استقالة حمدوك

دكتور عمرو الشوبكي

لا أعرف لماذا ذكرني عبد الله حمدوك بعصام شرف في مصر 2011 ومرحلة المليونيات الثورية، رغم الفارق الكبير بين السياقين والشخصين، ولكن مايجري حاليا فيالسودان هو وصفة غير صحية لإفشال عملية الانتقال الديمقراطي وذلك:


1

لم يحدث في تاريخ أي تحربة سياسية لبناء الديمقراطية ودولة القانون أن بنيت فقط أو أساسا عبر الصوت الاحتجاجي ومظاهرات الشوارع مهما كان نبل وصلابة وإخلاص القائمين عليها فمالم تستطع بناء مؤسسات سياسية وحزبية قادرة على ملء الفراغ الذي سيتركه سقوط النظام القديم أو انسحاب المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، فتأكد انك لاتقدم أي بديل.


2

المدخل الاقصائي لا يبني وطنا ولا دولة قانون ولا عملية انتقال الديمقراطي، وأن ماتطالب به القوي الثورية ممثلة في لجان المقاومة وتجمع المهنين وقوي الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بإقصاء المجلس العسكري من المرحلة الانتقالية وتجاهل حاضنته الشعبية من قوي تقليدية وأحزاب سياسية، وإن ماكينة الإقصاء تبدأ بالخصوم وتنتهي برفاق الخندق “الثوري” الواحد.


3

طالب تجمع المهنين باختيار حكومة مدنية انتقالية تقود البلاد لمدة أربع سنوات؟ وهو مقترح كارثي لأنه سيعني اختيار حكومة غير منتخبة شرعيتها منقوصة ومطلوب منها أن تقود البلاد لمدة أربع سنوات أخري تستمر فيها حالة السيولة وعدم القدرة على اتخاذ أي قرارات حاسمة أو إصلاحات وقد تدخل البلاد في فوضى حقيقية.
لا يمكن اخراج المكون العسكري من المرحلة الانتقالية ولا يمكن تجاهل حاضنته الشعبية حتى لو لم تكن تتظاهر كل يوم، إنما مطلوب إصلاح المؤسسة العسكرية وباقي مؤسسات الدولة عبر حكومة منتخبة وليس عبر فصيل ثوري يقول إن شرعيته في احتجاجات الشارع.


الحل نراه في نقطتين: الأولي إنهاء المرحلة الانتقالية في نهاية هذا العام، والثانية الذهاب إلي حكومة منتخبة ونظام رئاسي ديمقراطي يقوده رجل/ مشروع جسر بين المكونات االسودانية المختلفة وقد يكون حمدوك احد الأسماء المرشحة للقيام بهذا الدور. في السودان الدولة ضعيفة والجيش نفسه غير متماسك بنفس درجة الجيوش القوية في المنطقة وأن الضغط فقط عبر مليونيات الشارع دون امتلاك مؤسسة أو تنظيم سياسي”يشيل”،سيعرض البلاد إما لحكم استبدادي صريح أو إلي فوضي وتفكك ومواجهات أهلية.

حفظ الله الشعب السوداني

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة