بينما كانت الباحثة الأكاديمية روفيدة حمدي، زوجة الناشط السياسي محمد عادل، المحبوس احتياطيا منذ 12 عامًا، تقدم التماسًا لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي للعفو عنه، كان الحزن يلف بيوتًا أخرى، في مقدمتها بيت الأكاديمية ليلى سويف، حيث يبحث الجميع عن أي شيء يدخل الفرحة والسعادة عليهم، في عيد الأضحى المبارك، كمن يبحث عن إبرة في كوم قش.

وتقدمت روفيدة حمدي، تقدمت بالالتماس وبرفقتها جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، أمس الثلاثاء 3 يونيو، بطلب للعفو الرئاسي عن محمد عادل، المتحدث السابق باسم حركة 6 أبريل، حيث يواجه محمد عادل أزمتين تزيدان من معاناته، وهما منعه من مواصلة تحصيله الأكاديمي، وعدم احتساب سنوات عمره في الحبس الاحتياطي ضمن مجموع الحكم الصادر بحقه، والذي انتهي في فبراير 2025، ومع ذلك ما زال محبوسًا حتى اليوم.
وقالت روفيدة:" سيادة الرئيس، كل ما أرجوه أن تعتبر 12 عامًا عقابًا كافيًا على أراء سياسية لم تكن محل قبول من الدولة، أرجو أن يكون هذا كافيًا، وأن تنتهي معاناتنا علي يديكم الرحيمة".

علاء وليلى
وأعلنت سناء سيف، عودتها إلى القاهرة لزيارة شقيقها علاء عبد الفتاح في سجنه خلال زيارة عيد الأضحى.
وطالبت في تدوينة على حسابها بموقع فيسبوك بأن تظهر خلال الأيام القادمة أي بادرة حل، مشيرة إلى والدتها لا تستطيع ترك المستشفى لظروفها الصحية والعودة إلى مصر، كما طالبت بعض المناشدات.

وأوضحت أن والدتها رجعت القاهرة في وقت سابق، وطرقت كل الأبواب، وذهبت إلى النائب العام وقصر الإتحادية، دون استجابة لمطالبها، لدرجة أنها لم تستطيع احتضان ابنها لاجراء زيارته من خلف حاجز زجاجي.
ويسود قلق واسع بين القوي الديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان في مصر، حول تطورات الحالة الصحية للأكاديمية الدكتورة ليلى سويف، بعد مواصلتها إضرابها المتواصل عن الطعام، احتجاجًا على استمرار احتجاز عبد الفتاح، رغم انقضاء مدة محكوميته رسميًا في 30 سبتمبر 2024، وفق محاميه.
غياب معنى العيد
" لا معنى للأعياد وأهالينا خلف القضبان، مفيش عيد ممكن يعدي على الناس وفيه حد منهم ناقص، مش بيبقى فيه عيد "، تقول الدكتورة ندى مغيث، زوجة الصحفي أشرف عمر، رسام الكاريكاتير، والمحبوس احتياطيا لما يزيد على 10 أشهر، لـ فكّر تاني.

وتضيف:" في الحقيقة أنا قلقانة وحيرانة بسبب أنني لا أعرف ميعاد الزيارة الاستثنائية، حتى الآن، وهل هيفتحولنا الزيارة أول يوم العيد أم قبله أم بعده؟ ده غير إن زيارة العيد بتبقى زحمة خرافية لأسر السجناء، الذين يريدون أن يفرحوا بالعيد بمجرد زيارة لأهاليهم المحبوسين، وفي الوقت نفسه هناك من يفكر في تأجيل الزيارة لبعد العيد بسبب الزحمة والانتظار الطويل".
وعن تأثير تأخير الزيارة على حياتها العلمية والعملية توضح ندى:" أنا أدرس في معهد النقد الفني بأكاديمية الفنون، وأقوم بالإشراف على أبحاث تخرُج، وعندي امتحانات هنا وهناك"، وتتساءل:" هاعمل كل الحاجات دي إمتى؟ هاروحله ولّا أستعد للامتحانات، أنا بصراحة في دوامة كبيرة".
الزحام يؤجل زيارة العيد
إيمان الخطيب، زوجة الصحفي مصطفى الخطيب، ست سنوات في الحبس، تقول لـ فكّر تاني:" في الغالب بنروح نزوره في العيد أنا والولاد، 4 ولاد عارفين إن أبوهم مسجون، وبعدين نرجع نقضي العيد عند مامته، حماتي، اللي ما كانتش تعرف إنه محبوس غير من كام شهر، كنا مخبيين عليها، لذلك كانت تنتظره أن يأتي في كل عيد، ولما عرفت راحت زارته، قبل العيد بكام يوم،لأنها ست كبيرة، ولن تحتمل زحام الزيارات في العيد، وكذلك الانتظار الطويل".

وتضيف زوجة مصطفى الخطيب:" احنا من ست سنين وموضوع العيد مش بيشغل بالنا، غير إننا نروح نزوره في العيد، وممكن ما نروحش نزوره في العيد ده بسبب الزحمة والانتظار الطويل، وغالبا هنروحله بعد العيد".
وتتابع:" أما عن الأولاد، فبحاول أحسسهم إنه مفيش مشكلة تخليهم ما يفرحوش بالعيد زي غيرهم، وباخدهم وبنخرج نتفسح، ومش بيبقى ناقصهم غير وجود أبوهم معاهم،علشان تكمل فرحتهم، وده تقليد بحاول احافظ عليه كل عيد".
وكانت قوات الأمن ألقت القبض على الصحفي مصطفى الخطيب من منزله في 13 أكتوبر 2019، وظهر في اليوم التالي أمام نيابة أمن الدولة على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019 أمن دولة، ووجهت إليه النيابة اتهامات الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة.
"نصلي وندعو ولا نفرح بالعيد"
ويقول خالد بدوي، زوج المحامية هدى عبد المنعم، لـ فكّر تاني:" نحن لا نفعل في العيد غير التكبير والصلاة، والدعاء لربنا بأن يفك كربنا ويُفرّج همنا، ويعود المساجين لأهاليهم، ونقضي العيد مثل باقي الناس، إلا أننا لا نخرج، ولا نشعر بفرحة العيد مثل الآخرين، فنحن مشغولون بالدعاء ربنا يفرّج الكرب".
وعن زيارته لزوجته في السجن خلال أيام العيد قال بدوي:" إحنا مالناش زيارة في العيد، لذلك أنا وأولادنا لا نفعل شيئا سوى الصلاة والدعاء".

وكانت المحامية هدى عبد المنعم، 64 عاما، عضوا بالمجلس القومي لحقوق الإنسان من 2012 إلى 2016، وتم اعتقالها نهاية أكتوبر 2018، وصدر الحكم عليها في القضية المعروفة باسم "قضية التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" بالسجن 5 سنوات، بتهمة الانضمام لجماعة محظورة، وتنتهى مدة اعتقالها في 2023، لكنها لم تخرج، واستمر سجنها على ذمة قضية جديدة برقم 730 لسنة 2020.
"مروة سويتس.. حياة موازية"
وتقول الدكتورة وفاء حنفي، والدة المترجمة مروة عرفة، المسجونة احتياطيا منذ ما يزيد على 5 سنوات، لـ فكّر تاني:" الحكاية طوّلت ومسخت، فالواحد بقى يعيش حياة موازية، ونستعد للعيد قبله بأيام لتحهيز زيارة وأكل حلو لمروة وزميلاتها في السجن، واحنا في العيد غالبا ما بناكلش، كما أننا لا نحتفل بالعيد، وبنخلي كل مصاريفنا للزيارة".


وتضيف:" باخد وفاء، بنت مروة، عندها توحد، ونروح نزور أمها، بتكون مروة هى وزميلاتها في السجن عملوا حلويات لوفاء، عشان كدا وفاء مسمية أمها مروة سويتس، يعني مروة حلويات، الحلويات دي باخدها من مروة، وكل يوم أدي وفاء وحدة، وأقولها إن دي من أمها مروة، وتكمل وفاء هذا الشهر عامها السابع، أي أنها لم تعش مع أمها من حوالي 5 سنوات، وهى لا ترى البلالين والحلويات إلا في المسجد، لأنني آخذها ونصلي العيد، وبعدها نذهب لزيارة مروة في السجن".
وتوضح والدة مروة عبد المنعم أن العيد زيارة استثنائية، والتفتيش على المأكولات بيبقى خفيف، حتى الأكل اللي مش بيبقى مسموح بيه في غير العيد، بيسمحوا بيه، ومروة وزميلاتها بيكونوا طالبين كيكة مثلا بناخدها معانا في الزيارة، وقضية مروة أول جلسة ليها يوم 6 يوليو القادم، ونأمل أن ينصفنا القضاء".
أما عن أهالي السجناء الآخرين، فتقول الدكتورة وفاء:" الناس ما بقيتش مركزة زي الأول، جالها إحساس إنها عايشة ومش عايشة، بقينا بنتحرك وجوّانا فاضي، وليس أمامنا إلا أن نتحمل فنمرض، أو ننفجر، وأتوقع مع استمرار الوضع على ما هو عليه أظن الناس هتنفجر، ومع زيادة عدد المساجين نرى أطفالا صغارا محرومين من أهلهم عشان كتبوا بوست ع الفيس أو تويتر، وربنا يستر لأنني أري أغلب الناس تايهين، مفيش روح زي الأول".
المترجمة مروة عرفة متهمة ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية والترويج لأغراضها، وهى القضية رقم 570 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
"مكانه فاضي"
نورهان حسن، أخت أحمد حسن، المختفي قسريا منذ عام 2019، تقول لـ فكّر تاني:" عملنا كل الإجراءات القانونية لنعرف مكانه، وحتى اليوم لم نصل لمكان وجوده، والعيد يمر علينا صعب جدا، صعب لأن مكانه وسطينا فاضي، ولا نعرف عنه شيئا، والدته صحتها ضعفت جدا، وزاد عليها الضغط والسكر، كما أننا لم نمارس أي طقس من طقوس العيد من يوم اختفائه، لكن أمي حريصة على أن تعطينا العيدية، وتضع عيدية أحمد في ظرف على جنب، كل عيد".

وعن قضاء أسرة أحمد حسن للعيد تقول نورهان:" نحن نهرب من العيد بالنوم بعد الصلاة، وإذا اجتمعنا مع أمنا ينظر كل منا للآخر، لا نعرف ماذا نقول، وأمي تقضي العيد كله عياط، وأكثر ما يخيفها أن تموت دون أن ترى أحمد".
رحمة وإنسانية
وتقول سلوى رشيد، زوجة شادي محمد، المحبوس احتياطيا على ذمة القضية رقم١٦٤٤ لسنة ٢٠٢٤، منذ 13 شهرا:" بيوت كتير ملهاش عدد مش هتدخلها الفرحة، عشان محرومين من حبايبهم اللي ورا السور، والست اللي بتقاوم بجسمها لحد آخر لحظة عشان القانون يتطبق، وابنها يخرج، والموضوع مش محتاج أكتر من شوية رحمة وإنسانية وجرة قلم".

وتضيف زوجة شادي محمد لـ فكّر تاني:" بحب أقضّي أيام العيد زي ما كنا بنعمل أنا وشادي، بروح عند حماتي بعد الصلاة علطول، ونفطر مع بعض، واقعد معاها أغلب النهار، وأروح أتغدى مع أهلي، وتاني وتالت أيام العيد أقضيهم مع حماتي زي ما كنا بنعمل سوا أنا وشادي، ما غيرتش النظام ده أبدا في الأعياد اللي فاتت، وهو محبوس، وبرضه مش هاغيره لحد ما يطلع بالسلامة".
وتتابع:" والدته وأهله بيبقوا متأثرين طبعا لغيابه في الحبس، وأنا بحاول أخفف عنهم، واقولهم اعتبروه مسافر، وبقعد أضحك واهزر معاهم، لدرجة إنهم بيتهموني ببرود الأعصاب، ولكني مش عايزة أصدّر طاقة سلبية لأي حد، ولما بسيبهم وأرجع بيتنا، أعود لأحزاني ومشاعر الفقد والقلق على المستقبل".
وعن زيارتها لشادي في أيام الوقفة والعيد تقول سلوى:" زرته مرة واحدة في العيد لما كان مسجون في سجن العاشر، ولكن بعد ما نقلوه لسجن برج العرب، رفض شادي زيارتي له في الأعياد، لأن سجن برج العرب بيبقى زحمة شديدة وانتظار طويل، وفي النهاية لا أجلس معه سوى 10 دقايق، مش بنلحق نقعد مع بعض، بعد انتظار الزيارة لمدة 5 ساعات أو أكثر، فاتفقنا أروحله زيارة بعد العيد أو قبله".
شادي محمد، القياي النقابي، عضو اللجنة الشعبية لدعم فلسطين، تم القبض عليه وحبسه احتياطيا في القضية المعروفة إعلاميا باسم " قضية بانر فلسطين"، ويواجه شادي اتهامات، بتأسيس "جماعة إرهابية، وتولي قيادة عناصر إثارية، والدعوة للتجمهر وإذاعة أخبار كاذبة لتكدير السلم العام".
تأجيل العيد
وتقول أماني حمدي، زوجة حمدي مختار، أو حمدي الزعيم المحبوس احتياطيا، لـ فكّر تاني:" أنا حاسة إن الكلام خلص، هنقول إيه ولّا إيه، احنا بقالنا سنين ما شفناش فرحة العيد، أكتر من 10 أعياد عدوا وحمدي محبوس، مش موجود معانا، والوضع بقى صعب، الولاد الصغيرين مايعرفوش أبوهم، مالك ابني عنده 8 سنين ما يعرفش أبوه".

وعن زيارتها لزوجها في العيد تؤكد أماني:" إحنا بقينا نزوره كل كام شهر، لأن الزيارة مكلفة جدا، أكتر من 6 آلاف جنيه للزيارة الوحدة، وعندنا 4 أولاد أكبرهم ميرنا محامية وعملت ماجستير السنة ادي، وملك في سنة تالتة كلية تجارة، وفارس 13 سنة في تالتة إعدادي، ومالك 3 ابتدائي، ومصاريف المدارس والبيوت قاطمة وسطنا".
وتتابع زوجة حمدي الزعيم:" نقضي العيد بالجلوس في المنزل، لا نذهب لأحد، لأن والدي حمدي متوفين، ويلعب الأطفال مع أصحابهم في الشارع، ولما الولاد يسألوني عن العيد أقول لهم إحنا مأجلين العيد لحد ما أبوهم يطلع بالسلامة، والناس كلها تحتفل بالعيد إلا إحنا أهالي السجناء لا نشعر به".
حمدي مختار، أو حمدي الزعيم أكمل 8 سنوات حبسا احتياطيا، وهو أحد الصحفيين المحبوسين على ذمة القضية 955 لسنة 2020 بتهمة نشر أخبار كاذبة، ضمن أكثر من 20 صحفيًا وصحفية في قضايا مختلفة.