اهبطوا منها إلى جحيم الأسعار.. المصريون مطرودون من جنة الفاكهة

في مطبخ متواضع بأحد أحياء القاهرة، تفتح آية عاطف درج الثلاجة ببطء. تتفقد ما تبقى من تفاحة وموزتين، تضعها في طبق صغير على الطاولة، وتهمس لابنتها: "اختاري وحدة منهم للمدرسة، والباقي بُكره".

قبل سنوات، لم تكن آية الأم لطفلة وأسرة مكونة من ثلاثة أفراد، تفكر بهذه الطريقة: تقول لـ فكّر تاني: "كنت بشتري الفاكهة بالكيلوات، عشان منزلش السوق كل يوم، وكانت دايمًا متوفرة في البيت، على الفطار، بعد الغدا، حتى قبل النوم. لكن دلوقتي.. الوضع اتغيّر!!".

لطالما كانت الفاكهة جزءًا لا يتجزأ من المائدة المصرية، ومكونًا أساسيًا في ثقافة الطعام، سواء على الإفطار أو بعد الغداء، أو حتى كوجبة خفيفة في المساء. لكنها في السنوات الأخيرة بدأت تنزلق تدريجيًا من خانة "الضروري" إلى "الرفاهية"، لتُدرج اليوم رسميًا ضمن "الكماليات".

تبتسم آية ابتسامة باهتة وهي تستعيد تفاصيل حياتها السابقة في السعودية: "هناك كنت بشتري بالعدد، عشان النظام كده. عمري ما تخيلت إننا نوصل لنفس النقطة هنا.. في مصر، كنا بنعتبر الفاكهة من أساسيات البيت، دلوقتي بقت تتحسب بالحبة".

"بضغط على بند اللبس والخروج، عشان أقدر أوفّر لبنتي فاكهة، هي محتاجة فيتامينات، محتاجة تكبر بصحة كويسة.. بس الأسعار مش بترحم"، تقول آية التي اضطرت إلى تغيير خطتها: "بقيت أشتري ثلاث تفاحات، ثلاث موزات.. على عددنا بالضبط. علشان أوفّر، وأضمن إن بنتي تاكل حاجة مفيدة كل يوم. بس للأسف، في أيام بتمر من غير أي فاكهة".

في الوقت الذي تحولت فيه الفاكهة من عادة يومية إلى معادلة صعبة، تصبح آية واحدة من مئات الأمهات اللاتي يخضن معركة يومية، ليمنحن أطفالهن ولو ثمرة.. تُشعرهم أن الغذاء حق، لا رفاهية. بل مئات الأمهات والآباء في مصر أصبحوا يتعاملون مع الفاكهة كما يتعاملون مع المجوهرات في الفترينات: يرونها، يشتهونها، ولا يقتربون منها.

"بقينا نحسبها.. إمتى نشتري فاكهة وامتى لأ".. تقول منى عبد الغني موظفة وأم لطفلين، وتعول مع زوجها أسرتهما المكونة من أربعة أفراد: "أنا وجوزي بنشتغل بكل طاقتنا علشان نوفّر احتياجات الولاد.. بندفع إيجار، وفواتير، ودروس، وأكل. والمصاريف ما بتخلصش. وبتيجي الفاكهة، اللي كانت زمان حاجة أساسية على السفرة، دلوقتي بقت رفاهية!".

تسترجع منى المشهد كما كان في بيت والديها وهي تحكي لـ فكّر تاني: "كان طبيعي تلاقي كل يوم طبق فاكهة عليه كذا صنف. العنب، التفاح، الموز، كأنهم جزء من أي وجبة. دلوقتي، ممكن يعدي أسبوع كامل من غير ما يدخل البيت ولا صنف واحد".

تهمس منى عبد الغني، وكأنها تراجع جدول الحصص المدرسية: "العنب بمية، والمشمش زيه، والبطيخ مية للحبة، والتفاح المستورد بخمسة وسبعين، والمصري بخمسة وستين، الموز بخمسة وأربعين، الجوافة والكنتالوب أربعين، الخوخ بخمسين، والتوت تمانين". تحفظ منى هذه الأسعار عن ظهر قلب، تمامًا كما تحفظ أسماء أولادها، لا لشيء إلا لأن الفاكهة صارت حلمًا مؤجلًا، يحتاج إلى تخطيط وميزانية.

"بنتي الصغيرة أكلها ضعيف، وكنت بعوضها بالفاكهة، كانت بتحب الكانتلوب والموز. بس دلوقتي بقيت أجيب لها عصير معلب، عارفة إنه مش بديل بس مش قادرة أواكب الأسعار".

تقول منى وهي تحسبها: "أسرتنا من 4 أفراد، بنحتاج تقريبًا نصف كيلو نوعين من الفاكهة يوميًا -وهو المعدل الأدنى الموصى به غذائيًا- إذا.. نحن نحتاج إلى ما لا يقل عن 70 جنيه يوميًا، أي 2100 جنيه شهريًا فقط للفواكه، وهو مبلغ يعادل ربع أو ثلث دخل أغلب الموظفين!

ثم تضحك بمرارة وتهمس كأنها تسأل نفسها:"يعني نشتغل قد إيه علشان نوفر لأولادنا ظروف أحسن؟ إمتى نوصل لمرحلة إن طبق فاكهة يبقى موجود تاني من غير حسابات وتقشف؟"، ثم بنبرة مختلطة بين الإحباط والإصرار تقول: "بقينا نحسب كل حاجة، إمتى نشتري فاكهة؟ وإيه النوع اللي يكفينا؟ بقيت أقول لولادي: اختاروا صنف واحد، والباقي مرة تانية. بقينا نمارس طقوس التقشف.. حتى في أبسط حقوقهم الغذائية".

اقرأ أيضًا:86.5 % من الإيرادات ضرائب.. ورانا حكومة بنصرف عليها

خسائر ومعاناة 

"الناس بقت تيجي تقف تبص، تسأل على السعر، وتكمل طريقها. قليل اللي بيشتري. وغالبًا بياخد ربع كيلو، أو تفاحتين تلاتة على القد. البضاعة بتبوظ على العربية قبل ما تبيع، وأنا بخسر أكتر ما بكسب".. يقول رمضان بائع الفاكهة لـ فكّر تاني.

على الرغم من أن ارتفاع الأسعار يبدو في مصلحة البائع، إلا أن الواقع على الأرض يحكي قصة مختلفة تمامًا، لا تخلو من الخسارة والقلق اليومي. على ناصية أحد الشوارع الجانبية في الجيزة، يقف رمضان، بائع فاكهة ستيني، خلف عربته الصغيرة المحمّلة بأكوام من التفاح والخوخ والبطيخ والموز والعنب. يبدو المشهد ملونًا للوهلة الأولى، لكن خلف الألوان تكمن هموم ثقيلة.

ينظر رمضان حوله وهو يعيد ترتيب ثمرات الخوخ بحذر، ويضيف بنبرة تملؤها الحسرة: "الزبون مش قادر، وأنا مش عارف أعمل إيه. اللي كان بيشتري بقلب جامد بقى بيحسبها بالملي. في الآخر، إحنا اللي في النص، لا قادرين نبيع ولا نكسب، وكل يوم خسارة من غير نهاية".

رمضان، وكثيرين غيره، لا يملك رفاهية الاحتفاظ بالبضاعة لليوم التالي، فالشمس لا ترحم، والفاكهة لا تنتظر. وبين حرارة الشارع وتقلب الأسعار، يعيش هؤلاء الباعة في سباق يومي مع الخسارة، حيث لا أحد يربح.

وفي هذا السياق، يقول حاتم النجيب نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن سوق الفاكهة في مصر يشهد حاليًا حالة من التذبذب في الأسعار تعود إلى مجموعة متشابكة من العوامل، في مقدمتها التغيرات المناخية، والتكاليف الإنتاجية المرتفعة، واختلال التوازن بين حجم المعروض وحجم الطلب، خاصة في غير مواسم الإنتاج.

ويوضح النجيب في تصريح خاص لـ فكّر تاني، أن أسعار الفاكهة ترتبط بشكل مباشر بحجم المعروض في الأسواق، إذ ترتفع الأسعار تلقائيًا حين تقل الكميات المتاحة، خصوصًا خارج مواسم الحصاد. وعلى العكس، تنخفض الأسعار بمجرد بدء الموسم ووفرة الإنتاج، حيث تصبح الكميات المطروحة في السوق كافية لتلبية الطلب الاستهلاكي.

