أوصت ورقة بحثية، صادرة عن منصة فكر تاني تحت عنوان “المرأة في البرلمان المصري: السياسات والتحديات”، بتعزيز التشريعات الداعمة للمشاركة النوعية، من خلال تطوير نظام الكوتة لضمان اختيار مرشحات ذوات كفاءة وفق معايير شفافة، مع توفير برامج تدريب سياسي مكثفة للنائبات، وإطلاق حملات توعية مجتمعية تستهدف تغيير الصور النمطية حول دور المرأة في السياسة، مع التركيز على المناطق المحافظة لتعزيز قبول المجتمع للقيادات النسائية.
للاطلاع على الورقة البحثية.. اضغط هنا

كما أوصت الورقة البحثية التي أعدتها المحامية والباحثة الحقوقية وئام قاسم، بضرورة إصلاح هياكل الأحزاب السياسية عن طريق إعادة هيكلتها لتشمل نسبة متساوية من النساء في مراكز القرار، مع تخصيص ميزانيات متساوية لدعم المرشحين والمرشحات، والتركيز على بناء قاعدة انتخابية داعمة للنساء، وتوفير نماذج برامج مستدامة للمنظمات الأهلية من خلال شراكات مع القطاع الخاص، مع تقليل القيود البيروقراطية لتمكينها من توسيع برامج التدريب والتوعية في المناطق الريفية.
التطور التشريعي ونظام الكوتة
قدّمت الورقة تتبعًا تاريخيًّا لتطور سياسات مصر لتعزيز تمثيل المرأة في البرلمان، وكانت البداية من خلال إدخال نظام الكوتا في عام 1979، حيث خُصّصت نسبة من المقاعد للنساء لضمان حضورهن في المشهد السياسي.

من جانبها، ترى الباحثة أن هذه الخطوة كانت رائدة في سياقها، إذ عكست إدراكًا مبكرًا لضرورة التمييز الإيجابي لتحقيق العدالة الجندرية. ومع ذلك، كان تطبيق الكوتا في بداياته محدود الفعالية، حيث كانت النسب المخصصة متواضعة، وغالبًا ما ارتبطت بتمثيل رمزي لا يعكس تأثيرًا حقيقيًّا في صنع القرار. على سبيل المثال، في الثمانينيات والتسعينيات، لم تتجاوز نسبة النساء في البرلمان 2–3%، مما يكشف عن فجوة بين السياسات المُعلنة والنتائج الفعلية.
وأضافت أنه مع التعديلات الدستورية والتشريعية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تم تعزيز نظام الكوتا بشكل أكثر طموحًا. في عام 2014، أُقر تخصيص نسبة لا تقل عن 25% من مقاعد مجلس النواب للنساء، وهو ما ساهم في ارتفاع تمثيلهن إلى حوالي 15% في برلمان 2014، ثم إلى 27% في الدورة الحالية (2020–2025)، حيث تشغل النساء 162 مقعدًا (148 بالانتخاب و14 بالتعيين الرئاسي).
أما مجلس الشيوخ، فقد بلغت النسبة حوالي 14% من خلال التعيينات، مما يعكس، وفق الورقة البحثية، تقدمًا ملحوظًا مقارنة بالعقود السابقة على هذه الأرقام. ورغم كونها إنجازًا، تظل دون المستوى المطلوب لتحقيق تمثيل متوازن يعكس التركيبة الديموغرافية للمجتمع، حيث تشكل النساء نصف السكان تقريبًا.
للاطلاع على الورقة البحثية.. اضغط هنا
صعوبات تواجه النساء الطامحات للبرلمان
أوضحت الورقة أن هناك عددًا من التحديات التي تواجه النائبات الراغبات في ممارسة العمل السياسي، من بينها الهيمنة الأبوية والذكورية في النظام السياسي. وعلى الرغم من تخصيص حصص نسائية (الكوتا) في البرلمان، فإن هذه الهياكل السياسية لا تزال تعكس ديناميكيات ذكورية تحدّ من تأثير المرأة.

وبحسب الورقة، فإنه غالبًا ما يتم توجيه النائبات إلى لجان برلمانية تُعتبر “تقليدية”، مثل الشؤون الاجتماعية أو التعليم، بينما تظل اللجان ذات التأثير الاستراتيجي، مثل الاقتصاد أو الأمن القومي، تحت سيطرة الرجال.
تؤكد الباحثة، من خلال الورقة البحثية، أن هذا التوجيه يُكرّس الصور النمطية ويُقلل من فرص المرأة في التأثير على القرارات الحاسمة، مما يجعل تمثيلهن شكليًّا إلى حدٍّ كبير. هذا الوضع يكشف عن قصور في تصميم السياسات التشريعية، التي تركز على تحقيق أرقام تمثيلية دون ضمان مشاركة نوعية.
تحدٍّ آخر تواجهه البرلمانيات، وهو الدعم المالي واللوجستي، خاصة أثناء الحملات الانتخابية. وأضافت أن الأحزاب السياسية، التي تُعد بوابة رئيسية للوصول إلى البرلمان، غالبًا ما تُفضل دعم المرشحين الذكور، معتبرة إياهم أكثر قابلية للفوز بسبب التحيزات الاجتماعية.
تُضاف إلى هذه التحديات أيضًا قلّة وجود صراعات سياسية داخل البرلمان، وهو ما يعيق مشاركة النساء بفعالية. ففي سياق سياسي يهيمن عليه توافق الرأي بين الأحزاب والتيارات المختلفة، التي غالبًا ما تتبنى الرؤى الحكومية وتُسهم في تنفيذ سياساتها بدلاً من محاسبتها أو نقدها، قد تُهمَّش قضايا المرأة أو تُستخدم كأدوات لتحقيق أهداف سياسية، بدلاً من التركيز على تمكينهن.
الفرص المتاحة وحدودها
تحدثت الورقة عن الفرص المتاحة أمام البرلمانيات وحدودها، مثل وجود إرادة سياسية داعمة، كما تتجلى في استراتيجيات مثل “رؤية مصر 2030″، التي تُشكّل أرضية يمكن البناء عليها.

لكن هذه الإرادة تبقى محدودة التأثير بسبب ضعف التنفيذ، بحسب الورقة. ورغم الإعلان عن أهداف طموحة لتمكين المرأة، فإن البرامج العملية التي تدعم النائبات، مثل ورش التدريب أو حملات التوعية، تظل غير كافية ومحدودة النطاق.
تؤكد الورقة أن هذه الاستراتيجيات غالبًا ما تُستخدم كواجهة لتحسين صورة الدولة، دون استثمار فعلي في تغيير الهياكل السياسية.
واعتبرت الورقة أن من بين الفرص الكبرى الدورُ النشط الذي يمكن أن تلعبه النائبات في اللجان البرلمانية؛ فالنساء اللاتي أثبتن كفاءتهن في البرلمانات السابقة، مثل المساهمة في تشريعات تتعلق بالتعليم أو الحماية الاجتماعية، يُظهرن إمكانية التأثير في قضايا وطنية حيوية. لكن هذه الفرصة تظل مقيدة بسبب التوجيه المحدود للنائبات إلى لجان هامشية، مما يقلل من تأثيرهن في القضايا الاستراتيجية، بالإضافة إلى غياب شبكات دعم قوية داخل البرلمان، مما يجعل النائبات أقل قدرة على تشكيل تحالفات سياسية تدعم أجنداتهن.
للاطلاع على الورقة البحثية.. اضغط هنا
