تحتجز سفينة وأفرجت عن الأخرى.. ماذا يحدث لشحنات القمح المصرية في روسيا؟

ما زالت سفينة “وادي الملوك” -تحمل 40 ألف طن من القمح شحنة قادمة لمصر- متوقفة في ميناء روسي على البحر الأسود منذ 18 مارس الماضي، وذلك على إثر خلاف حول الاشتراطات الصحية الجديدة بين السلطات الصحية الروسية وشركات التصدير العاملة هناك، ومن بينها “تي دي ريف” لتجارة الحبوب.

بدأت الأزمة مع تطبيق هيئة الرقابة الزراعية الروسية شهادة للصحة النباتية، ألزمت بها الشركات المصدرة، لعلاج شكاوى الدول المستوردة من جودة الحبوب الروسية، وعدم توافقها مع متطلبات الحجر الصحي لديها، بما في ذلك شحنات شركة “تي دي ريف”.

وقد طالت الأزمة شحنات مصرية على سفينتين؛ إحدهما “وادي سفاجا” التي سُمح لها أخيرًا بالتحرك إلى وجهتها، والتي كان من المفترض أن تصل الموانئ المصرية في نهاية مارس الماضي، وهي محملة بنحو 60 ألف طن متري من القمح لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية.

أزمة القمح الروسي.. ماذا يحدث في الداخل؟

اتهمت الرقابة الزراعية الروسية شركة “تي دي ريف” بعدم الامتثال لمتطلبات البلدان المستوردة في 44 شحنة تصدير من الحبوب تزيد حمولتها عن مليون طن، واقترحت إعادة النظر في توزيع حصص التصدير بالنسبة للشركات التي تعاني من مشاكل تتعلق بعدم الامتثال لمتطلبات جودة الحبوب.

لكن شركة “تي دي ريف” قالت في المقابل إن تعطيل السلطات الروسية التصدير يفرض عليها ضغوطًا لبيع أصولها “بسعر زهيد”، وأن الأمر سيتم حسمه بالشكل القانوني الذي يسمح لها بالوفاء بالتزاماتها تجاه الدولة والمتعاقدين.

وقال بيتر خوديكين، مالك شركة “تي دي أر أي إف”، في تصريحات الأسبوع الماضي، إن السفن المحملة التابعة لشركته لا يمكنها مغادرة الميناء، وقدر الحجم الإجمالي للشحنات التي انقطعت بها السبل بنحو 400 ألف طن.

كما أوقفت هيئة الرقابة الزراعية الروسية أيضًا صادرات الحبوب على بعض السفن التابعة لشركة أستون، ثالث أكبر شركات تجارة الحبوب المحلية، مما يوسع نطاق التحقيق في الجودة ومتطلبات الحجر الصحي للدول المستوردة، والذي أدى بالفعل إلى تقييد الصادرات، في خطوة من شأنها رفع الأسعار العالمية.

وصدّرت “أستون” أكثر من 2.7 مليون طن متري من الحبوب في النصف الأول من الموسم التسويقي 2023/ 2024، وهو ثالث أكبر حجم بعد “جرين جيتس” و”تي دي ريف”، وفقًا لبيانات صحيفة كوميرسانت.

وتحتل شركة “تي دي ريف” المركز الثاني بين أكبر مصدري الحبوب بروسيا من حيث الحجم. وفي النصف الأول من الموسم التسويقي 2023/2024 (يوليو – ديسمبر 2023)، صدرت أكثر من 5.7 مليون طن من الحبوب، أما شركة “جرين جيتس” فتحتل المرتبة الأولى في تصدير الحبوب، توردها إلى جميع أنحاء العالم.

اقرأ أيضًا: “بريكس” تدعو مصر للانضمام للمجموعة.. لماذا وما الاستفادة؟

وتكتظ موانئ الحبوب الروسية بعد موسمين متتاليين من الحصاد الوفير، مما يجعلها الشاحن المهيمن وصانع الأسعار في السوق العالمية. ومع ذلك، فإن وفرة العرض تضغط على الأسعار المحلية، مما دفع المسؤولين إلى فرض حد أدنى لدعم السوق. وكان تطبيق هذا الحد السعري غير متسق.

هل ترتفع أسعار القمح؟

يعتبر مركز تقييم جودة الحبوب الحكومي الروسي أن جودة القمح اللين هذا الموسم مرتفعة للغاية، لكن إينا زايتشينكو، النائبة الأولى لمدير مركز تقييم جودة الحبوب بالمركز، تقول إنها مرتفعة ولائقة إلى حد ما، في حين يقول وزارة الزراعة الروسية إنها لا تزال أقل من العام الماضي.

تتوقع روسيا أن تصل صادرات الحبوب القياسية إلى 65 مليون طن هذا الموسم بعد موسم حصاد قوي، ما يقلل من الضغوط على الدول المستوردة في الأسعار، خاصة مصر التي تحتل المرتبة الأولى بين أكبر مستوردي القمح في العالم.

ومن شأن تقييد الصادات الروسية التذكير بما حدث في سبتمبر الماضي، حيث منعت روسيا صادرات الحبوب من أجل فرض حد أدنى سعر الحبوب، واضطرت وزارة التموين المصرية حينها لاستيراد ما يقرب من نصف مليون طن من القمح من فرنسا وبلغاريا.

وكانت الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية قد اتفقت حينها على شراء 480 ألف طن من القمح الروسي في مفاوضات مباشرة، وتم الحجز بسعر 270 دولارًا للطن بما في ذلك الشحن، وهو أقل من الحد الأدنى للسعر غير الرسمي الذي كان المسؤولون الروس يحاولون تنفيذه في ذلك الوقت.

وقال وزير التموين علي المصيلحي، لوكالة “بلومبرج”، إن السفينتين مُنعتا من الإبحار لأنهما لا تمتلكا الوثائق الصحيحة، فاحتجزتا في الموانئ الروسية، مضيفًا أن مصر ستقرر ما ستفعله مع الشحنات بمجرد تلقيها ردًا من روسيا.

وتراجع سعر القمح الروسي، الذي يحتوي على بروتين بنسبة 12.5% والمقرر توريده على أساس تسليم ظهر السفينة في أبريل فبلغ 198 دولارًا للطن المتري، وفقًا لشركة إيكار للاستشارات الزراعية.

وقال رئيس اتحاد منتجي الحبوب الروسي أركادي زلوتشيفسكي، في مؤتمر صحفي، إن التوقعات تشير حتى الآن إلى أسعار منخفضة جدًا حتى نهاية الموسم، مرجحًا أن تصل صادرات الحبوب الروسية هذا الموسم لـ 70 مليون طن حال موافقة الحكومة على زيادة حصة التصدير بمقدار أربعة ملايين طن.

وقال مسؤول بوزارة التموين إن المشكلة الحالية تنظيمية تتعلق بالجانب الروسي وستنتهي سريعًا دون أي تأثيرات على السوق المحلية أو اتفاقيات الاستيراد من روسيا، بل على العكس تستفيد هيئة السلع التموينية من وفرة الإنتاج الروسي في انخفاض تكلفة الاستيراد وتراجع أسعار القمح عالميًا.

وأضافـ، لمنصة “فكر تاني”، أن مصر لديها تنوع في توريدات القمح، إذ اشترت أخيرًا 110 آلاف طن من القمح في ممارسة دولية موزعة بين 50 ألف طن من القمح البلغاري، و60 ألفًا من القمح الروماني، كما تستهدف شراء 3.5 مليون طن من القمح المحلي خلال موسم توريد القمح 2024 الذي يبدأ في أبريل الحالي.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة