تتبنّى لجنة الحريات بنقابة المحامين، في الفترة الأخيرة، حملة نقابية للمطالبة بإطلاق سراح أعضائها الموقوفين على ذمة قضايا مهنية ورأي وسياسة، إلى جانب نشاط حملة "الدفاع عن المحامين ورعاية أسرهم"، التي تأسست عام 2015، وسط آمال ومناشدات بإغلاق هذا الملف في الفترة المقبلة.
ومن بين هؤلاء المحامين المحبوسين احتياطيًا، المحامي محمد فتحي عبد الرحيم، الذي صدر بحقه، منذ 5 يناير الماضي، عدة قرارات بالحبس 15 يومًا من نيابة أمن الدولة العليا، على ذمة القضية رقم 3 لسنة 2025، بتهم نشر أخبار كاذبة، والانضمام إلى جماعة إرهابية.

وأكد عمرو الخشاب، عضو مجلس نقابة المحامين، في حديث سابق لـ"فكّر تاني"، وجود أعداد كبيرة من المحامين الذين جرى القبض عليهم خلال الفترة الماضية.

وقال إن بحوزته "كشفًا من بين كشوف عديدة، يضم أكثر من 50 محاميًا"، موضحًا أنه تقدّم بطلب إلى النائب العام في شهر يونيو الماضي، للإفراج عن المحامين أو صدور عفو رئاسي بحقهم.
وناشد الخشاب مؤسسات الدولة الإفراج الفوري عن جميع المحامين، لا سيما من تم القبض عليهم بسبب أداء عملهم أو التعبير عن آرائهم، كما طالب الرئيس والحكومة بـ"فتح حوار بشأن المحامين المحبوسين، غير المتهمين في قضايا عنف أو تخريب، والبدء من جديد، والتوسّع في منح الحريات للمجتمع المدني".
ظهور مع موكليه
تعود وقائع قضية "عبد الرحيم" لأكثر من ستة أشهر، عندما ظهر المحامي الشاب في فيديو رفقة أسرة المواطن عماد نيازي، الذي قُتل أثناء القبض عليه، حيث طالب عبد الرحيم بالتحقيق في الواقعة، بعد أن تقدّم ببلاغ في السياق نفسه، موضحًا أنه أثناء القبض عليه من محلّ سكنه بمحافظة المنيا، قامت القوة الأمنية التي نفّذت عملية القبض، بالتسبب في قتله عمدًا، وفق روايته.

في المقابل، نفت وزارة الداخلية، في بيان رسمي، تلك الرواية، موضحةً أن نيازي "شقي خطر، سبق اتهامه في 13 قضية جنائية ومحكوم عليه بالسجن المؤبد في جنايات اتجار بالمخدرات، وخطف تحت تهديد السلاح، وتصنيع أسلحة، وسرقة مواد بترولية، واستعمال قوة، وسرقة بالإكراه، ولدى استهدافه في 31 ديسمبر 2024" بادر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه القوات، وأسفر التعامل عن مصرعه وضبط بحوزته كمية من مخدري الحشيش والشابو، وبندقية آلية، وطبنجة، وعدد من الطلقات مختلفة الأعيرة.
وأعلنت الوزارة ملاحقة مروجي تلك الادعاءات باتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم. ومنذ ذلك الحين يواجه عبد الرحيم المحبوس في سجن بدر، قرارات باستمرار الحبس على ذمة القضية في جلسات تجديد دورية.
تضامن من المحامين
"هل يجب أن يُسجن المحامي عندما يدافع عن موكله؟ هل أصبحت المحاماة جريمة يجب أن يدفع ثمنها كل من يمتهنها؟ ألم ينص القانون والدستور على حق المتهم في الدفاع عن نفسه، سواء بشخصه أو بالوكالة؟" هكذا يتساءل هاني عوض، المحامي ومنسق حملة "الدفاع عن المحامين"، في حديثه لـ فكر تاني.

ويضيف أن عبد الرحيم تم القبض عليه بسبب انتقاده أداء ضباط الشرطة أثناء القبض على نيازي، وتقدم ببلاغ واضح يطالب فيه بالتحقيق، بعدما تم تجاهل بلاغ أهل المتوفي، ما دفعه إلى إعلام الرأي العام بما حدث، عبر فيديو يطالب فيه بالتحقيق في الواقعة.
ويشير إلى أنه وزملاء المحامي عبد الرحيم فوجئوا بالقبض عليه بعدها، وعرضه على نيابة أمن الدولة العليا التي وجهت له تهمًا بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة، بدلًا من التحقيق في البلاغ الذي قدمه للتحقيق في واقعة القتل، في إطار احترام القانون والدستور.
ويلفت عوض الانتباه إلى أن الفيديو الذي بثّه المحامي عبد الرحيم راج على نطاق واسع، حتى تم إذاعته عبر قنوات خارج مصر، وهو ما تسبب في الغضب منه – فيما يبدو – رغم أن محتوى الفيديو قانوني صرف، ولا علاقة له بالسياسة، ولم يخرج عن نطاق حدود عمله كمحامٍ عن أسرة القتيل.
أبعاد إنسانية
ويقول عوض إن "عبد الرحيم" أب ولديه أسرة وأولاد، ومحبوس منذ شهور، ما يشكّل عبئًا ماليًا كبيرًا على أسرته، خاصةً أن المحامي مورد رزقه من عمله.
ويناشد عوض كل الجهات المعنية بالإفراج عن عبد الرحيم، رفقًا بأسرته، موضحًا أن نقيب المحامين عبد الحليم علام أجرى تحركات نقابية في سبيل دعم المحامي، لكنّه لا يزال رهن الحبس.
ويؤكد منسق حملة الدفاع عن المحامين أن ما يحدث من حبسٍ لأصحاب الأرواب السوداء في قضايا مهنية وسياسية ورأي، هو خارج نطاق القانون والدستور، موضحًا أن حملتهم، التي أسّسها المحامي والنقابي البارز منتصر الزيات منذ عام 2015، ستعقد اجتماعًا خلال الفترة القادمة لتحديث حصر أعداد المحامين.