مستشهدًا بمحصول البطيخ الذي يُعد نموذجًا على هذا التحرك الديناميكي للأسعار، قائلًا: "البطيخة كانت تُباع منذ أسابيع بـ 200 جنيه، واليوم لا يتعدى سعرها 55 إلى 100 جنيه حسب الحجم والجودة، وهو ما ينطبق كذلك على الليمون الذي هبط من 120 جنيهًا إلى نحو 55 جنيهًا حاليًا".

ويشير حاتم النجيب إلى أن معظم المحاصيل الزراعية في مصر، سواء من الفواكه أو الخضروات، يتم إنتاجها محليًا بنسبة تتجاوز 98%، وهي نسبة تتيح تغطية احتياجات السوق الداخلية والتصدير الخارجي على حد سواء. ومع ذلك، فإن هذه القدرة الإنتاجية الكبيرة أصبحت تواجه تحديات حقيقية مع تغير أنماط المناخ في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى اضطراب مواعيد الزراعة والحصاد، وتداخل المواسم الزراعية، وبالتالي تفاوت توقيت دخول المحاصيل إلى الأسواق، هو ما ينعكس بطبيعة الحال على استقرار الأسعار.

ويؤكد أن هذه الاضطرابات المناخية، إلى جانب ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي، تمثلان عاملين حاسمين في تحديد أسعار الفاكهة: "الفدان اللي كنا بنزرعه بـ 40 ألف جنيه، بقى النهاردة محتاج 160 ألف، بسبب غلاء الأسمدة والتقاوي والوقود وأجور العمالة، وكل ده بيتحسب في تكلفة المنتج النهائي"، مشيرًا إلى تأثير سعر صرف الدولار على أسعار المدخلات المستوردة التي تدخل في العملية الزراعية، ما يزيد العبء على المنتجين ويرفع الأسعار في السوق.

"بعض المحاصيل، مثل الخوخ والمشمش والعنب، تعتمد على مواسم إنتاجية محددة، وأي تأخير في نضجها نتيجة التغيرات المناخية يؤدي إلى تأخر طرحها في الأسواق، ما يؤدي بالضرورة إلى تقليل المعروض منها وارتفاع أسعارها، خاصة في ظل تزايد الطلب الاستهلاكي مع دخول فصل الصيف".

وفيما يتعلق بتأثير ارتفاع الأسعار على سلوك المستهلكين، يقول النجيب، إن الطبقة المتوسطة التي تمثل الشريحة الأكبر من المستهلكين، أصبحت تميل إلى شراء الأصناف الأقل تكلفة مثل الجوافة والكنتالوب، في مقابل تقليل أو الامتناع عن شراء الفواكه مرتفعة الأسعار مثل البرقوق والعنب، ما يؤدى إلى انخفاض حجم الطلب بشكل ملحوظ.

كما يلفت إلى أن السوق، في المقابل، شهد انخفاضًا في أسعار بعض المحاصيل مقارنة بالعام الماضي، مثل الطماطم والبطاطس والبصل، مرجعًا ذلك إلى استقرار مواسمها الإنتاجية نسبيًا هذا العام مقارنة بالمواسم الأخرى.

"هناك ضرورة مُلحة لوضع خريطة زراعية دقيقة للمحاصيل في مصر، وتحديث قواعد البيانات الخاصة بحجم الإنتاج وتوزيعه جغرافيًا وزمنيًا، ما يساعد على تنظيم الأسواق وضمان وجود المعروض في توقيتات مناسبة تمنع القفزات السعرية المفاجئة".

مؤكدًا، أن الدولة تبذل جهودًا ملموسة في التوسع الزراعي لزيادة الإنتاج المحلي، ليس فقط لتحقيق وفرة في الأسواق، ولكن أيضًا لتعزيز القدرة التصديرية وجلب عملة صعبة تُسهم في تخفيف عبء تكاليف الإنتاج.

كما يشدد على أهمية أن يشتري المواطن الفاكهة في موسمها لتكون أقل تكلفة وأعلى جودة، مشيرًا إلى أن "انضباط السوق لا يعود بالنفع فقط على المستهلك، بل على التاجر أيضًا، لأن ارتفاع الأسعار يؤثر سلبًا على حجم المبيعات، بينما وفرة المعروض تُنعش السوق، وتزيد من معدلات الشراء والبيع، ويستفيد الجميع: المستهلك يشتري، والتاجر يبيع، والمنتج يربح".

اقرأ أيضًا:جيوب المواطنين تستقر في توابيت الغلاء

 توصيات عالمية

ليست المسألة رفاهية يمكن الاستغناء عنها في أوقات الضيق الاقتصادي، بل هي خسارة تمسّ جوهر الحق في الغذاء السليم، وتؤثر بشكل مباشر على صحة الأفراد، وخصوصًا الأطفال، الذين يشكّلون الفئة الأكثر هشاشة وتأثرًا بأي خلل غذائي. فالامتناع عن تناول الفاكهة، ليس مجرد حرمان من صنف غذائي مكمّل أو ترف على موائد الأسر، بل يعني بالمعنى المباشر الإخلال بتوازن غذائي أساسي ترتكز عليه صحة الإنسان ونموه.

وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، فإن تناول ما لا يقل عن 400 جرام يوميًا من الخضروات والفواكه يُعد أمرًا ضروريًا لتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض غير المعدية، مثل أمراض القلب، والسكري، وبعض أنواع السرطان. هذه الكمية ليست اختيارية، بل تُعتبر الحد الأدنى الذي يحتاجه الجسم كي يؤدي وظائفه الحيوية بكفاءة، ويحافظ على جهاز مناعي قوي قادر على مقاومة الأمراض.

كما تشير التوصيات الغذائية المعتمدة إلى أن احتياجات الأطفال من الفاكهة تختلف حسب العمر والجنس، وهو ما يعكس أهمية إدراج الفاكهة كعنصر أساسي يومي في النظام الغذائي للأطفال. فالأطفال الصغار في سن ما بين سنتين وثلاث سنوات يحتاجون إلى ما يعادل كوبًا واحدًا من الفاكهة يوميًا. ومع تقدمهم في السن، ترتفع الكمية المطلوبة؛ إذ يُنصح بأن يحصل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و13 عامًا على كوب ونصف يوميًا، في حين تحتاج الفتيات من سن 14 إلى 18 عامًا إلى كوب ونصف، ويحتاج الأولاد من نفس الفئة العمرية إلى كوبين يوميًا.

أما بالنسبة للفاكهة المعالجة مثل العصائر والمجففة، فتوصي الإرشادات بالاعتدال الشديد في استهلاكها، لا سيما للأطفال دون سن السادسة، حيث لا يُنصح بتجاوز نصف كوب من العصير الطبيعي 100% يوميًا، مع تجنّب المشروبات التي تحتوي على سكريات مضافة. وبالنسبة للأطفال فوق السابعة، يجب ألا يتجاوز استهلاك العصير 355 مل في اليوم. ويجدر الانتباه إلى أن نصف كوب من الفاكهة المجففة يعادل كوبًا من الفاكهة الطازجة، إلا أن الأخيرة تظل الخيار الأفضل لصحة الطفل.

وتبرز أهمية الفاكهة والتغذية المتوازنة بوجه عام، بحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، لا سيما خلال أول عامين من حياة الطفل، حيث تشكل هذه المرحلة حجر الأساس في تطوره الجسدي والذهني. التغذية السليمة في هذه السن الحرجة تضمن نموًا صحيًا وسليمًا، وتقوي الجهاز المناعي، وتُعزز التطور المعرفي، وتقلل من احتمالات الإصابة بالسمنة أو الأمراض المعدية والمزمنة في مراحل لاحقة من الحياة. وبالتالي، فإن حرمان الطفل من الفاكهة ليس مجرد تقليل من "الرفاهية"، بل إضعاف مباشر لأساسيات نموه وصحته على المدى البعيد. 

أطفال بلا مستقبل صحي واضح

ورغم أن البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2021 تشير إلى تحسن نسبي في مؤشرات سوء التغذية لدى الأطفال، حيث انخفضت نسبة التقزم "قِصر القامة مقارنة بالعمر" من 21% في عام 2014 إلى 12.8%، إلا أن هذا التحسن لا يعكس الواقع الفعلي في بعض المحافظات. فتفاوت الأرقام بين المحافظات يكشف عن خلل واضح في توزيع فرص التغذية السليمة، إذ تسجل محافظة جنوب سيناء أعلى نسبة تقزم بين الأطفال دون الخامسة بنسبة 26.8%، مقابل 4% فقط في محافظة الشرقية.

وتشير الإحصاءات ذاتها إلى أن التقزم ما يزال الشكل الأكثر شيوعًا من أشكال سوء التغذية، مقارنة بالهزال "5.9%" ونقص الوزن "6.4%". ويدل ذلك على أن المشكلة ليست مؤقتة أو ناتجة عن مرض طارئ، بل هي مزمنة ومتراكمة، ترتبط أكثر بسوء التغذية المستمر ونقص العناصر الأساسية للنمو، لا سيما في المراحل المبكرة من حياة الطفل.

ولا تنفصل هذه المؤشرات عن صحة الأمهات، إذ تظهر البيانات أن ثلث النساء فقط "33.3%" يتناولن مكملات الحديد أو الفواكه والخضار الورقية أثناء الحمل، وهو ما قد يؤثر مباشرة على الحالة التغذوية للطفل منذ ولادته.

في ضوء هذه الأرقام، تصبح حالات التقزم التي تظهر في البيوت الفقيرة والقرى المعزولة، كما ورد في البيان، مجرد أمثلة فردية على أزمة أوسع. أزمة تُفاقمها التحولات الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وعلى رأسها الفاكهة، التي أصبحت خارج متناول كثير من الأسر محدودة الدخل.

وبينما تؤكد الإحصاءات الرسمية أن أكثر من نصف الأطفال دون سن الخامسة لا يحصلون على الحد الأدنى من عدد الوجبات المناسبة لأعمارهم، فإن الحرمان من مكونات غذائية أساسية مثل الفاكهة -الغنية بالفيتامينات والمعادن- يزيد من اتساع فجوة الوصول إلى التغذية السليمة. وهو ما يستدعي حلولًا تتجاوز المساعدات المؤقتة، إلى سياسات شاملة تُعنى بدعم الأم والطفل، وتحسين فرص الحصول على الغذاء الصحي.

اقرأ أيضًا:المصريون وبقايا الطعام.. الموت في وجبة منخفضة التكلفة

خبراء: الفاكهة ضرورية ولكن بتوازن واعتدال

وفي السياق ذاته، يقول الدكتور محمد موافي استشاري التغذية، إن الفاكهة تُعد من العناصر الأساسية في بناء جسم الإنسان، مشيرًا إلى أنها مهمة وضرورية لكل الفئات العمرية، سواء للأطفال أو النساء أو المراهقين أو البالغين أو كبار السن.

موضحًا في حديثه مع فكّر تاني، أن الفاكهة تُعد مصدرًا طبيعيًا للفيتامينات والمعادن والألياف وحمض الفوليك، مشددًا على أن أهميتها تكون مضاعفة في مراحل الطفولة، حيث يبدأ خلالها بناء الجسم وتكوينه بشكل سليم.

الدكتور محمد موافي

"من أبرز الفيتامينات التي توفرها الفاكهة هو فيتامين ‘ج‘، الذي يلعب دورًا حيويًا في تجديد الخلايا ونموها، ويسهم في الحفاظ على صحة الأسنان واللثة، كما يساعد على التئام الجروح بشكل طبيعي، ويعزز صحة الجلد والأنسجة".

ويتابع: "من الفوائد المهمة للفاكهة أنها تساهم في الحفاظ على مستوى السكر في الدم، وده معناه إن الطفل يقدر يكتسب طاقة تساعده على ممارسة الرياضة، والحركة، والخروج، والقيام بالأنشطة اليومية من غير تعب"، مشيرًا، إلى أن الفاكهة لها دور مهم في بناء الجسم بشكل صحي، بل إن بعض أنواع الفاكهة تحتوي على عناصر غذائية تعوض نقص بعض الفيتامينات مثل فيتامين ‘سي‘ وفيتامين ‘د‘، فضلًا عن قدرتها على المساهمة في علاج بعض المشكلات الصحية.

"فيه فواكه بتساعد على علاج بعض أنواع الإمساك، وفيه أنواع تانية بتفيد في علاج بعض حالات الإسهال. الفاكهة كمان بتساعد في تنشيط الدورة الدموية، وبتدي الجسم باور وطاقة تساعده على القيام بالنشاط اليومي بكل حيوية".

ويؤكد الدكتور محمد موافي، أن الفاكهة تُعد عنصرًا أساسيًا في جداول السعرات الحرارية، نافيًا أن تكون السعرات الحرارية مقصورة فقط على أنظمة الدايت أو التغذية العلاجية، ومشيرًا إلى أن الهدف منها هو معرفة كيف يحصل الجسم على احتياجاته من الطاقة بشكل صحي.

"إن الطاقة التي يحصل عليها الإنسان من تناول الفاكهة الطبيعية أفضل بكثير من تلك التي تأتي من العصائر المصنعة أو الفواكه غير الطازجة، مؤكدًا أن العصائر المعلبة لها أضرار واضحة، في حين يصعب أن يكون للفاكهة الطبيعية أضرار ملحوظة، إلا إذا تم الإفراط في تناولها".

كما يشدد على أهمية الاعتدال في تناول الفاكهة، قائلًا: "الفاكهة زي أي حاجة، لو كلتها بزيادة ممكن تتعب، ولو حصل نقص في تناولها ممكن يحصل خلل في الجسم. لازم نوازن الكميات اللي بنتناولها يوميًا حسب الفئة العمرية والنوع الاجتماعي". ويوضح موافي الكميات المناسبة من الفاكهة يوميًا للأطفال والمراهقين، قائلًا إن الطفل من عمر سنتين إلى ثلاثة أعوام، سواء كان ولدًا أو بنتًا، يحتاج إلى ما يعادل كوب إلى كوب ونصف من الفاكهة يوميًا.

"من عمر 4 إلى 8 سنوات، يحتاج الأولاد من كوب إلى كوبين، والبنات من كوب إلى كوب ونصف. أما في سن 9 إلى 13 عامًا، فالكميات المناسبة تكون من كوب ونصف إلى كوبين، سواء كانوا أولادًا أو بنات"، مشيرًا إلى أن الفئة العمرية من 14 عامًا فما فوق، وهي مرحلة المراهقة، تحتاج إلى كميات أعلى، حيث يحتاج الأولاد إلى ما يتراوح بين كوب ونصف إلى كوبين، بينما تحتاج البنات إلى ما بين كوبين إلى كوبين ونصف يوميًا.

يختتم الدكتور محمد موافي حديثه قائلًا: "الملخص إن الفاكهة كأنها كابسولة طبيعية من الفيتامينات المفيدة لكل أعضاء الجسم، وينصح بها لكل الأعمار من الطفل للمراهق للبالغ لكبير السن، ودي حاجة لا غنى عنها. ومع ارتفاع أسعار الفاكهة، ممكن أشتري بالقطعة، بس ما أستغناش عنها أبدًا، لأنها ضرورية عشان الجسم يكتسب منها الطاقة والفايدة".

كما يشرح الدكتور رامي صلاح خبير التغذية العلاجية، أهمية الفاكهة في النظام الغذائي اليومي: "الفاكهة ليست رفاهية، بل مكوّن أساسي لا يمكن الاستغناء عنه"، مشيرًا إلى أنها مصدر طبيعي غني بالفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية.

ويتابع موضحًا لـ فكّر تاني، أن "لكل نوع من الفاكهة فائدة محددة"، وضرب أمثلة لذلك: "البرتقال والجوافة يحتويان على كميات عالية من فيتامين C، ما يساعد على تحسين امتصاص الحديد، أما الموز فيُعد غنيًا بالبوتاسيوم، الضروري لصحة القلب والعضلات".

الدكتور رامي صلاح

ورغم تأكيده على ضرورة تناول الفاكهة يوميًا، ينصح بعدم الإفراط العشوائي في تناولها، خاصة لمن يعانون من الكبد الدهني أو ارتفاع الدهون الثلاثية في الدم، إذ يمكن أن يؤدي تناول كميات كبيرة منها إلى نتائج صحية سلبية. إذ يقول: "المفتاح هنا هو الاعتدال والتنظيم، لا المنع ولا الإفراط."
ثم تحدث عن ارتفاع أسعار الفاكهة في السوق، معتبرًا أن "هذا الارتفاع قد يعكس حجم التكلفة التي يتحملها الفلاح، والتي قد تدفع البعض لاستخدام محسنات زراعية قد تضر بالصحة على المدى البعيد".
ويختتم الدكتور صلاح حديثه بنصيحة واضحة: "تناولوا الفاكهة في موسمها، عندما تكون طازجة و سعرها في المتناول، واعتدلوا في الكمية… فالاعتدال يصنع الفارق".

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة