خبز وخضروات ودواء.. كيف يشتعل التضخم بأسعار المحروقات؟

مع رفع لجنة تسعير المنتجات البترولية أسعار المحروقات للمرة الثالثة هذا العام، تتزايد المخاوف من ارتفاع مستويات التضخم، خاصة وأن السولار يدخل في تكلفة الإنتاج الزراعي والنقل لجميع المحاصيل والمنتجات الزراعية والصناعية.

وقررت لجنة تسعير المنتجات البترولية زيادة الأسعار، ليصبح سعر “بنزين 95″ الجديد 17 جنيهًا لكل لتر، و”بنزين 92″ بـ15.25 جنيهًا لكل لتر، و”بنزين 80” بـ13.75 جنيهًا لكل لتر، والسولار بـ13.50 جنيهًا لكل لتر، وغاز تموين السيارات بـ7 جنيهات لكل متر مكعب.

وأعقب ذلك سريعًا ارتفاعًا طرديًا بأعباء ركوب المواصلات، إذ رفعت محافظة القاهرة تذكرة الأتوبيسات العامة العادية من 8 إلى 9 جنيهات، والمكيفة من 15 إلى 17 جنيهًا، بينما رفعت الجمعيات والشركات تذكرتها من 12 إلى 14 جنيهًا، وتدرس شركات النقل الذكي، مثل “إندرايف” زيادة أسعار رحلاتها بنسبة 11%.

وفي المحافظات، تم رفع أسعار تذاكر السيرفيس بنحو 50 قرشًا في المتوسط، بينما ارتفعت الأجرة على بعض الخطوط المتوسطة بين المحافظات بنحو 5 جنيهات. كما قفزت الأجرة في بعض الخطوط الطويلة، مثل خط بورسعيد/الإسكندرية، إلى 105 جنيهات.

العلاقة الطردية بين المحروقات والأغذية

وبعد قرار لجنة تسعير المنتجات البترولية، قررت شعبة المخابز في القاهرة زيادة سعر الخبز السياحي بنسبة تتراوح بين 20% و25%، بسبب ارتفاع أسعار البنزين والسولار، وزيادة سعر الدقيق، بما يصل إلى 1000 جنيه خلال الفترة السابقة.

اقرأ أيضًا: اقتصاد الحرب.. ما الذي يعنيه “المصطلح الخطير”؟

وتوقع حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، أن ترتفع أسعار الخضروات والفاكهة بنسبة تتجاوز 15%، مشيرًا إلى أن زيادة السولار تُشكّل ضغطًا إضافيًا على المزارعين في ظل ارتفاع أسعار المبيدات والأسمدة.

حسين أبو صدام
حسين أبو صدام

وارتفعت تكاليف نقل الأسمدة نحو 15%، بما يعادل 540 جنيهًا، لتسجل الحمولة الجامبو 4140 جنيهًا بدلًا من 3600 جنيه في المسافات المتوسطة داخل نطاق محافظات الدلتا.

ومع زيادة أسعار السولار، ارتفعت بعض أسعار الخضروات؛ حيث زادت الطماطم بنسبة 1.9% يوم السبت مقارنة بيوم الجمعة، لتبلغ 20.33 جنيه، بينما ارتفعت البطاطس بنسبة 4.8% لتصل إلى 20.04 جنيه، والموز البلدي بنسبة 1.8% ليبلغ 23.75 جنيه.

وأوضح أبو صدام أن يزيد ارتفاع أسعار السولار من تكلفة الزراعة، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، وبالتالي زيادة أسعار المحاصيل، نظرًا لكون السولار عنصرًا أساسيًا في العمليات الزراعية مثل الري، والرش، والنقل، والحصاد.

ووفقًا لتصريحات شعبة المواد الغذائية، فإن زيادة أسعار السولار والمحروقات ستؤدي إلى ارتفاع طفيف في أسعار نولون النقل الخاص بالمواد الغذائية. وأكدت الشعبة أن القرار شمل تثبيت سعر المازوت للصناعات الغذائية، ولم يتم تعديل أسعار الغاز الطبيعي للمصانع.

وارتفعت تكلفة نقل حمولات الخضروات والفاكهة الصغيرة عبر عربات الربع نقل بنحو 200 جنيه لتصل إلى 1000 جنيه بدلًا من 800 جنيه. كما زادت أسعار الحديد والصلب بما يتراوح بين 250 و500 جنيه في اليوم الأول من تطبيق زيادة أسعار المواد البترولية.

وأفادت شعبة الأدوية بأن ارتفاع أسعار السولار والبنزين يؤثر بشكل ملحوظ على أسعار الأدوية وتكلفة التصنيع الدوائي، على الرغم من أن الوقود يُشكل 2% فقط من إجمالي التكلفة.

وأكدت الشعبة أن شركات التوزيع والمخازن ستكون الأكثر تأثرًا نظرًا لاعتمادها على الوقود في وسائل النقل لتوصيل الأدوية إلى الصيدليات.

توقيت خاطئ لرفع أسعار المحروقات

ويرى نائب مدير عام قطاع الرقابة الداخلية في بنك القاهرة، الخبير المصرفي رمزي الجرم، أن قرار رفع أسعار المنتجات البترولية في الوقت الحالي لم يتم بناءً على دراسة مهنية كافية لتأثيراته السلبية على أسعار السلع والخدمات.

اقرأ أيضًا: المصريون وصندوق النقد.. وسنوات ثماني عجاف

رمزي الجرم
رمزي الجرم

وأوضحت الحكومة أنها رفعت تقديراتها للوفرات المالية من الوقود بنهاية السنة المالية 2024-2025 إلى 80 مليار جنيه، في حين خصصت وزارة المالية دعمًا للمواد البترولية بنحو 154 مليار جنيه ضمن موازنة السنة المالية الحالية.

وأضاف الجرم أن هذا القرار ستكون له تداعيات خطيرة على المواطنين، لا سيما مع الزيادة المتواصلة في معدلات التضخم.

وأكد أن هذه الوفورات المالية الناتجة عن خفض جزء من دعم المنتجات البترولية لا تتناسب مع الأعباء المتزايدة التي سيتحملها المواطنون نتيجة هذه الزيادة.

هل يمكن تحقيق المستهدفات برفع المحروقات؟ 

ويبدي رئيس لجنة أسواق المال بالمجلس الاقتصادي العربي الإفريقي، المحلل المالي أيمن فودة، استغرابه من الزيادة الثالثة في أسعار المحروقات هذا العام، خصوصًا أنها جاءت بنسب كبيرة رغم أن سعر برميل البترول في الموازنة تم تحديده بـ82 دولارًا، بينما يبلغ حاليًا 74 دولارًا، ما يعني أن الأسعار كان يُفترض أن تنخفض.

أيمن فودة
أيمن فودة

ومن جانبه، أوضح رئيس الحكومة مصطفى مدبولي أنه اجتمع مع وزير البترول، وقررا عدم زيادة أسعار المنتجات البترولية لمدة 6 أشهر. وأضاف: “لدينا فرصة لعدم زيادة الأسعار، لأن سعر البرميل في الموازنة 80 دولارًا، وحاليًا يبلغ 73 دولارًا، وإذا استقرت الأوضاع على هذه الأسعار فلن يتم رفع المنتجات”.

ويشير فودة إلى أن الحكومة تستهدف خفض معدل التضخم إلى 9%، في حين أنه يبلغ حاليًا 26.4%، على الرغم من اتخاذ قرار برفع أسعار المواد البترولية.

وفي سياق متصل، أوضح البنك المركزي في حيثيات قرار لجنة السياسة النقدية بتثبيت الفائدة في الاجتماع الأخير، أن هناك تراجعًا تدريجيًا في تضخم السلع الغذائية، إلى جانب تحسن توقعات التضخم منذ بداية العام. وأضاف أن التوقعات تشير إلى استقرار التضخم عند مستوياته الحالية حتى الربع الرابع من عام 2024.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة