المجاذيب والدراويش.. صرخة نفسية في شوارع قنا

في السنوات الأخيرة، شهد صعيد مصر انتشارًا ملحوظًا للأمراض النفسية، تتداخل هناك العادات والتقاليد مع التصورات المجتمعية النمطية حول تلك الأمراض. وفي مجتمع يقدس الزواج القبلي ويرفض الخروج عن إطار العائلة إلا نادرًا، تظهر الأمراض النفسية كنتيجة مباشرة لتلك القيود الاجتماعية الصارمة.

ومع ذلك، يظل الاعتراف بالمرض النفسي في الصعيد غير مألوفًا، إذ يُطلق على المرضى ألقاب مثل “درويش” أو “مجذوب”، ويُفضل البعض عزلهم عن العامة من المواطنين والآهل؛ بل وحبسهم في المنازل قيد الإقامة الجبرية وتقييدهم بالحبال والسلاسل إذا لزم الأمر.

بين وصمة العار وتكلفة العلاج

خلف المصطلحات الطبية والإحصاءات العامة، تقف قصص إنسانية مؤلمة ترسم الصورة الحقيقية لمعاناة أسر بأكملها في مواجهة المرض النفسي في بيئة ترفضه وتخاف منه. هذه الشهادات تكشف حجم المأساة التي تبدأ بوصمة العار، والتكلفة الباهظة، ونقص الخدمات، وصولًا إلى النهايات المأساوية.

يروي الحسين -موظف، تجربته مع شقيقه الذي كان يعاني من اضطراب نفسي غير معروف. يقول: “أخويا كان بينزل الشارع ويضرب عيال وكبار، والناس اتضايقت جدًا. اضطرينا نوديه لدكتور نفسي معروف في الصعيد، بس كنا بنتخفى وإحنا رايحين عشان نظرة الناس”.

يحكي الحسين لـ فكّر تاني، أن أزمة أكبر كانت في الطريق، نصحهم الدكتور بإدخال أخيه في مصحة كي يتم العلاج: “لكن المصاريف كانت غالية قوي في المصحة الخاصة بأسوان، وديناه العباسية في القاهرة. بعد ما اتعالج شوية، أخويا رجع لحالته تاني، وده كان سبب في إن أمي تموت من القهر عليه”.

يستكمل، أنهم اكتشفوا بعد ذلك أن السبب “جواز القرايب”، لأن أبويهم “ولاد عم”، يقول: “والأغرب إننا عرفنا بالصدفة إن فيه ابن عم لينا عنده نفس المرض، وده خلانا نتأكد إن في ناس كتير بتخبي الحالات دي ومش بتتكلم عنها خوفًا من العار”.

ربع المصريين يعانون اضطرابات نفسية

تكشف نتائج المسح القومي للصحة النفسية لعام 2018 عن أرقام مقلقة بشأن انتشار الأمراض النفسية في مصر، حيث تبين أن نحو 25% من المواطنين يعانون من اضطرابات نفسية، في مقدمتها اضطرابات المزاج، وعلى رأسها الاكتئاب، بنسبة بلغت 43.7% من الحالات، تلتها اضطرابات تعاطي المواد المخدرة بنسبة 30.1%.

ورغم هذا الانتشار الكبير، فإن أقل من 0.4% فقط من المصابين يتلقون علاجًا نفسيًا، ما يعكس فجوة حادة بين الحاجة إلى خدمات الصحة النفسية ومدى توافرها، فضلًا عن الحواجز الاجتماعية التي تحول دون اللجوء للعلاج، وعلى رأسها الوصمة المرتبطة بالأمراض النفسية.

وقد أظهر المسح ارتفاع نسب الإصابة في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية، بسبب نقص الخدمات الصحية المتخصصة في القرى والنجوع، ما يستدعي تدخلًا عاجلًا لدمج الرعاية النفسية ضمن وحدات الرعاية الأولية وتدريب الكوادر الطبية المحلية على تقديم الدعم النفسي الأساسي.

وفي محافظة المنيا، إحدى أكبر محافظات الصعيد، تشير البيانات إلى ارتفاع واضح في معدلات الاضطرابات المزاجية، وهو ما يتطلب توسيع نطاق الخدمات النفسية الموجهة لتلك المناطق المحرومة، خاصةً في ظل تكرار الشكاوى من غياب الرعاية وانعدام فرص التشخيص المبكر.

كما برزت ظاهرة الإدمان في الريف بنسبة 2%، في ظل محدودية إمكانات العلاج، وبذلك، يُضاف كابوسًا تعاطي المخدرات إلى كوابيس العائلات التي تجد نفسها وحيدة في مواجهة هذه الأزمة المعقدة. وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن الزواج يشكل عاملًا وقائيًا ضد الأمراض النفسية، أظهرت نتائج المسح أن معدلات الإصابة لا تختلف كثيرًا بين المتزوجين وغير المتزوجين، ما يفتح الباب أمام مراجعة الأدوار الاجتماعية والديموجرافية المرتبطة بتفاقم الاضطرابات النفسية في المجتمع.

وفي الصعيد، تبرز ظاهرة زواج الأقارب كعامل مُفاقم، حيث يزيد من احتمالية انتقال الاضطرابات النفسية الوراثية إلى الأبناء، وهو ما أكدته شهادات حية اطلعت عليها فَكّر تاني.

وبحسب البيانات الصادرة عن الموقع الرسمي للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، تصدرت العاصمة القاهرة قائمة المحافظات من حيث عدد زيارات المرضى النفسيين، تلتها محافظات الجيزة، ثم الإسكندرية، والدقهلية، فيما سجلت محافظة أسيوط أعلى معدل زيارات في محافظات الصعيد، ما يعكس التفاوت الجغرافي في الوعي والإقبال على العلاج، ويشير في الوقت نفسه إلى الحاجة إلى توسيع نطاق الخدمات النفسية لتشمل كافة المناطق.

الوقود خفي لانتشار الأمراض النفسية بالصعيد

في عام 2020، أصدرت وزارة الصحة المصرية تقريرًا يكشف عن خطورة زواج الأقارب، مشيرةً إلى أن الأمراض النفسية والعصبية قد تكون مرتبطة بالتاريخ المرضي للعائلة، ما يزيد من احتمالية توارثها. ورغم الحملات التوعوية التي أطلقتها مصر لمحاربة هذه العادة، إلا أن الإحصائيات تشير إلى استمرارها. ففي عام 2023، بلغت نسبة زواج الأقارب 12%، بينما وصلت في عام 2024 إلى 30% بين أقارب من الدرجة الأولى والثانية، وفق ما أعلنته الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان.

ويؤكد الدكتور عادل عاشور أستاذ الوراثة الإكلينيكية والأطفال بالمركز القومي للبحوث، أن هناك العديد من الأمراض الوراثية التي تظهر نتيجة زواج الأقارب، حتى في حال عدم ظهور أي أعراض مرضية على الزوجين، إذ تنتقل هذه الأمراض إلى الأبناء والأحفاد.

ومن بين هذه الأمراض: التأخر العقلي، واضطرابات الغذاء، وغيرها. موضحًا، أن زواج الأقارب يرتبط بما يُعرف بـ ” المورث المتنحي”، وهو أحد أسباب الإصابة بالضعف العقلي. كما أشارت الدراسات إلى وجود حالات من متلازمة داون، الناتجة عن خلل في الكروموسومات، حيث سُجلت 14 حالة من هذا النوع بين 3989 زيجة بين الأقارب.

ويوضح سيد محمد أخصائي نفسي بأحد المستشفيات الخاصة، في حديثه لـ فَكّر تاني: “كتير من الحالات في الصعيد ترتبط بعادات الزواج القبلي أو العائلي”.. ويشير إلى أن رفض الاعتراف بخطورة هذه العادة لا يقتصر على غير المتعلمين، بل يشمل أيضًا فئات متعلمة وحاصلة على شهادات جامعية، حيث تبقى العقيدة القبلية حاجزًا أمام التغيير.

“المجتمع المصري عمومًا، وخاصة في الصعيد، ما يزال يرفض الاعتراف بالمرض النفسي”، مؤكدًا، أن الاعتراف بالمرض هو الخطوة الأولى نحو العلاج، محذرًا من تعاطي الكحول والمخدرات، وخاصة مادة “الشابو”، التي تؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة تؤثر على الأفراد والمجتمع.

“بعض الأهالي يفسرون هذه الاضطرابات على أنها “مسّ من الجن”، ويطلبون تدخل الشيوخ، كما قال أحد الأهالي: ‘أمرنا الشيخ بتزويج المريض حتى يتعافى‘، ولكن الحقيقة كانت بعيدة كل البعد عن ذلك”.

وفي هذا السياق، يروي محمد من مركز أبوتشت شمال محافظة قنا، أن ابنته أُصيبت بمرض نفسي لم يتمكنوا من تشخيصه في البداية. ويقول لـ فكّر تاني: “زرنا المشايخ بعد نصايح الأقارب اعتقدوا إن ابنتي مصابة بالمس، لكن مش حقيقي”.

“سافرنا بها القاهرة، والدكاترة قالوا مرض نفسي، ونصحوني تدخل المصحة، لكن أقرب مصحة في أسوان، وكمان هي ‘بنت‘، رفضنا الأمر، ورجعناها البيت، وكانت والدتها تضطر تربطها في السرير لأنها كثيرة الحركة وتحاول الخروج باستمرار. وبعد أيام تدهورت حالتها، فسافرت بها القاهرة مرة تانية، والدكاترة قالوا ضروري تدخل المستشفى. في أيامها الأخيرة فقدت الشهية، وأصبحت نحيلة، وضعوها على أجهزة الإعاشة، ماتت قبل ما تم الـ 18”.

أما سناء محمد، أخصائية اجتماعية بواحدة من مدارس البنين، شاركت تجربتها مع فكّر تاني، تحكي عن طالب بإحدى قرى مركز قنا، دخل في حالة فقدان تام للوعي نتيجة تعاطي مادة “الشابو”، ما أثار الذعر بين زملائه. وتقول سناء: “الطالب اعترف أنه بيعاني من اضطراب نفسي بسبب الإدمان، طلبت فورًا تدخل الشرطة لنقله إلى مصحة للعلاج”.

وتتعدد أسباب الإصابة بالأمراض النفسية والعصبية في مصر، سواء بسبب زواج الأقارب أو تعاطي المخدرات والكحول. ومع ذلك، ما تزال طرق التعامل مع هذه الحالات غير كافية، حيث يُتجاهل العديد منها أو يُواجه بأساليب خاطئة مثل الحبس أو التقييد. ويُصنَّف بعض المرضى تحت مسمى “المجاذيب”، الذين يثيرون الخوف في الشوارع أو عند مقامات الأولياء، ما يؤدي أحيانًا إلى حوادث مأساوية.

في عام 2012، توفيت معلمة كانت عائدة من مدرستها، وعند اقتراب أحد “المجاذيب” منها، فزعت وبدأت تجري رغم وزنها الزائد، فسقطت مغمًا عليها وتوفيت بسكتة قلبية في الحال. وفي مطلع عام 2025، اقتحم مختل عقليًّا محل بقالة في مركز قوص، واعتدى على صاحبه بطعنات متعددة أودت بحياته. وكان هذا الشخص معروفًا بسلوكياته العدوانية، لكن أسرته لم تكن تتابع حالته بشكل جاد.

حين يتحول المرض إلى فرصة للاستغلال

يثير المرض النفسي تساؤلات عديدة حول تأثيره على حقوق المريض، خاصةً فيما يتعلق بمسألة الإرث. وفي هذا السياق، يوضح محمد علي الطيب واعظ إسلامي، لـ فكّر تاني، أن المرض النفسي لا يمنع المريض من الحصول على إرثه كاملًا، مؤكدًا على ضرورة أن يتحلى أولياء الأمور بالأمانة في التعامل مع ابنهم او بنتهم المرضى. ويشدد على أن الهدف من إيداعه في مصحة نفسية يجب أن يكون العلاج، لا الاستيلاء على ميراثه، كما يحدث في بعض الحالات. كما يشير إلى أهمية وضع الإرث تحت وصاية شخص أمين، لضمان استخدامه في رعاية المريض حتى يتماثل للشفاء.

“المجتمع في الصعيد ما يزال يتعامل مع المرض النفسي بوصفه “وصمة عار” تلاحق العائلة، ما يدفع بعض الأسر إلى عزل المرضى وربطهم بالسلاسل والحبال، بل وأحيانًا حرمانهم من الطعام والشراب حتى يصابوا بالهزال”، موضحًا أن هذه الممارسات تؤدي إلى تفاقم الحالة النفسية، وقد تجعل المريض غير مدرك لتصرفاته، وقد يصل به الأمر إلى إيذاء أفراد أسرته.

في شهادة مؤلمة، يروى نور من مركز نجع حمادي، أن شقيقه أُصيب باضطرابات نفسية، فسافر به إلى القاهرة للعلاج، إلا أن أشقاءه الكبار –من جهة الأب– رفضوا العلاج، ووضعوه في غرفة مظلمة، وقيدوه بالسلاسل، بدعوى الوصاية عليه من أجل السيطرة على إرثه.

“بعد محاولات كتير واتصالات بالشرطة، فكّوه، وخدتُه على دكتور نفسي معروف، وقال لازم يتحجز في مصحة نفسية. وللأسف، ماكانش قدّامنا غير مصحة العباسية، لأنهم رفضوا يودّوه مستشفى خاص. وهناك مات، ورفضوا يستلموا جُثته. وقتها كنت برّه البلد، ورجعت مخصوص علشان أدفنه، ودفنته في مقبرة جنب والدته، لأن عيلة أبويا رفضوا يدفنوه معاهم وقالوا: ندفن مجنون في مقابرنا؟ عقولكم راحت فين؟!”.

ويؤكد هيثم محمد محام متخصص في قضايا الأسرة، أن القانون المصري شهد تعديلات تهدف إلى حماية حقوق المرضى النفسيين، مشيرًا إلى تعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، وقانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950، حيث تُعامل كل حالة وفقًا لطبيعتها، والمسؤولية تقع على المصحة المعنية.

ويوضح في حديثه مع فَكّر تاني، أن القانون يُلزم الأسر بإبلاغ الشرطة في حال هروب المريض النفسي، لتحرير محضر رسمي وضمان عدم ارتكابه أفعالًا تُشكّل خطرًا على نفسه أو الآخرين. كما يبيّن أن الإرث يوضع تحت وصاية شخص يتم اختياره من قبل الأسرة، ويكون مسؤولًا قانونيًا عن إدارة هذه الأموال بما يضمن حقوق المريض النفسية والمادية. ويشدد على أن هذه القضايا “تتطلب تضافر جهود دينية ومجتمعية وتشريعية، من أجل تصحيح المفاهيم السلبية المرتبطة بالمرض النفسي، وضمان حقوق المرضى في العلاج والحياة الكريمة دون تمييز أو استغلال”.

مرضى بلا مستشفى في قنا

على الرغم من التحديات الصحية والنفسية التي تواجه سكان محافظة قنا في صعيد مصر، ما زال إنشاء مستشفى متخصص لعلاج الأمراض النفسية حلمًا بعيد المنال.

يقول الدكتور محمد الديب مدير مستشفى قنا العام ونقيب أطباء قنا، في حديثه إلى فَكّر تاني، إن المحافظة لم تشهد حتى الآن وجود قسم لعلاج الأمراض النفسية ضمن مستشفياتها العامة. حتى الفكرة التي طُرحت في عهد الدكتور إسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق، بإنشاء مستشفيات تكاملية متخصصة، توقفت عند حد البناء دون التشغيل، ما تسبب في إهدار الموارد لسنوات طويلة.

واستمر الأمل قائمًا في تحويل أحد مستشفيات التكامل بقنا إلى مستشفى للأمراض النفسية، لا سيّما في عام 2015، حين سعت وزارة الصحة إلى تحويل مستشفى “قفط” الواقعة في قرية الكلاحين إلى مستشفى نفسي، غير أن هذه الجهود قوبلت برفض قاطع من قِبل الأهالي، الذين عبروا عن مخاوفهم من وصمة وجود مستشفى نفسي قرب منازلهم، حيث ردّد البعض عبارة: “إزاي يكون فيه مستشفى للمجانين بينّا؟”. أدى ذلك إلى تعطيل المشروع، رغم محاولات النواب تهدئة الأوضاع واقتراح حلول وسطية.

محمد مدرس، عانى شقيقه من المرض النفسي، وترى العائلة إن سببه زواج الأقارب. يقول لـ فكّر تاني: “ودّيناه للمشايخ، وبعد كده رحنا بيه مصحة أسوان، وقعد هناك فترة طويلة بيتعالج، وكان أخويا الكبير هو اللي بيصرف عليه لحد ما الدكاترة قالوا إنه اتحسّن. بس بعدين اكتشفنا إن مرضه بيرجع له في نفس الوقت من كل سنة، يعني مرض موسمي”.
يقول محمد أنهم اضطروا حجز أخيه بمستشفى العباسية: “قعد فيها سنين. ولما خرج، الدكاترة قالولنا جوزوه يمكن يساعده يعيش حياة طبيعية، وفعلًا اتجوز وخلف تلاتة عيال، لكن الأعراض فضلت ترجع له”.

“وفي يوم من الأيام، واحد طعنه في بطنه لأنه افتكر إن أخويا عايز يقتله، ومن ساعتها وهو بيتألم جامد، وعلى مدار سنة كان بيعاني. وفي الآخر، جاله قئ فيه دم، ولما كشفنا عليه طلع عنده سرطان، ومات بعد يومين بس من دخوله المستشفى، المشكلة الكبيرة لسه موجودة: مين اللي هيبقى وصي على ورثه وعياله؟ خصوصًا إن مراته مش متعلمة وكمان حالتها العقلية مش مستقرة. والموضوع لحد دلوقتي لسه شغال في المحاكم ومستنيين الحكم”.

 يقود 20 نائبًا من مجلسي النواب والشيوخ في محافظة قنا، برئاسة النائب أشرف رشاد، جهودًا للمطالبة بإنشاء مستشفى للأمراض النفسية وعلاج الإدمان. وقُدّمت طلبات رسمية لتخصيص قطعة أرض داخل مدينة قنا، على أن يُقام المستشفى تحت إشراف الأمانة العامة للصحة النفسية ووزارة الصحة. ويؤكد النائب ماجد الأحمر، عضو مجلس الشيوخ، أهمية المشروع في تخفيف العبء عن المواطنين، مشيرًا إلى أنه تقدّم بطلب رسمي بشأنه في نوفمبر 2023.

ومن جهته، يوضح مطاوع مهران ناشط تنموي من قرية الكلاحين، لـ فكّر تاني، أن رفض الأهالي لفكرة المستشفى يعود إلى الخوف من “العار”. وفي ظل هذا الرفض الشعبي، تُرك المرضى النفسيون يعانون في صمت، حيث يعتمد بعضهم على علاجات شعبية غير فعالة، مثل التقييد بالسلاسل أو اللجوء إلى المشايخ والقساوسة، فيما يلجأ آخرون إلى العلاج في السر، وغالبًا في مصحات بعيدة.

ويرى الخبراء الذين تحدثنا إليهم أن المريض النفسي، كغيره من المرضى، يحتاج إلى رعاية صحية متكاملة، ووعي مجتمعي يحميه من الاستغلال والتمييز. مشيرين إلى دور العوامل الثقافية والاجتماعية في انتشار الأمراض النفسية، مثل زواج الأقارب، وتعاطي المخدرات، خصوصًا مادة “الشابو”، فضلًا عن الكحوليات.

ويُطرح هنا تساؤل ملحّ: هل لدى الحكومة نية واضحة وخطة شاملة لمحاربة الأمراض والاضطرابات النفسية التي تصيب أبناء الصعيد، لا سيّما في المناطق الأكثر فقرًا وحرمانًا؟

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة