“الفردوس” المفقود.. آلاف الأسر في بورسعيد تعيش “نكسة” جديدة

“ازاي اتهجر تاني وأنا كبيرة؟ اللي حصل خلاني أفقد الانتماء للبلد، خسارة كبيرة جدًا. احنا حاسين بالانهيار والضياع ومهما قلت الكلام مش هيعبر عن اللي جوايا. ده مرار وحقد عالبلد دي اللي خدت مننا كل حاجة”.

كان صوت نسرين العباسي متهدجًا يروي ما في عينين دامعتين، من ألم قصة إخلاء إجباري للمرة الثالثة تعرضت له هذه السيدة، وهي امرأة في الستينيات، عاشت طفولتها وسط أهوال الحروب، ثم قضت سنوات في الغربة بالكويت، لتعود وتواجه في شيخوختها كابوسًا جديدًا لم تتخيله.

في صباح السادس من مايو 2025، استيقظ سكان قرية الفردوس غرب بورسعيد على صوت آليات الهدم وصرخات الجيران. لم يكن هناك إنذار قانوني مسبق، ولا مهلة كافية لإخلاء المنازل. في غضون ساعات، تحولت حياة أكثر من ألف أسرة إلى جحيم، وتبددت ذكريات ثلاثين عامًا من العمر والجهد.

انتظر السكان، يحدوهم الأمل، جلسة 24 مايو القضائية لوقف هدم قريتهم، لكن أملهم تبدد بتأجيل محكمة بورسعيد الابتدائية الجلسة للمرة الثانية حتى 31 مايو، الأمر الذي رأوه “تسويفًا” في مقابل معاول هدم لم تهدأ انتظارًا للحكم.

الفردوس.. “جنة ربنا اللي مش عايزينها على الأرض”

تأسست قرية الفردوس، غرب بورسعيد بخمسة كيلومترات على البحر المتوسط، في التسعينيات، كقرية سياحية صيفية. لاحقًا، تحولت إلى مساكن دائمة لأصحابها “جنة ربنا على الأرض بالنسبة لنا”؛ كما تصفها بسنت الصواف، إحدى المالكات، والتي لا ترى هذا المكان أقل من سكن ومستقر استثمرت فيه عمرها.

فكيف بدأت هذه القصة؟

بدأت القصة في عام 1990، عندما طُرح مشروع “قرية الفردوس” بإعلان من محافظ بورسعيد. تم تخصيص أرض مساحتها 130 ألف متر للمشروع، وكان سعر الوحدة آنذاك حوالي 25 ألف جنيه.

صدرت رخص المباني، وبدأ البناء، وحصل المشترون على عقود تمليك للوحدات.

وفي عام 1995، أُعلن عن اتحاد ملاك قرية الفردوس بشكل رسمي. وكانت العقود واضحة: تمليك مباني وحق انتفاع أرض غير محدد المدة، على أن يسدد مجلس الإدارة حق الانتفاع سنويًا.

على مدى ثلاثة عقود، تحولت الأرض الجرداء إلى واحة خضراء تضم 1067 وحدة سكنية يقطنها نحو 6 آلاف نسمة. بنى السكان بأموالهم الخاصة البنية التحتية والفوقية، وأقاموا مسجدًا وحمام سباحة وصالة جيم ومحال تجارية تخدمهم.

“دفعنا 25 ألف جنيه، مبلغ كبير وقتها، عشان نبني بيوتنا على أرض صحراوية”؛ تتذكر نسرين العباسي، التي عملت من 1988 إلى 2019 في الكويت لتؤمن هذا الحلم. “كنت باجمع كل قرش عشان شقة الفردوس”.

تقول أماني البدري، إحدى سكان القرية لـ فكر تاني: “عشنا في الفردوس أجمل أيام حياتنا، وشفنا فيها الحب والهدوء والأمان”. لم تكن القرية مجرد مسكنًا صيفيًا، بل سكنًا دائمًا لكثيرين، خاصة كبار السن الذين تنازلوا عن شققهم في المدينة لأبنائهم بسبب أزمة السكن.

كانت المتنفس الأخير لما تبقى من طبقة متوسطة قررت الاستقرار على ساحل بورسعيد؛ كما يقول خمسة من الأهالي الذين تحدث معهم فكر تاني.

بنعيش يوم “نكسة” جديد

“يوم 5 مايو اتقطعت علينا الماية والكهربا، وتاني يوم الساعة 6 الصبح، دخلت الشرطة وعربيات الأمن المركزي من بوابات القرية، ومعاهم معدات الهدم”؛ تصف بسنت الصواف مشهد اقتحام قريتهم الهادئة، فتقول: “باختصار شديد، احنا اتهجرنا من بيوتنا بكل ظلم. فجأة لقينا ناس بتهدم البيوت فوق روسنا من غير ما نلحق نلم حاجاتنا، ومن غير أي إنذارات قانونية”.

محمد غباشي، عضو اتحاد الشاغلين بالقرية، في حديثه لـ فكر تاني قال: “هدموا المبنى بتاع التوكيلات، وهدموا كمان وحدة الإسعاف وحمام السباحة ومبنى الإدارة. كل دي من أملاك القرية، يعني ما لهمش حق يدخلوا يهدموا فيها أي حاجة”.

عندما حاول السكان الاستفسار، كان الرد صادمًا: “الحقوا اخلوا لأن ده أمر خلاص عليكم ولازم تخلوا.. قدامكم 72 ساعة”. بل أن أحد أفراد كان يقول – بحسب أماني: “الحقوا فضوا البيوت قبل الساعة 5 لأننا ماشيين وهيجي غيرنا مش هيبقى زينا”.

خلال مُهلة الأيام الثلاثة التي أُعطيت للسكان لإخلاء منازلهم، شهدت القرية عمليات سرقة ونهب. “كانت في وحدات بتتخرب وبيكسروا الحيطان بتاعتها على عفش الناس، والبلطجية تدخل بكامل الأريحية تسرق بالليل حاجات الناس”؛ تشير بسنت. بينما تصف أماني البدري المشهد، فتقول: “اتفاجئنا بالتتار وهجوم علينا من 3 جبهات: الداخلية بكل قوتها كأننا في حرب، ومقاول الهدم بصبيانه جايين يهدموا، والبلطجية والمسجلين خطر عشان يسرقوا”.

الأربعينية نجاة حسن تروي لـ فكر تاني كيف سُرقت محتويات منزلها: “الناس كانت بتلم العفش علي ضوء الموبايل. ودخل بلطجية يلموا في الحاجة أو يساومونا إننا نرضى بأي تمن للحاجة، والقسم كان رافض يعمل محاضر للناس دي والظباط كانوا واقفين يتفرجوا عليهم”.

هذه الرواية أكدها كثير من المواطنين، بينهم نسرين العباسي، التي قالت: “في ناس معندهاش بيت تاني تروحوا وأنا واحدة من الناس دي.. حرام ده يحصل فينا واحنا في السن ده، أنا عندي إصابة مزمنة في الفخد ومبقدرش اتحرك أساسًا”.

اضطرت هذه السيدة للإقامة عند أقربائها في الإسكندرية، مثلها مثل مئات آخرين تحولوا بين ليلة وضحاها من ملاك إلى باحثين عن سكن.

ما يحدث في غرب بورسعيد وقرية الفردوس ليس مجرد قرارات محلية “بل هو جزء من سياسة عامة تتبعها الدولة في ملف التنمية العمرانية، تعتمد بشكل أساسي على استخدام القوة لإخلاء السكان بدلًا من الحوار معهم أو توفير بدائل حقيقية. وهذا يؤكد أنه لا يوجد في مصر شيء اسمه حق في سكن آمن أو ملائم”؛ يقول إبراهيم عز الدين الباحث العمراني.

وبحسب حديث عز الدين لـ فكر تاني، فإن “ما نراه هو أن الحكومة تتعامل مع السكان كعقبة يجب إزالتها من طريق المشاريع، حتى لو بالقوة”. وهو يدلل على ذلك بما يحدث في جزيرة الوراق التي “تخضع للحصار” منذ عام 2017 حتى اليوم بغرض إخلائها من السكان.

اقرأ أيضًا: قراءة جديدة في “رأس الحكمة” وما بعدها من رؤوس

أليس هذا إهدارًا لأحكام القضاء؟

“هل وصلت سيادة ودولة القانون لبورسعيد؟”؛ سؤال يطرحه محمد الغباشي، عضو اتحاد الشاغلين في القرية، بينما يُصعد تساؤله، فيقول: “ازاي ممكن أقتنع بهيبة الأحكام النهائية طالما أول إيد امتدت لهدر أحكامها كانت إيد المحافظة؟”.

بدأت المشكلات في التسعينيات بتأخر اتحاد الملاك عن سداد مستحقات الأرض. عام 2000، حددت المحافظة حق الانتفاع بـ25 عامًا، مخالفةً العقود الأصلية التي نصت على انتفاع مفتوح حتى هلاك المباني. “عقودنا، الموقعة في 1994 و1996 و1997، واضحة: ملكية المباني لينا، وحق الانتفاع مفتوح”؛ يؤكد الغباشي.

آثار الهدم في عقارات قرية الفردوس
آثار الهدم في عقارات قرية الفردوس

في مايو 2019، وكبادرة حسن نية، دفع اتحاد الملاك 35 مليون جنيه كمستحقات، بينما حكمت محكمة القضاء الإداري في 2020 بأحقية المحافظة بـ25.6 مليون جنيه فقط، مما يعني فائض 11 مليون جنيه للسكان.

عاما 2020 و2021، أصدر المحافظ السابق عادل الغضبان قرارين بنقل تبعية “الفردوس” للجهاز التنفيذي، ولم يوافق على امتداد حق الانتفاع. “احنا اتغدر بينا بكل معنى الكلمة عشان مستثمر يجي ياخد مساحة الأرض”؛ تقول بسنت الصواف.

وقلقًا من تعنت الغضبان، بحسب الغباشي، رفع السكان قضية مدنية لإثبات صحة عقودهم. وحكمت المحكمة في فبراير 2024 بصحة العقود، ومدنية العلاقة، ونفاذ اتحاد الشاغلين، وعدم الاعتداد بقرارات المحافظ، ما يعني “مفيش للمحافظة سلطان علينا من غير حكم محكمة”.

وتجدد النزاع بعد طلب المحافظة من هيئة قناة السويس تسليم وحدات “الفردوس” في مارس 2025. ورفع المستشار القانوني لاتحاد الشاغلين دعوى جديدة في 5 أبريل 2025 ضد محافظ بورسعيد ورئيس الوزراء، مطالبًا باستمرار الشاغلين بالقرية، استنادًا لانتهاء حق الانتفاع بهلاك المباني لا بمدة محددة.

وأُجلت الجلسة الأولى في 4 مايو 2025 إلى 24 مايو 2025، لنظر طلبات الدفاع المتمثلة في الاطلاع على القرارات الرئاسية ورئاسة الوزراء التي تستند إليها المحافظة في المطالبة بتسليم “الفردوس”.

وبعد يومين فقط من الجلسة الأولى، يقول الغباشي إنه “فوجئنا بألفين عسكري و150 آلية مدرعة وعشرات الجرارات للهدم اقتحمت القرية دون إنذار أو إخطار، في حضور مدير الأمن ومساعديه. طب فين القرار؟ منعرفش اسألوا المحافظة، طب ازاي وانتوا جايين إنفاذ قانون للقرار، منعرفش”.

 “خطوات الهدم دي اتاخدت استباقًا للحكم القضائي وإهدارًا لحكم الملكية.. محتاجين لجنة تحقيق من النائب العام وتدخل فوري من رئاسة الجمهورية لإنقاذ أملاكنا”؛ يضيف محمد الغباشي.

ويرى الباحث إبراهيم عز الدين أن ما حدث في الفردوس وضاحية الجميل، التي أجبر سكانها على الإخلاء بالقوة العام الماضي، يكشف أن عقود حق الانتفاع في مصر لم تعد تضمن سكنًا آمنًا أو حيازة مستقرة “فالدولة تتعامل معها كعقود مؤقتة، ويمكنها إنهاؤها وطلب المغادرة رغم التزام السكان بسداد المستحقات وإقامتهم منذ سنوات. بالتالي، أصبحت فكرة السكن الملائم والحيازات الآمنة مهددة. وهو خرق صريح للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي وقعت عليه مصر، والذي يوجب حماية حق السكن وعدم الطرد القسري دون بدائل وتعويض عادل”.

وتعرضت ضاحية الجميل لإجراءات مماثلة للفردوس، شملت إزالة أكثر من 400 عقار سكني يقطنها حوالي 2500 أسرة. عُرض على ملاك “الجميل” تعويضات قُدرت بنحو 150 ألف جنيه للوحدة، وهي مبالغ غير موازية للقيمة السوقية.

الخسارة كبيرة.. الآثار الإنسانية والاجتماعية لأزمة الفردوس

“إزاي أتهجر تاني وأنا كبيرة؟”، تتساءل نسرين العباسي “في صغري، حضرت حرب الاستنزاف وحرب 73، واتهجرت مرتين من بورسعيد لمدة 7 سنين مرة للزقازيق ومرة للقاهرة. وأخويا استشهد في حرب الاستنزاف”.

قرية الفردوس كانت جنة لساكنيها
قرية الفردوس كانت جنة لساكنيها

بعد سنوات من الغربة في الكويت، عادت نسرين إلى مصر عام 2019 مع زوجها المريض، لتستقر في شقتها بقرية الفردوس، التي استثمرت فيها “شقى العمر” على حد تعبيرها.

ما حدث ترك جرحًا عميقًا في نفوس السكان؛ هكذا يقول أغلبهم. “والله حتى في الكويت وقت الغزو العراقي، ما حصلش معانا اللي حصل في قرية الفردوس، ولا دخلوا علينا بيوتنا ولا هدموها. بالعكس، الكويت صرفت تعويضات لينا بعد ما رجعنا”.

لم تكن طامة “الفردوس” الوحيدة لنسرين العباسي، فقد ذهب جزء آخر من مدخراتها هباءً بشراء قطعة أرض بمشروع “الأمل والقادسية” في العبور لزراعتها رفقة زوجها المهندس الزراعي. لكن قرارًا رئاسيًا في 2016 حوّل تبعية الأرض لجهاز العبور الجديدة، الذي طالب الملاك بإعادة شرائها بشروط وأسعار جديدة رغم ملكيتهم، ما أثار نزاعًا قانونيًا مستمرًا.

يُقدّر الغباشي الخسائر العقارية بأكثر من 20 مليار جنيه، إضافة إلى ممتلكات شخصية تصل إلى 200 مليون جنيه. “حتى التكييفات ومعدات الجامع اتسرقت.. بلطجي قال لي: كنتي تديني 500 جنيه وأخد عفشك، بدل ما نديه للعسكري”؛ تُحصي أماني الخسائر. ناهيك عن “الأتوبيسات اللي اتصادرت وتجهيزات القرية والإدارة والملاعب والجيم، وحمام السباحة وتجهيزاته. إحنا في كارثة”.

لكن الخسائر المعنوية أكبر بكثير “إحنا مدمرين نفسيًا على سنين عمرنا وذكرياتنا اللي راحت.. إحنا لحد دلوقتي مش مصدقين إن فيه كده بيحصل. شفنا القهر والذل في أكتر مكان عشنا فيه وشفنا فيه الحب والهدوء والأمان. صدقني، اللي حصل كان زلزال ثقة، شرخ كبير”؛ تصف أماني البدري صدمتها.

الحكاية مستثمر وعايز ياخد الأرض

“هيدوا الأرض لمستثمر، غالبًا هيكون مصري أو حد خليجي معاه. بس كل حاجة ماشية في السر، لأنهم حتى مع كل اللي حصل ما فتحوش سيرة تعويض”؛ تتحدث بسنت الصواف عن الدوافع المحتملة وراء محاولة إخراجهم من قريتهم.

لا تدعم تقارير مؤكدةً ادعاء الصواف، إلا أن تخوفها هذا يعكس رؤية العديد من المواطنين لما يحدث معهم باعتباره يتم لصالح دول خليجية أو كبار رجال العقارات. وهو ما شهدنا أمثلة عليه آخرها إخلاء سكان قرية جميمة لمشروع “ساوث ميد” التابع لهشام طلعت مصطفى، وسكان رأس الحكمة الذين ذهبت أرضهم للمستثمر إماراتي، دون تعويض مناسب.

عمليات إزالة لبعض الوحدات في ضاحية الجميل (مواقع التواصل)
عمليات إزالة لبعض الوحدات في ضاحية الجميل (مواقع التواصل)

إخلاء “الفردوس” ليس حدثًا معزولًا، بل ضمن سلسلة قرارات لإعادة تشكيل غرب بورسعيد. ففي نوفمبر 2019، خصص الرئيس السيسي 3075 فدانًا بالمنطقة لهيئة المجتمعات العمرانية. وعام 2023، اعتمد وزير الإسكان المخطط الاستراتيجي للمنطقة. وفي فبراير 2024، أخلت محافظة بورسعيد جبريًا ضاحية الجميل القريبة. وسبقت هذه القرارات إنشاء مشروعات سياحية كبرى مثل “بورتوسعيد” و”تاور باي”.

“لو استكتروها علينا يعرفونا دي آخر قطعة أرض علي ساحل بورسعيد تخدم الطبقة المتوسطة”؛ تقول أماني البدري، موضحةً: “اللي اعرفه إن المستثمر اللي عايز ياخد الأرض طلب نادي الأبطال والجميل والفردوس كلهم مع بعض لعمل منتجع سياحي جديد للأغنياء”.

صرخة من أجل العدالة

“إحنا عايزين بيوتنا، حتى لو باقي منها طوبة. عايزين ذكرياتنا مع أصحابنا وجيرانا وأهالينا. عايزين مكاننا وزرعنا اللي موتوه وهما بيدوسوا عليه بآلات التخريب. عايزين قرية الفردوس، إحنا مش عايزين فلوس. بلدنا لازم تفهم إن القصة مش جني أموال، في شعب لازم يكون عنده انتماء، وده بيجي من الذكريات اللي هدوها فوق دماغنا”، بهذه الكلمات، تلخص أماني البدري مطالب سكان الفردوس.

بعد نحو 3 أسابيع من “نكسة 6 مايو” -كما اتفق السكان على تسميتها في حديثهم مع فكر تاني- لا تزال الأمور غامضة. لم تعلن المحافظة عن أي خطط للتعويض، ولم تكشف عن هوية المستثمر الذي سيستفيد من الأرض، ولم توضح السند القانوني لعمليات الإخلاء والهدم.

تواصل فكر تاني مع أحمد نجم، مدير العلاقات العامة والإعلام في محافظة بورسعيد، للرد ولكن لم نتلق ردًا حتى موعد نشر التقرير.

وما يزال السكان ينتظرون جلسة المحكمة للنطق بالحكم المقررة في 31 مايو 2025، على أمل أن ينصفهم القضاء ويعيد لهم حقوقهم. لكن حتى لو صدر حكمًا لصالحهم، فإن الضرر قد وقع بالفعل. المنازل هُدمت، والممتلكات سُرقت، والذكريات تبددت.

ويلفت الباحث العمراني عز الدين إلى أن المشهد يفتح ملفًا أكبر وهو مشروع الأسمرات، الذي تروّج له الدولة كـ”بديل آمن” لسكان العشوائيات وكونه “حلًا إنسانيًا وسكنًا آمنًا”، إلا أن شققه مبنية على نظام عقود حق الانتفاع لا التمليك أو الإيجار الدائم “وهذا يعني، بناءً على ما حدث في الفردوس والجميل، أنه لا يوجد ضمان بأن السكان سيظلون في بيوتهم أو أنهم محميون من قرارات الإخلاء مستقبلًا”.

“طفل بعمر 10 سنوات، كتب: مش هسامحكم ليوم الدين، إزاي أقنعه يحب البلد؟”؛ تساؤل مؤلم يطرحه الغباشي، مشيرًا إلى أن غالبية السكان من أصحاب المعاشات والمحاربين القدامى “مش هيقدروا يتحملوا الظلم ده؟”. تتردد كلمات نسرين العباسي: “أنا راح شقايا مرتين واتهجرت 3 مرات. البلد أخدت مني عمري وتعب سنيني”. وهو جرح يتطلب علاجًا، وظلم ينبغي إنصافه.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة