قانون إصلاح أم قانون إنهاء حياة؟!

تضمن القانون رقم 73 لسنة 2021، الخاص بشروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، بأن التعيين أو التعاقد أو الاستعانة أو الترقية أو الندب أو النقل أو الاستمرار فى الوظائف العامة يَشترط ثبوت عدم تعاطي المخدرات، وذلك من خلال تحليل مفاجئ بمعرفة الجهات المختصة، كما أنه فى حالة ثبوت إيجابية العينة عند إجراء التحليل “الاستدلالي” للموظفين يتم إيقاف العامل لمدة يحددها القانون، أو لحين ورود نتيجة التحليل التوكيدي، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل، وعندما تتأكد إيجابية العينة عبر التحليل التوكيدي يتم إنهاء خدمته بقوة القانون، وتحدد حقوقه بعد إنهاء عمله طبقًا للقوانين واللوائح.

السؤال الحقيقي هل يعامل القانون هنا المدمن كمجرم أم كضحية؟! وهل السبيل لحل المشكلة من جذورها هو فصل الموظف المتعاطي؟ هل هذه هي الطريقة التي يتم بها معالجة هذا الموظف أو الوقوف على أسباب تعاطيه للمخدرات؟ وهل الصواب فصله وإخراجه للمجتمع كمتعاطي بلا عمل أو مصدر رزق؟
و هنا ستتعدد الاحتمالات، فإلى ماذا سيتحول هذا المتعاطي من دون عمل أو علاج؟ إلى مجرم أم مُنتكس أم رب أسرة فقير وذليل قد يلجأ إلى الانتحار من اليأس؟ وهل العقاب الفوري والقاسي سيعالج المشكلة حتى لا يتمادى في إدمانه أم سيلجأ بعضهم للجريمة؟

إن المتابعة الدورية كل ثلاثة شهور وتوفير العلاج لمن ثبت تعاطيه للمخدرات بكل أنواعها هو الطريق الأمثل لحل الأزمة، بالتوازي مع عقاب مناسب خلال فترة المتابعة، وخصم ربع المرتب أو الحافز الشهري، أو الوقف عن العمل إلى أن تثبت سلبية النتيجة، مع فصل من يثبت استمرار تعاطيه أثناء المتابعة، وبهذا تكون عالجت المتعاطي، وأعطيته فرصة، وتابعته وقومته ومنعت خروج مجرم محتمل أو منتحر محتمل إلى المجتمع، فالأثر الإيجابي الحقيقي للقانون يكمن في مساهمته في تقليل نسبة العودة إلى الجريمة بعد التعافي.

العقاب ضرورة، ولكن يتحتم علينا قبل أن نعاقب أن نعيد تأهيل المتعاطي، حتى لا تضيع مجهوداتنا في طرق غير مثمرة، ولننظر إلى قانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021، بشأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بدولة الإمارات، والذي ينظر إلي المدمن على أنه إنسان أخطأ ويستحق فرصة جديدة، وليس حكمًا بالإعدام، وبالتالي بدلًا من أن يكون المدمن مجرم صار مريضًا يستحق العلاج وليس السجن من دون هدف، خاصة بعد دراسة التأثير السلبي للتعامل الصارم للقانون مع المدمنين وأسرهم، لذلك يستحق فرصة جديدة يصلح بها أخطاء الماضي، ليتمكن بعد ذلك من الاندماج مرة أخرى في مجتمعه، كما تطبق الإمارات الكشف الدوري على بعض المتهمين السابقين في قضايا تعاطي، لمعرفة ما إذا عادوا للإدمان مرة أخرى.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة