المصريون على قائمة ياميش رمضان.. "فقرا أوي"

"بنلاحق على حاجة البيت بالعافية.. الياميش والمكسرات بكل أنواعها بقا رفاهيات، حتى الفول السوداني بعد ما الكيلو بقى بـ150 جنيهًا".

ستكتفي هند محمود، بالبلح الجاف مع مسحوق التمر الهندي والسوبيا، للعام الثالث على التوال، فهي كغيرها من ربات البيوت يواجهن ارتفاعات متتالية في الأسعار، تحول دون استقبالهن شهر رمضان كالمعتاد الذي ألفه المصريون لمئات السنين.

وقد بدأت المحالّ التجارية تصريف ياميش رمضان المتبقي من العام الماضي مبكرًا، قبل طرح الكميات الجديدة التي تم استيرادها لموسم 2025، بأسعار ترتفع بنسبة 20% عن رمضان الماضي، في ظل عدم الإقبال الجماهيري على الشراء حتى الآن.

هذا العام، تتجاوز الأسعار المطروحة، حتى في أصغر المحالّ، قدرة المواطنين على الشراء. إذ تراوحت أسعار المشمشية بين 380 و470 جنيهًا للكيلو، والقراصيا بين 370 و400 جنيه للكيلو، والفواكه المجففة 250 جنيهًا. أما قمر الدين فتراوح سعره بين 75 و120 جنيهًا حسب النوع، والتين التركي بلغ 580 جنيهًا، والكركديه 270 جنيهًا، فيما تراوح سعر الزبيب بين 200 و210 جنيهات حسب المنشأ.

أرشيفية - جيتي إيمجيز
أرشيفية - جيتي إيمجيز

أفكار جديدة لتصريف القديم

مع انخفاض معدلات الشراء، بدأت المحالّ الكبيرة تقليل الأوزان إلى 100 جرام لكل صنف، ووضع عدة أصناف منها في عُلبة واحدة لتسهيل المبيعات، ورفع الحرج عن الزبائن في حال رغبتهم في شراء أوزان صغيرة.

جاءت فكرة العبوات الكرتونية بعدما باتت أسعار الشراء أعلى من قدرات الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة معًا، حيث يتراوح سعر نصف كيلو من المكسرات (فستق أو كاجو أو لوز) حاليًا بين 450 و600 جنيه، بحسب حجم الحبة، وبلد المنشأ، وسمعة المحل في السوق.

أسعار الياميش المرتفعة دفعت بعض الإعلاميين لانتقادها، مثل الإعلامي خيري رمضان، الذي قال على شاشة قناة "المحور": "لا يوجد بيت يخلو من أزمة اقتصادية في مصر، من العامل حتى الوزير السابق". وأضاف: "الأسعار مرتفعة جدًا، والأساسيات مش ملاحقين عليها، فهل هنعرف نشتري ياميش رمضان؟".

وتابع خيري: "مفيش أحلى من الكنافة السادة.. اللي تطلع من الفرن وتسقيها عسل، أحلى كنافة في الدنيا. إيه اللي هيحصل يعني لو ما أكلناش ياميش، واتمنع الياميش في رمضان؟ لو مفيش ياميش، إيه اللي هيجرى لك؟ ولا حاجة! خلي الأغنياء أوي اللي عايزين يشتروا، لكن احنا مش مضطرين. ماله الفول السوداني لما يتحمص؟ بيبقى زي الفل".

بلح جاف لشهر رمضان (جيتي إيميجز)
بلح جاف لشهر رمضان (جيتي إيميجز)

هل يمكن الاستغناء عن الياميش؟

جاء كلام خيري رمضان تعليقًا على تصريحات شعبة العطارة بغرفة القاهرة التجارية، التي أوضحت أن المصريين لا يستطيعون الاستغناء عن ياميش رمضان، والذي بلغ حجم الواردات منه 140 مليون دولار بنهاية عام 2024 استعدادًا لموسم 2025، وهي نفس قيمة واردات عام 2023.

وألمح نائب رئيس شعبة العطارة بغرفة القاهرة التجارية، شادي الكومي، إلى تأثيرات ارتفاع سعر الصرف، إذ قال إن واردات مصر من الياميش انخفضت بنسبة 20% من حيث الوزن، لكنها استقرت عند نفس المستوى من حيث القيمة، مشيرًا إلى أن هذا الارتفاع يعود إلى تحرك الأسعار العالمية لمكونات "الياميش".

وسجل الجنيه أدنى مستوى في تاريخه أمام الدولار بعدما تخطى الأخير سعر الصرف 51 جنيهًا، مسجلًا بذلك انخفاضًا حادًا بلغ نحو 40% أمام العملة الأمريكية، مما رفع أسعار المنتجات المستوردة من الخارج.

وأشار الكومي إلى أن 80% من واردات مصر من "الياميش" لهذا العام قد وصلت إلى المخازن التابعة للمستوردين استعدادًا لشهر رمضان، في حين تتوفر نسبة تتراوح بين 10 و15% متبقية من واردات العام الماضي، نظرًا لمحدودية الكميات التي تم استيرادها في العام السابق.

تعتمد مصر على الاستيراد من الخارج لمكونات "الياميش" بنسبة 90%، وتشمل إيران، وتركيا، والأرجنتين، وأمريكا، وفيتنام، وسيرلانكا، وقمر الدين، إذ لا يتوافر محليًا سوى الزبيب المصري، الذي ارتفعت أسعاره أيضًا ليعادل تقريبًا المستورد من الخارج.

140 مليون دولار.. رقم ضئيل على عدد سكان كبير

تقول مايسة محمود، محاسبة في شركة، إنها تنتظر معارض "أهلا رمضان" التابعة للدولة من أجل معرفة أسعار الياميش وشراء كميات محدودة للغاية من الفواكه المجففة، حتى لا "تقطع عادة تعود عليها أبناؤها وطقسًا معتادًا من طقوس الاحتفال برمضان".

لكن مايسة تبدي استغرابها من تسويق البعض مبلغ الـ140 مليون دولار، الذي يعادل نحو 7 مليارات جنيه مصري، على أنه رقم ضخم وانتقاده، قائلة: "المصريين مع اللاجئين العرب اللي في مصر عددهم حوالي 120 مليون يعني نصيب كل واحد من الـ140 مليون دولار حوالي 60 جنيهًا من حجم واردات الياميش".

وتقيم وزارة التموين معارض تحت مسمى "أهلا رمضان" تقدم تخفيضات على السلع المعروضة مقارنة بالسوق، لكنها لم تعلن عن أماكنها أو طبيعة التخفيضات حتى الآن، حيث تركز حاليًا على معارض "سوق اليوم الواحد" التي تعتمد عليها في توفير سلع مخفضة للمواطنين.

ومع توقع نائب رئيس شعبة العطارة بغرفة القاهرة التجارية ارتفاع أسعار الياميش بنسبة 20% خلال موسم رمضان المقبل مقارنة بالموسم السابق، يبقى الرهان على المنافذ والتخفيضات التي ستُعلن عنها، والتي لم تتضح تفاصيلها بعد.

ياميش رمضان (وكالات)
ياميش رمضان (وكالات)

محال الحلويات تبتلع المكسرات

لا يذهب الكم الأكبر من واردات المكسرات إلى بطون المواطنين، ولكن إلى محال الحلويات، خاصة السورية التي انتشرت بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة، والمعروفة باعتمادها على المكسرات، كالفستق، كعنصر أساسي في الصناعة، لا سيما في أصناف مثل الكنافة المبرومة، الجلاش المحشو بالفستق، كل واشكر، لقمة القاضي، البغاشة، والبقلاوة.

في المقابل، يتوقف حجم استهلاك المحال المصرية على حجم المحل وقدرات جمهوره المستهدف، حيث تعتمد المحال الشعبية الرخيصة على السوداني، الزبيب، وجوز الهند المجروش، بينما لا يقل استهلاك المحال الكبيرة عن المحال السورية من ناحية إدخال المكسرات في غالبية الأصناف.

كما تتلقى السوق كميات غير معروفة الحجم من المصريين المغتربين خلال زيارتهم، حتى أن النائب خالد خلف الله، عضو مجلس النواب، تقدم العام الماضي باقتراح إلى الحكومة للسماح للمصريين بالخارج بتوصيل ياميش رمضان من الدول التي يقيمون فيها إلى أسرهم وعائلاتهم بمصر لتلبية احتياجاتهم، مع تحديد حد أقصى لدخول هذه السلع الرمضانية مجانًا دون سداد أي رسوم جمركية.

اعتبر النائب أن هذا الاقتراح يمثل الحل الوحيد لتخفيف ضغط المستوردين والتجار على الدولار لاستيراد الياميش، مع تحديد حد أقصى لمنع تحول الأمر إلى تجارة غير معلنة لهذه السلع الرمضانية من خلف الستار.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة