بمتوسط 222 دولارًا.. دول الصراعات حالها أفضل من مصر بقائمة الأجور

منح التراجع المستمر لقيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي مصر ترتيبًا متدنيًا في مؤشرات الأجور العالمية، حتى سبقتها في التقييمات الحديثة دولًا معروفة تاريخيًا بالعمالة الرخيصة مثل نيبال وبنجلاديش وسريلانكا، وكذلك دولًا تعاني مشكلات أمنية وسياسية وحروبًا مثل لبنان واليمن.

جاءت مصر في المرتبة الـ 136 عالميًا من بين 196 دولة في متوسط الأجور الشهرية بمتوسط 222 دولارًا للفرد في تصنيف مجلة “سي إي أو ورلد” الاقتصادية، التي تقدم خدماتها للرؤساء التنفيذيين والمديرين الماليين ومديري تكنولوجيا المعلومات وكبار المسؤولين التنفيذيين في الإدارة وقادة الأعمال والأفراد ذوي الثروات العالية.

وفي دراستها لمعدل الأجور، اعتمدت المجلة على مقارنة إجمالي متوسط الأجور الشهرية بالدولار الأمريكي، بأسعار الصرف الحالية عبر مختلف البلدان لتحديد الدول التي تدفع أعلى وأدنى الأجور، لتظهر أن مصر سبقتها جميع الدول العربية باستثناء السودان شماله وجنوبه وسوريا وليبيا.

وقد زاد سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بما يزيد عن 215% منذ مارس 2022 بسبب سلسلة من التخفيضات المتالية بسعره من قبل البنك المركزي، آخرها قبل أسابيع عندما تراجع من مستوى 31 جنيهًا إلى 48 جنيهًا، استجابةً لشروط برنامج تمويلي ممتد بين الحكومة وصندوق النقد الدولي بدأ في 2016.

الأجور في مصر.. دول الأزمات حالها أفضل

وتسبب تراجع الجنيه في فجوة كبيرة بالأجور بين مصر والدول العربية حتى التي تعاني مشكلات سياسية مستعصية وعلى شفا حرب مثل لبنان الذي جاء في المرتبة الـ 74 عالميًا بأجر 837 دولارًا، وكذلك اليمن التي احتلت المرتبة الـ 137 بأجر  375 دولارًا، وتونس التي احتلت المرتبة 129 بأجر شهري 277 دولارًا، والجزائر في المركز 133 بدخل 244 دولارًا.

وزاد الحد الأدنى للأجور في مصر 6 مرات خلال آخر 5 سنوات آخرها بنسبة 50% في فبراير الماضي ليرتفع من 1200 جنيه (38.84 دولار) في مارس عام 2019 إلى 6 آلاف جنيه (194.18 دولار) بداية من مطلع مارس المقبل.

لكن لا يزال الأجر المصري بعيدًا حال مقارنته بأجر العامل في لبنان الذي يزيد عن راتب المصري بنحو 615 دولارًا، أما العامل اليمني فيحصل على 67% زيادة عن المصري، بينما كان الأقرب في الأجر للعامل المصري التونسي والجزائري بزيادة 25% و10% على الترتيب.

وبالنسبة لترتيب الدول العربية، كشفت المجلة عن تسجيل الأجر الشهري في الأردن 599 دولارًا والعراق 583 دولارًا، والمغرب 1657 دولارًا والكويت 1854 دولارًا وقطر 3168 دولارًا والإمارات 3663 دولارًا والبحرين 1728 دولارًا.

وعلى مستوى إفريقيا، احتلت مصر المرتبة السادسة بعد غانا التي سجلت متوسط أجر شهري “244 دولارًا”، وغينيا “430 دولارًا”، وتونس “277 دولارًا”، والجزائر “244 دولارًا”، والمغرب التي احتلت المركز الأول في إفريقيا بدخل شهري 1657 دولارًا.

معايير اتبعتها المجلة في دراستها

وفقًا لصوفي أيرلاند، خبيرة اقتصادية أولى في الوحدة العالمية لمجلة CEOWORLD، فإن الدراسة راعت مستويات التضخم عند مقارنة الرواتب في مختلف البلدان والتي بها تأثير على القوة الشرائية.

كما راعت أيضًا المخاطر (الجيوسياسية) مثل الصراع الروسي الأوكراني، والمنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين، والصراع المستمر في الشرق الأوسط، والمنافسة الجيوسياسية بين الهند والصين، والتباطؤ الاقتصادي في الصين قد يؤدي إلى تفاقم التضخم وبالتالي تاثيره على الأجور.

وكانت الدول الأعلى أجرًا في عام 2024 هي سويسرا (8111 دولارًا)، ولوكسمبورج (6633 دولارًا)، والولايات المتحدة (6455 دولارًا)، وأيسلندا (6441 دولارًا)، والنرويج (5665 دولارًا)، والدنمارك (5642 دولارًا)، وكندا (5081 دولارًا)، وجرينلاند (4665 دولارًا)، وأيرلندا (4622 دولارًا)، وهولندا (4581 دولارًا).

مصر.. صدارة في ترتيب “ماكس برامويل” للأجور

في ترتيب ماكس برامويل مؤسس شركة «فوندر باس»، التي تقدم استشارات مدفوعة الأجر لرجال الأعمال لقائمة أعلى وأقل الدول أجورًا في العالم، والذي تضمن 96 دولة، جاءت مصر في المرتبة الثانية بين أقل الدول في متوسط الأجر الشهري بنحو 117.85 دولار، وتلتها نيجيريا فقط بالقائمة بـ 64.3 دولار.

وتضمنت قائمة الدول الأقل أجورًا في العالم ليبيا بـ 295.33 دولار، والجزائر بـ 291.11 دولار، وبنجلاديش 246.95 دولار، وإيران 236.24 دولار، ونيبال 217.34 دولار، وسيرلاينكا 191.24 دولار، وفنزويلا 190.17 دولار، وباكستان 177.48 دولار.

يقول ماكس برامويل  إن مصر تشهد إصلاحات اقتصادية  تهدف إلى معالجة القضايا القائمة منذ فترة طويلة مثل عدم المساواة في الدخل والفقر. ورغم التقدم المحرز في بعض المجالات، لا تزال الفوارق قائمة، وخاصة في المناطق الريفية.

يضيف أن مستويات الدخل لا تزال منخفضة بالنسبة للعديد من المصريين، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى مواصلة الجهود لتحسين الظروف الاقتصادية وتعزيز سبل العيش”.

رفع مخصصات الأجور بالموازنة.. هل يكفي؟

رفعت وزارة المالية مخصصات الأجور في مشروع الموازنة الجديدة إلى 573 مليار جنيه مقارنة بـ 470 مليار جنيه فى موازنة العام المالي الحالي، لاستيعاب تأثير حزمة رفع الرواتب في فبراير الماضي بنسبة 50%.

وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن الوزارة ملتزمة بمسار تحسين أجور العاملين بالدولة وأصحاب المعاشات على نحو يتسق مع جهود الدولة بتوسيع إجراءات ومبادرات ومخصصات الدعم والحماية الاجتماعية الهادفة للارتقاء بالأوضاع المعيشية للمواطنين، وتخفيف الأعباء عن كاهلهم.

ووفقًا لبيانات التعداد الاقتصادي لجهاز الإحصاء الصادر في عام 2021، بلغ عدد العاملين بالقطاع الخاص بشقيه الرسمي وغير الرسمي 13.6 مليون مشتغل، بينما يبلغ عدد الموظفين الحكوميين نحو 5.2 مليون موظف، لكن جهاز التنظيم والإدارة يعمل حاليًا على إعادة حصرهم في ظل خروج عدد على المعاش أو قدم استقالات للعمل بجهات أخرى.

حنان رمسيس الخبيرة الاقتصادية وعضو مجلس إدارة شركة الحرية للأوراق المالية
حنان رمسيس الخبيرة الاقتصادية وعضو مجلس إدارة شركة الحرية للأوراق المالية

ورغم زيادة أجور العاملين بالدولة، لا يزال الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص كما هو دون تغيير منذ قرار  المجلس القومي للأجور في يناير الماضي، بزيادة الحد الأدني لرواتب العاملين في القطاع الخاص إلى 3500 جنيه بدلًا من 3000 جنيه، والعلاوة الدورية السنوية -بما لا يقل عن 3% من أجر الاشتراك التأميني- كحد أدنى 200 جنيه بدلًا من 100 جنيه كحدِ أدنى.

وتقول حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية، إن الأجور تمثل معضلة في الدول التي لديها انخفاض في قيمة العملة، فرفعها من شأنه أن يضغط على الموازنة العامة للدولة خاصة في القطاع العام الذي تصنيف الغالبية العظمى منه بأنها غير منتجة، كما يؤثر على تكاليف التشغيل في القطاع الخاص الذي يضم فئة من الشركات الفردية والعائلية الصغيرة.

وتضيف رمسيس أسن الحل يتمثل في مواجهة التضخم الذي من شأنه تحسين مستويات المعيشة بشكل غير مباشر ، بجانب مد شبكة الرعاية برفع معدلات الحد الأدنى للأجور، ومنها الزيادة الأخيرة التي بلغت 50% وتجاوزت مستويات التضخم.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة