أكدت النائبة مها عبد الناصر، نائبة رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وعضوة مجلس النواب، أن حزبها يعيد تقييم مشاركته في المسار السياسي الحالي، بما في ذلك الانتخابات البرلمانية المقبلة، في ظل ما وصفته بـ “توقف” مسار التحول الديمقراطي وعدم الإفراج عن سجناء الرأي وتوقف الحوار الوطني.
وفي حوار شامل، ضمن سلسلة حوارات “سجال برلمان 2025” لمنصة فكر تاني، ربطت الأكاديمية التي تعد أحد أبرز الأصوات النسائية المعارضة في المشهد السياسي المصري، بين ضرورة إطلاق سراح سجناء الرأي وتحقيق “اصطفاف وطني حقيقي” لمواجهة التحديات الجيوسياسية، مشددةً على أن حزبها “لا يقاطع الانتخابات” لكنه “لن يشارك إذا مُنع”.
تطرقت أيضًا إلى مطالبة بسرعة إصدار قانوني الأحوال الشخصية ومناهضة العنف، مدافعةً عن نظام “الكوتة” كآلية ضرورية لتعزيز تمثيل النساء، بينما ناقشت أداء البرلمان، والمشهد النقابي، والتحديات التي تواجه العمل السياسي في مصر.
إلى نص الحوار:
حضور المرأة
في البداية، أين تقف المرأة المصرية حاليًا، وما موقعها من الإعراب في الوضع السياسي؟

وضع المرأة يشهد جدلًا واسعًا. فالبعض يشعر أننا حصلنا على حقوقنا، بل وحقوق كثيرة أيضًا. وهذا جزئيًا صحيح، إذ نالت المرأة بعضًا من حقوقها، لكنها تستحق المزيد. ليس فقط لأنها نصف المجتمع وصانعة الأجيال، كما يردد الجميع، بل لأن المصريات ما زلن محرومات من حقوق كثيرة عالقة بين العرقلة والتجميد.
جميع القوانين التي تُسنّ حاليًا تحاول مراعاة حقوق المرأة، وهذا أمر إيجابي وجيد، لكن لا يزال هناك قانونان مهمّان لم يُصدرا بعد، وهما: قانون الأحوال الشخصية، الذي نأمل أن يُبنى على شراكة حقيقية بين الرجل والمرأة، وليس على ما هو قائم حاليًا، وقانون مناهضة العنف ضد المرأة، الذي لا يزال متوقفًا رغم استمرار حوادث العنف بحق النساء في المجتمع المصري.
ولدينا مشكلتان رئيسيتان تعيقان تقدم حقوق المرأة: ثقافة الشارع، وغياب التشريعات المناسبة. ورغم ذلك، ينبغي الإقرار بأن أوضاع المرأة اليوم أفضل مما كانت عليه قبل خمس سنوات، أو حتى في العقد الأخير، لكن الطريق لا يزال طويلًا.
معركة المرأة الانتخابية صعبة جدًا في الفردي والقوائم هي الممر الوحيد لنساء مصر للنجاح في البرلمان المقبل
في هذا الإطار، ما تقييمك لوضع السياسيات في الأحزاب؟ هل هناك حضور فعلي؟ وهل هذه الأعداد تليق بطبيعة الأحزاب المدنية ونضال المصريات، كما يتساءل البعض؟
لا يمكنني الحديث عن باقي الأحزاب، إذ ليست لدي معلومات كافية. لكن في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أعتقد أننا الحزب الوحيد في مصر الذي ينص في لائحته الداخلية على تمثيل النساء بنسبة 30% في المناصب القيادية، وهو أمر إيجابي ومهم.
وفي الأمانات الجغرافية بالحزب، يوجد عادة منصب “الأمين المساعد للمرأة”، إلى جانب اهتمام واضح بتفعيل مشاركة المرأة في مختلف مستويات الحزب.
لكن، وإنصافًا للواقع، نحن نتحدث عن مجتمع لم يسمح للمرأة بالمشاركة والتواجد لقرون، بل كان يقمعها، وبالتالي فإن التحديات ما زالت كبيرة. من الضروري أن يكون هناك تعاون جاد بين جميع الأطراف لتغيير هذه الرؤية، حتى نصل إلى مرحلة تكون فيها المرأة فاعلة، ومتمكنة، وشريكة حقيقية في الحياة السياسية.
ما حدث في تجربة التحالف الانتخابي مع حزب مستقبل وطن في عام 2020 يمكن أن يتكرر في 2025، ولكن هذا ليس أكيدًا وطبقًا للمعلومات المتوافرة لدينا، غالبًا ستكون هناك قائمة تحالف انتخابي واحدة.
ضعف التمثيل النسائي بالمعارضة
ولكن البعض يلوم الأحزاب المدنية المعارضة تحديدًا في ضعف التمثيل النسائي، ما تعليقك؟
كمراقبة للمشهد السياسي، يمكنني القول إجمالًا إن الأعداد بالفعل قليلة، كما أن متوسط الأعمار كبير.
فمثلًا، كثير من القيادات النسائية في هذه الأحزاب تنتمي إلى أجيال السبعينات، وهو ما يعكس الحاجة الملحّة إلى تجديد الدماء داخل الأحزاب، وتصعيد أجيال جديدة. الاعتماد على نفس الوجوه باستمرار لن يخدم الأحزاب، وقد يؤدي في النهاية إلى فقدانها لأعضائها وقياداتها، سواء من النساء أو الرجال.

أما في التفاصيل، فدعني أكرر تحفظي على تقييم أداء الآخرين. ومع ذلك، أذكر كمثال أن في حزبي هناك 6 نائبات من أصل 10 نواب يمثلون الحزب داخل المجلس، وهي نسبة جيدة تعكس اهتمامًا بتمثيل النساء سياسيًا.
البعض يرى أن أداء الحكومة في ملف المرأة أفضل من المعارضة، فيما يعتبره آخرون مجرد أداء “تجميلي”، ما رأيك؟
لا شك أن هناك إرادة سياسية لتمكين المرأة في عدة مجالات، ويتجلى ذلك في قرارات مثل تعيين القاضيات، والتوسع في إشراك المرأة بمواقع تنفيذية وصنع القرار.
كما أن هناك محاولات حكومية مستمرة لدعم المرأة المصرية، إلا أنها أحيانًا لا تكتمل حتى النهاية، خشية الاصطدام ببعض المسؤولين أو المفاهيم المجتمعية السائدة.
ومثال على ذلك ما حدث في قانون الأحوال الشخصية، إذ كان لدينا مشروع قانون جيد، لكن ظهرت لجنة جديدة تعمل على إعداد قانون مختلف، وتسريباته جاءت سلبية، ثم فوجئنا بتجميد المشروع بالكامل.
الرسائل التي تبعثها الحكومة في ملف المرأة يشوبها أحيانًا التناقض وعدم الوضوح. نستمع إلى خطابات جيدة، لكن ما نراه على أرض الواقع مختلف، خاصة في ما يتعلق بتحديات تطبيق قوانين مثل مناهضة التحرش، والاغتصاب، وختان الإناث.
وقعة نقابة المهندسين جاءت بتلقائية شديدة وساهمت في توثيق ما حدث وتصحيحه وتغيير أفكار كثيرة في مؤسسات وأفراد، من حيث نظرتهم لنقابة بحجم وأهمية النقابة
كوتة المرأة
نذهب إلى الواقع البرلماني.. هل كوتة المرأة كانت إضافة أم خصم من المرأة؟
أنا أحد المدافعين عن نظام الكوتة، وهذا أمر طبيعي جدًا، حتى في دول العالم الأول التي لديها ديمقراطيات مستقرة وراسخة، تعمل بنظام التمييز الإيجابي للمرأة، وعندما لا تصنع ذلك، تحدث مشكلات.
ولقد حضرت اجتماعًا في البرلمان الألماني” البوندستاج”، قبل عشر سنوات، يناقش ضرورة وجود قوائم انتخابية مناصفة بين الرجل والمرأة، بعد انتخابات محلية لم يتم مراعاة التمييز الإيجابي فيها، نتج عنها نسبة تمثيل للمرأة قليلة للغاية.

هذه ألمانيا يا سادة فما بالك بمصر؟ الدول السكندفاية، قوائمها الانتخابية كذلك بالمناصفة بين الرجل والمرأة، وهذا يفرض على أحزابهم العمل طبقًا لهذا المبدأ وتخريج كوادر مناسبة لدخول الانتخابات.
وبالتالي، يجب أن نواصل العمل بالكوتة، حتى نصل لما ينبغي من وعي وحضور يساعد على إنصاف المصريات.
بابنا مفتوح للحركة المدنية ولكن حتى الآن لا نعرف ما موقف الحركة من الانتخابات، وكل حديثهم حتى الآن يميل للمقاطعة، ونحن حزب لا يقاطع.
نتائج الكوتة
هل استفادت البرلمانيات في المجلس الحالي من ميزة “الكوتة”؟ وما تقييمك لنتائجها؟
أتمنى عند التقييم ألا ننظر إلى النائب من زاوية كونه رجلًا أو امرأة، بل علينا أن نقيم أداء البرلمان ككل، من حيث استخدام أدواته الرقابية، والمناقشات، والمساهمات في تعديل القوانين.
أتذكر مثلًا أن هناك نحو 10 برلمانيات يتمتعن بنشاط ملحوظ، ولهن حضور فعّال ومداخلات قوية، ويقمن بدراسة جيدة لمشروعات القوانين، حتى أن “البرلمان يحسب لهن حسابًا”. وفي المقابل، هناك نائبات لا يقمن بأي دور يُذكر، وحضورهن باهت، وهو أمر نجده كذلك بين بعض النواب الرجال.
أعتقد أن نسبة البرلمانيات الفاعلات مقارنة بعددهن الإجمالي، توازي تقريبًا نسبة النواب الفاعلين إلى إجمالي عددهم، رغم أن عدد النواب الذكور أكبر بطبيعة الحال.
هناك أصوات ظلامية تحت قبة البرلمان
ما أبرز التحديات التي تواجه النائبات داخل المجلس، خاصة في ما يتعلق بصناعة القرار والمشاركة فيه؟
لا توجد تحديات جوهرية تلاحقنا داخل المجلس، والمستشار حنفي الجبالي يدير الجلسات باحترافية واضحة، ويحرص على المساواة بين جميع النواب دون تفرقة بين الموالاة والمعارضة، أو بين النواب والنائبات، حتى أنه “يقاطع الجميع بنفس الدرجة”، دون تمييز.
بل على العكس، أشهد له بأنه يتفاعل أحيانًا مع مطالبنا كمعارضة، ويستمع إليها، حتى وإن لم تُقابل بالقبول من الأغلبية.

لكن التحدي الذي يمكنني وصفه بالقاسي جدًا بالنسبة لي شخصيًا، كان خلال مناقشة تغليظ عقوبة ختان الإناث؛ إذ فوجئت بأصوات من داخل المجلس، من نفس الصف الذي كنت أجلس فيه، تدافع عن الختان! أتذكر حينها أنني صرّحت بأن “هناك أصواتًا ظلامية تحت قبة البرلمان”، وهي واقعة ما زالت تؤلمني حتى الآن كلما تذكّرتها.
من ناحية أخرى، فإن نسب تمثيل النساء في قيادة اللجان البرلمانية أو مواقع اتخاذ القرار ليست مرتفعة. لدينا تقريبًا لجنتان أو ثلاث ترأسهن نائبات، في حين يوجد عدد جيد من السيدات في هيئات مكاتب اللجان.
لكن المشكلة تكمن في أن اختيار رؤساء وأعضاء اللجان لا يتم عبر انتخابات داخلية، بل يُوزع وفقًا لنظام المحاصصة بين الأحزاب، مما حوّل الأمر إلى “حصص حزبية” لا تُراعى فيها الكفاءة بالضرورة.
عرقلة غريبة
هل تعتقدين أن وجود الأصوات التي وصفتِها بـ”الظلامية” داخل البرلمان هو ما يعرقل إقرار بعض التشريعات التقدمية، مثل مفوضية مكافحة التمييز؟
لا يمكنني الجزم بذلك، كما أنني لا أعرف حجم تلك الأصوات أو مدى قوتها الحقيقية داخل المجلس. لكن أعتقد أن الإشكالية لا تكمُن فقط في بعض الأصوات الظلامية تحت قبة البرلمان، بل تتجاوز ذلك إلى وجود فكر متطرف ضد المرأة في المجتمع بأسره، وهو فكر متغلغل في مؤسسات الدولة كافة، وله تأثير ملموس.
ومع ذلك، ما زلت لا أفهم سبب عرقلة مشروع قانون مكافحة التمييز حتى الآن.

هذا القانون لا يتعلق فقط بالتمييز ضد المرأة، بل يشمل مواجهة كل أشكال التمييز، سواء على أساس النوع أو الانتماء الطبقي أو الجغرافي. نحن نتحدث عن حق المواطن في المساواة، بغض النظر عن خلفيته الاجتماعية. من غير المقبول، مثلًا، أن يُحرم شاب من أسرة بسيطة من دخول مؤسسات كالنيابة أو الشرطة بسبب خلفيته.
بالتالي، نحن بحاجة إلى هذا القانون لحماية المجتمع ككل، وللأسف لا أملك حتى الآن تفسيرًا واضحًا لوقفه أو تجميده.
تجربة خالد البلشي جيدة جدًا وملهمة وأستطع إلى حد كبير أن يصنع توازنًا كبيرًا، في نقابة بها تعقيدات كبيرة
لقد تحدث معي الكثير لنزول الانتخابات على منصب نقيب المهندسين، ولكن الحقيقة أنا لا أرى هذا مناسب الآن في ظل الواقع الراهن
برأيك.. ما التحديات التي تواجه النائبات القادمات من المحافظات تحديدًا؟
بالفعل، التحديات التي يواجهنها كبيرة جدًا. يكفي أن جمهور الأقاليم يتوقع من النائبات أداء دور لا يندرج ضمن اختصاصاتهن البرلمانية، إذ يُحمّلهن المواطنون مهام المجالس المحلية، رغم أن تلك المجالس غير موجودة حاليًا، ودور النائبة الأساسي هو التشريع والرقابة على أعمال الحكومة.
لذلك، تجدين النائبات – كما هو حال النواب أيضًا – مضطرات لتقسيم جهودهن بين الدور البرلماني الرقابي والتشريعي، وتقديم الخدمات، وهو عبء إضافي.
من بين التحديات كذلك، مسألة التنقل المستمر بين المحافظات والقاهرة، وتأمين سكن دائم أو مؤقت في العاصمة، وهو أمر ليس سهلًا.
وأود الإشارة إلى أنني أمثل جزءًا من محافظة المنيا، ولكن ضمن نظام القائمة وليس الفردي، لذلك لا أنخرط في المهام الخدمية المحلية بنفس القدر، وقد أوضحت هذا التوجه منذ البداية، في محاولة لترسيخ الفهم الصحيح لدور عضو البرلمان لدى المواطنين.
أنا نائبة سياسية، ولست عضوة مجلس محلي. لا أُقيّم قراري هذا باعتباره صوابًا أو خطأً، فهذا مجال للاختلاف، لكنه قرار استراتيجي أؤمن به، خصوصًا عندما أرى معاناة نائبات من محافظات مثل أسوان وأسيوط في صعيد مصر.
موقف انتخابات نقابة المهندسين
نذهب إلى الواقع النقابي، كنتِ صاحبة صورة أيقونية بارزة في انتخابات نقابة المهندسين الأخيرة، حيث تصديتِ لمحاولة إفساد العملية الانتخابية. ما ملابسات تلك الواقعة؟
هذه الواقعة كثيرًا ما أتوقف عندها، وأسترجع تفاصيلها أحيانًا. والحقيقة أنها جاءت بتلقائية شديدة جدًا.
عندما خرجتُ في بث مباشر، كان هدفي الأساسي هو توثيق ما يجري على الأرض، قبل أن يُسرق الهاتف أو يُكسر. والحمد لله أنني فعلت ذلك، لإثبات أن هذه الفيديوهات حقيقية، غير مفبركة، وأن البث حيّ وحديث، وقد تم ضمّه بالفعل إلى التحقيقات في البلاغ الذي تقدمت به إلى النائب العام.
كنت أشعر بحسرة شديدة؛ لأن الجريمة التي ارتُكبت وقتها تزامنت مع استمرار أعمال الحوار الوطني، بل وحدثت في نفس المكان الذي انطلقت منه أولى جلسات الحوار، وهو قاعة المؤتمرات.
كنت أطرح على نفسي أسئلة مؤلمة: لماذا حدث هذا؟ هل نحن بالفعل نرغب في التقدّم؟ لماذا أطلقنا من الأساس حوارًا وطنيًا؟ كيف لا يستطيع البعض تقبّل انعقاد جمعية عمومية لنقابة كبرى مثل نقابة المهندسين؟ وإذا كان هذا هو الحال، فماذا يمكن أن يحدث لاحقًا؟
كان الموقف صعبًا، ولكن – والحمد لله – أعتقد أن موقفي كان له تأثير واضح في تصحيح ما جرى، وفي تغيير نظرة الكثيرين، سواء في المؤسسات أو على مستوى الأفراد، تجاه أهمية هذه النقابة، وضرورة صيانة مكانتها.
عدم استغلال مساحات الحيز المتاح خطأ سياسي، وحينها الجلوس في البيوت أفضل من أن “نندب” على “فيسبوك”
نحاول عبر العمل في الحيز المتاح، توسعة المجال العام والتأثير الجيد، والحمد لله نجحنا، ولكن الآن نشهد توقفًا في المسار العام والتحول الديمقراطي.
تجربة البلشي جيدة جدًا
كيف تقرئين تجربة نقابة الصحفيين في عهد نقيبها خالد البلشي؟
أراها تجربة جيدة جدًا وملهمة، وليس هذا تقديرًا للصديق خالد البلشي فحسب، بل هي حقيقة نابعة من تجربة ناجحة.

هو من جيل مختلف، وجاء بإرادة انتخابية حرّة من الصحفيين والصحفيات، واستطاع إلى حدٍّ كبير أن يصنع توازنًا مهمًّا داخل نقابة الصحفيين، وهي نقابة تتّسم بتعقيدات كبيرة، من بينها تعوُّد السياسيين على التوجّه إلى سلم النقابة للاعتراض والاحتجاج، لما يحمله من رمزية، رغم وجود نقابات مماثلة في محيط النقابة. وهو أمر قد يشكّل عليه ضغوطًا، لكنه نجح في إدارة الأمور بحكمة.
نقيبة للمهندسين ومرشحات للصحفيين
كمراقبة للمشهد النقابي، كيف ترين زيادة عدد المرشحات في نقابة الصحفيين في ظل الواقع المعرقل؟
أُثمِّن هذا الحضور النسائي في انتخابات نقابة الصحفيين، وأتمنى فوز أكثر من مرشحة، دعمًا لحضور المرأة في العمل النقابي، وتغييرًا للمفاهيم التقليدية المتوارثة فيه، مع تقديم نقابيات جديدات للمشهد، قادرات على خوض تجربة ناجحة وفاعلة.
هل يمكن أن نرى نقيبة للمهندسين في وقت لاحق؟
أرى أن هذا ليس سهلًا بالمرة في ظل الواقع الراهن. لقد تحدث معي الكثيرون بشأن الترشح على منصب نقيب المهندسين، ولكن الحقيقة أنني لا أرى أن هذا مناسب في الوقت الحالي.
أعتقد أن نسبة البرلمانيات الفاعلات من إجمالي العدد بالمقارنة بنسبة البرلمانيين الفاعليين من إجمالي العدد، ستكون مقاربة، رغم أعداد النواب الأكبر.
هناك أمور غريبة تحدث
ننتقل إلى الانتخابات.. تحدثتم في الحزب عن إمكانية مغادرة المشهد الانتخابي.. هل أنتم جادون أم هي مناورة انتخابية؟
ليست هذه مناورة انتخابية. ليس هذا طريقنا. نحن أعلنا ما نفكر فيه بناءً على ما نرصده.
لقد تمسكنا على مدار الفترات الماضية بالحيز المتاح، الذي نحاول من خلاله توسيع المجال العام، مع الحفاظ على مساحة معقولة من أجل تأثير جيد. والحمد لله، نجحنا في هذا الطريق بناءً على مؤشراتنا. لكن منذ فترة، بدأنا نلاحظ حالة توقف في المسار العام والتحول الديمقراطي.

نقدّر أن التحول الديمقراطي يحتاج إلى وقت ويأتي تدريجيًا، ولكن لابد من السير فيه دون توقف أو تراجع.
في الفترة الأخيرة، رصدنا عدم الإفراج عن سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا الرأي، بجانب توقف الحوار الوطني، وعدم الحديث عن الانتخابات. وهذه أمور غريبة جدًا.
لقد تراجعت كل المبادرات التي دخلنا بها على أساسها شراكة مع النظام الحاكم، من أجل السير في مسار التحول الديمقراطي، ووجود معارضة حقيقية توصل صوت المجتمع. وبالتالي، من الطبيعي أن نعيد التفكير ونعلن ذلك.
خيار مقاطعة الانتخابات
هل تقاطعون كحزب مصري ديمقراطي الانتخابات المقبلة إذا لم تستجب السلطات المعنية لمطالبكم؟
نحن حزب لا يستخدم عبارة “مقاطعة الانتخابات” ولا يقاطع، ودائمًا نقول “لن نشارك إذا منعنا من المشاركة”. طالما هناك احتمالات تسمح بالمشاركة، سنشارك. والمشكلة تحدث فقط عندما نتيقن بوجود منع واضح.
تقييم حزبنا للانتخابات يشمل الموقف الانتخابي “كله على بعضه”، ولابد أن يكون كذلك. الانتخابات لا تدار بطريقة انفعالية أحادية النظرة.
الأوضاع الجيوسياسية
بعض المقربين من الدولة يتحدثون عن الأوضاع الجيوسياسية غير مناسبة، وبالبلدي يقولون نصًا: “البلد مش فاضية للي أنتم بتطالبوا به”.. ما ردك؟
نحن لا نطالب بشيء غريب.
عندما نتحدث عن الإفراج عن سجناء الرأي، فنحن نتحدث عن أن الوضع الجيوسياسي يتطلب الإفراج عن هؤلاء السجناء من أجل اصطفاف وطني حقيقي.
لماذا نترك كل سجناء الرأي الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء في السجون؟ من المستفيد من تركهم كملاحظة دائمة في المراجعة الدورية الشاملة لمصر في مجلس حقوق الإنسان الدولي؟
لا أحد مستفيدًا من ترك السجون في هذا الوقت بالذات كما هو، دون استجابة لمطالب الإفراج عن السجناء.
نحن نحتاج إلى مصالحة وطنية لغلق هذا الملف، ويكفي ما مر.
وبوضوح أقولها: كلما واجهت البلاد أوضاعًا أصعب، كلما كان واجب الإفراج عن هؤلاء السجناء أمرًا مهمًا وعاجلًا جدًا ولا يحتمل التأخير.
الحيز الدستوري
هل تغادون في لحظة معينة مقاعدكم في الحيز المتاح إلى الحيز الدستوري الذي يحمل سقف مطالب أعلى يتوافق مع الدستور كما تفعل الحركة المدنية الديمقراطية؟
نحن مختلفون مع الحركة المدنية الديمقراطية في طريقة أفكارنا وتحركاتنا، ولدينا مشكلة معهم في مساحات المشاركة والمقاطعة.
وبخصوص حزبنا، لا زلنا في حوار داخلي داخل الحزب، ما زلنا نتناقش في ردود أفعالنا على استمرار الأوضاع الغريبة الراهنة.

نحن لا نقدم مناشدات لأحد، وليس لدينا التماسات. الأمر بوضوح: كان هناك مسار للتحول الديمقراطي اتفقنا عليه وسرنا فيه خطوات، فمن الذي أوقفه؟ وكيف يتم وقفه هكذا؟
إذا استمر توقف التحول الديمقراطي، من الطبيعي أن نواصل التفكير في قرار الحزب من هذا التوقف، وسنعلنه في وقته.
نحن حزب لا يستخدم عبارة “مقاطعة الانتخابات” ولا يقاطع، ودائما نقول ” لن نشارك إذا منعنا من المشاركة”، وطالما هناك احتمالات تسمح بالمشاركة سنشارك، والمشكلة تحدث فقط عندما نتيقن بوجود منع واضح.
اتهامات تجميل المشهد السياسي
البعض يتهم حزبكم بأنه يشارك في تجميل المشهد السياسي، في الشأن العام والبرلمان. ما ردك بوضوح؟
كل واحد حر في تقييم التجربة بالشكل الذي يراه ومن الموقع الذي يقف فيه. لكن نحن نرى أنه إذا كان الحيز المتاح هذا هو الطريق الوحيد الذي يمكنني منه التحرك وتوصيل صوتي وتعريف الناس بحزبي المصري الديمقراطي، وأنه يوجد شيء اسمه ديمقراطية اجتماعية، وأن المعارضة في مصر لديها حلول وبدائل، فهذه أشياء مهمة.
عدم استغلال هذا الحيز هو خطأ سياسي. وحينها الجلوس في البيوت أفضل من أن “نندب” على “فيسبوك”.
الحكومة “ضامنة” البرلمان
كيف ترين أداء الأغلبية البرلمانية في مجلس النواب؟
أكثر من 90% من الموضوعات المطروحة في البرلمان كانت الأغلبية متوافقة فيها مع الحكومة، وهذا ما دفعنا مرارًا وتكرارًا إلى المناقشة معهم، وتوضيح أن الحكومة بهذا الشكل “ضمنة المجلس”، وأي شيء ستقوله سيمر، وهذا أمر ضار بالبرلمان.

في أوقات استطعنا أن نقنع الأغلبية بخطورة هذا الوضع، وأحيانًا كنا نفشل، ولكن في النهاية قواعد الديمقراطية تحكم، والتصويت تحسمه الأغلبية.
كمراقبة.. أين تذهب الكعكة البرلمانية في مجلس النواب المقبل؟
لا أستطيع أن أجزم أن هناك كعكة كاملة ستذهب لحزب واحد.
أعتقد أن هناك تقسيمًا أكبر سيحدث لهذه الكعكة، سواء على المقاعد أو الأدوار.
الأثر التشريعي ومجلس الشيوخ
بشأن مجلس الشيوخ.. البعض يرى وجوده كعدمه فما تقييمك له؟
وجود مجلس الشيوخ ليس كعدمه، ولكن في نفس الوقت لا أرى الأثر المطلوب.
لديهم دور محوري جدًا، وهو قياس الأثر التشريعي، ورأيي الشخصي أن نواب مجلس الشيوخ ونائباته عملوا فقط على الأثر التشريعي للقوانين، وصنعوا دراسات جيدة، فمن المؤكد أن هذا سيفيد مجلس النواب عند النظر في هذه القوانين.
في ظل هذا المناخ.. ما توقعاتك للبرلمان المقبل؟ هل هو نسخة من برلمان 2010 كما يقول البعض أم نسخة من برلمان الجمهورية الجديدة كما تقول الموالاة؟
لا أستطيع استشراف الموقف لكن عندي بعض الأمل أن يكون المجلس المقبل أفضل قليلًا.
ويستند هذا الأمل على العاقلين في الدولة.
تكرار التحالف مع مستقبل وطن
في انتخابات 2020 تحالفت أحزاب ثلاثي الحيز المتاح مع مستقبل وطن، وهناك اتفاق انتخابي من حيث المبدأ لتكرار التجربة في 2025، لماذا أنزعج بعض قيادات حزبكم من تغطية فكر تاني لهذا الأمر؟
لم ننزعج. ولكن التصريحات كانت فقط سابقة لأوانها، حيث لم نأخذ قرارًا رسميًا بعد في الحزب، خاصةً وأنه لم يتم عرض أي شيء عن هذه القوائم ولا نعرف ما سيحدث فيها.

الأمر المهم أن كل الأحزاب الممثلة في البرلمان الحالي، شاركت في تحالف حزب مستقبل وطن، ولم يكن حزبي المصري الديمقراطي هو المشارك مع حزبي الإصلاح والتنمية والعدل، والذين تطلقون عليهم اسم “ثلاثي الحيز المتاح”، بل كانت هناك أحزاب أخرى مثل حماة الوطن والشعب الجمهوري، والوفد، والتجمع، وغيرها.
وهنا أريد القول إن هذا التحالف هو مجرد تحالف انتخابي فقط، لا أكثر ولا أقل، ولا علاقة له بأي تحالفات سياسية، ولا يوجد أي مرشح لدينا جلس على منصة واحدة مع أي مرشح من أحزاب الموالاة، وأنا شخصيًا عندما كنت في دائرة ملوي بالمنيا، وطالبوني بذلك رفضت.
خطابنا واضح، وكلامنا واضح. ولم يوجد بعد من يملئ علينا ما نقوله.
من حيث المبدأ.. هل التحالف مع أحزاب الموالاة موجود في حزبكم؟
ما حدث في تجربة التحالف الانتخابي مع مستقبل وطن في عام 2020 يمكن أن يتكرر في 2025، ولكن هذا ليس أكيدًا.
حزب الجبهة الوطنية يتحدث عنه أنه حزب “لا موالاة ولا معارضة”، هل يمكن أن تدخلوا معه في تحالف؟
هذا الأمر قد يخضع للتحليلات والنقاش في حينه، ولكنه كذلك سابق لأوانه. واعتقادي الشخصي، أنه لن تكون هناك عدة قوائم، وأنها ستكون قائمة انتخابية واحدة لكل الناس.
وبغض النظر عن شعار حزب الجبهة الوطنية الذي اعتبره كلامًا غريبًا على مفاهيم السياسة، ولكن في النهاية وطبقًا للمعلومات المتوافرة لدينا، غالبًا ستكون قائمة انتخابية واحدة للجميع.
ما موقفك حزبك من التعاون مع الحركة المدنية الديمقراطية في ملف الانتخابات؟
بابنا مفتوح، ولكن نحن حتى الآن لا نعرف ما موقف الحركة المدنية الديمقراطية من الانتخابات، وكل حديثهم حتى الآن يميل للمقاطعة، وكما قلت لكم نحن حزب لا يقاطع.
ما صحة ما يتردد عن وجود أزمة داخلية بين أحزاب ثلاثي الحيز المتاح وتحديدًا بين حزبي المصري الديمقراطي والعدل؟
لا. ليس هذا صحيح.
المرأة ومعركة الفردي
بعيدًا عن التعقيدات الانتخابية في تحالفات القوائم.. هل ترين فرصة للمرأة المصرية في معركة الفردي في الانتخابات المقبلة؟
الموضوع صعب جدًا. هذه منافسة من الصعوبة بمكان.
ولكن رأينا في مجلس النواب الراهن، عدد من النائبات قادمات من المقاعد الفردية، أتمنى أن يزيد عددهن في المجلس المقبل.
أشد تحدي قاسي عليّ عندما كنا نغلط عقوبة الختان، وفوجئت بأصوات ظلامية من داخل البرلمان من نفس الصف الذي كنت أجلس كانت تدافع عن الختان، وهذه الوقعة لازالت تضايقني جدًا عندما أتذكرها.
أعتقد أن مشكلتنا ليست في بعض الأصوات الظلامية الموجودة تحت قبة البرلمان، ولكن كذلك في الأصوات الظلامية الموجودة في المجتمع
هل هكذا باتت المشاركة في القوائم الانتخابية هي الممر السهل للمصريات لتحقيق تقدم سياسي؟
ليس الممر السهل فقط، بل أعتقد أنه الممر الوحيد للمرأة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، مع الأسف.
المحليات وفرص المرأة
كيف ترين تأخر انتخابات المحليات وفرص صعود المرأة منها في حال عقدها؟
شيء سيء جدًا، ولا يوجد له أي تفسير منطقي، وأحدث حالة من عدم الاتزان في المجتمع، لوجود مجالس محلية تنفيذية لا يتم مراقبتها شعبيًا، وهذه أزمة كبيرة جدًا.
وأعتقد أنه إذا تمت الدعوة للانتخابات، فإن للمرأة المصرية فرصة مهمة فيها، مع تحرك الأحزاب لإشراك النساء في قوائمها. وثقتي كبيرة في نجاح نساء مصر في المحليات، لأنهن الأكثر تركيزًا في معرفة التحديات والعقبات والأزمات في المجتمعات المحلية.
المال السياسي والانتخابات
يتخوف البعض من احتمال انتشار المال السياسي في الانتخابات المقبلة مع الظروف الاقتصادية الحالية، هل تستشعرين ذات المخاوف؟
بكل تأكيد أستشعر ذلك، مع الأسف.
المال السياسي يمثل عقبة رئيسية أمام تطور السياسة في مصر، وهي أزمة ممتدة منذ عهد الحزب الوطني وحتى اليوم، حيث لا تزال بعض القوى، بما في ذلك أطراف من المعارضة، تمارسه.
من الضروري العمل على تشديد العقوبات وتجريم استخدام المال السياسي، بغض النظر عن الجهة التي تستخدمه، سواء كانت من الموالاة أو المعارضة. فبدون ذلك، لن نتمكن من الوصول إلى ديمقراطية حقيقية يُحتكم فيها إلى صندوق الانتخابات، ويُعبّر من خلالها مجلس النواب عن إرادة الشعب بصورة فعلية.
ما رسالتك إلى الهيئة الوطنية للانتخابات في هذا الإطار تحديدًا؟
أتمنى أن تبدأ الهيئة الوطنية في تفعيل الحديث عن الانتخابات وجدولها، ويتخذوا من الخطوات ما يشدد المراقبة على الإنفاق الانتخابي والمال السياسي.
في الفترة الأخيرة، رصدنا عدم الافراج عن سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا الرأي، بجانب توقف الحوار الوطني، وعدم الحديث عن الانتخابات. وهذه أمور غريبة جدًا
لقد تراجعت كل المبادرات التي بها دخلنا على أساسها شراكة مع النظام الحاكم، من أجل السير في مسار تحول ديمقراطي، وبالتالي من الطبيعي أن نعيد التفكير في استمرار المشاركة ونعلن ذلك
رسالة للناخبات
للناخبات حضور لافت في العديد من انتخابات العقد الأخير.. ما رسالتك لهن خاصة؟
رسالتي للناخبات تحديدًا أن يركزوا أكثر في دعم المرشحات في البرلمان المقبل، لأن أي تمثيل أكبر للمرأة في البرلمان أو النقابات هو تعزيز لحقوق المرأة وسيعود عليهن بالفائدة.
تحية للمرأة الفلسطينية
في الختام.. ما رسالتك الأخيرة ولمن؟
أوجّه تحية من أعماق قلبي إلى الفلسطينيات، اللواتي يواجهن تبعات حرب إبادة مستمرة، لا يمكن للكلمات أن تصف فظاعتها. ما تمر به المرأة الفلسطينية اليوم يتجاوز أي خطاب أو رسالة.

صمود المرأة الفلسطينية في وجه آلة الحرب الصهيونية يمثل نموذجًا نادرًا في الثبات والمقاومة، ويستحق كل التقدير.
فعلنا ونفعل ما في الوسع، وعلى سبيل المثال، نجحنا في إسقاط عضوية “إسرائيل” من مجلس إدارة التحالف التقدمي للأحزاب في العالم، لكننا ندرك أن كل هذه الخطوات تظل رمزية أمام حجم المأساة والدمار الذي يتعرض له المدنيون العزّل في قطاع غزة.