله الذي فقده بسبب فترة الحبس، لافتًا إلى أنه حتى الآن لم يستلم العمل، ولم يتم تسليمه تصريح دخول مدينة الإنتاج الإعلامي ليبدأ.

وعلى الرغم من نجاح الحملة خلال الفترة الماضية في إعادة بعض المفرج عنهم إلى أعمالهم السابقة، لا زال هناك الكثيرون في انتظار العودة إلى دراستهم أو عملهم، أو توفير فرص عمل بديلة، ولا زال أخرون، في انتظار نيل حريتهم، بينهم شريف الروبي، الذي كشفت تصريحاته – المقبوض عليه بسببها – عن حال أغلب السجناء السياسيين المخلى سبيلهم، ومعاناتهم الاقتصادية والاجتماعية، وعجزهم عن إيجاد عمل بسبب مخاوف أصحاب الأعمال من سابقة حبسهم.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة