ملف غزة بمجلس الأمن.. من يرفع الفيتو مجددًا؟

بينما لا تزال جرائم جيش الاحتلال تتواصل في قطاع غزة، صاعدةً بأرقام الشهداء والمصابين وضحايا التجويع في المدينة المستهدفة بالقصف والحصار، عكست الجلسات الأخيرة داخل مجلس الأمن الدولي، حالة عدم الاتفاق والتوتر الدبلوماسي، حيث فشل المجلس للمرة التاسعة في اعتماد مشروع قرار أمريكي يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، بعد فيتو روسي صيني، ليستعد لمحاولة عاشرة منتظرة غدًا الإثنين، بمقترح جديد، هددت الولايات المتحدة بتعطيله. وهي تطورات تعزز التساؤلات حول فعالية وقوة منظمات الأمم المتحدة في التدخل والتأثير في مناطق الحروب والأزمات العالمية، خاصة فيما يتعلق بمعاناة سكان المناطق المتضررة مثل غزة، حيث تبقى الأوضاع الإنسانية هناك تحت الضغط والتهديد المستمر.

 

 

بنود المشروع الأمريكي لغزة

مسودة القرار الأمريكي، التي تم توزيعها الأربعاء وفقًا لما ذكرته صحيفة الإندبندنت، هي النسخة الخامسة من المسودات التي تقدمت بها الولايات المتحدة حتى الآن. وكانت النسخة الأولى، من المسودة التي تم توزيعها الشهر الماضي، جاءت قبل يوم واحد فقط من استخدام الولايات المتحدة حق النقض لوقف قرار سابق في المجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار على وجه السرعة.

ومن بين أبرز النقاط التي تدعمها المسودة الجديدة، تعزيز الجهود الدبلوماسية الدولية للوصول إلى وقف دائم وفوري لإطلاق النار، كجزء من جهود أوسع لإطلاق سراح الرهائن والعمل على تخفيف المعاناة الإنسانية وتخفيف حدة الصراعات.

ويشير النص المعدل أيضًا إلى ضرورة حماية المدنيين وتمكين وصول المساعدات الإنسانية الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، تدين المسودة هجمات حماس على إسرائيل وتطالب بسماح فوري لوصول المساعدات الإنسانية إلى الرهائن الإسرائيليين في غزة.

الفيتو الروسي الصيني

وقد صوتت 11 دولة، الجمعة، لصالح مشروع القرار، بينما استخدمت كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو)، وصوتت دولة الجزائر أيضًا ضده، وامتنعت عن التصويت غيانا الدولة النفطية الجديدة في أمريكا الجنوبية.

وبعد التصويت، أعربت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، ليندا توماس جرينفيلد، عن أسفها لاستخدام روسيا والصين للفيتو. وقالت إن الهدف الأول للولايات المتحدة هو التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة “في إطار صفقة لإطلاق سراح الرهائن”.

كما أعربت المندوبة البريطانية باربرا وودورد عن خيبة أملها لامتناع روسيا والصين عن دعم مشروع القرار الأميركي.

روسيا: المشروع محاولة لإفلات إسرائيل من العقاب

أما المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا، فقال في كلمته أمام المجلس إن مشروع القرار الأميركي محاولة لتمكين إسرائيل من الإفلات من العقاب.

وأضاف أن الولايات المتحدة وعدت مرارا وتكرارا بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال، “والآن أدركت الولايات المتحدة أخيرا الحاجة إلى وقف إطلاق النار، بعد مقتل أكثر من ثلاثين ألفا من سكان غزة”. وقال إن الولايات المتحدة تحاول “بيع منتج” للمجلس باستخدام كلمة “ضروري” في قرارها، مشيرا إلى أن “هذا لا يكفي” ويجب على المجلس أن “يطالب بوقف إطلاق النار”.

وأضاف أن النص لم يتضمن أي دعوة لوقف إطلاق النار، واتهم القيادة الأمريكية “بتضليل المجتمع الدولي عمدا”. وقال إن المسودة مجرد تلاعب بالناخبين الأمريكيين “ورمي طعم لهم” في دعوة لوقف إطلاق النار.

وذكر السفير الروسي أن الولايات المتحدة استخدمت “بدم بارد حق النقض (الفيتو) أربع مرات في مجلس الأمن بهذا الخصوص”. وأضاف: “منذ البداية كان واضحا أن ما يسمى بالمفاوضات التي كان الزملاء الأمريكيون منخرطين فيها في هذا الخصوص كانت تهدف إلى إطالة الوقت. تم تجاهل كافة تعليقاتنا وخطوطنا الحمراء مرارا وتكرارا”.

وذكر أن مشروع القرار الأمريكي يحتوي على “ضوء أخضر فعال لإسرائيل للقيام بعملية عسكرية في رفح”.

السفير الجزائري: إسرائيل لا تلتزم بقانون

أما السفير الجزائري عمار بن جامع، الذي صوت ضد مشروع القرار الأمريكي، فدعا أولئك الذين يعتقدون أن “قوات الاحتلال الإسرائيلي ستلتزم بالقانون الدولي، إلى التخلي عن أوهامهم”. وذكّر المجلس بأن أكثر من 32 ألف فلسطيني قتلوا وأصيب 74 ألفًا آخرون حتى الآن، مؤكدًا أن هؤلاء الناس “ليسوا مجرد إحصائيات. إنهم يمثلون حيوات وأحلام وآمال تم تدميرها”.

وأضاف: “المثير للقلق أن نص مشروع القرار تجنب ذكر مسؤولية قوة الاحتلال الإسرائيلي. لم يقض هؤلاء الأفراد بسبب فعل إيذاء النفس. لقد قتلوا، وتجب محاسبة المرتكبين. بالنسبة لنا في العالم العربي، وفي الأمة الإسلامية، وفي العالم أجمع، فإن حياة الفلسطينيين ذات أهمية لا يمكن إنكارها”.

وأوضح إنه منذ أن عممت الولايات المتحدة مسودة مشروع القرار قبل أكثر من شهر، اقترحت الجزائر تعديلات معقولة للتوصل إلى “نص أكثر توازنا ومقبولا”. واعترف بأن بعض مقترحاتهم قد تم إدراجها ولكن “المخاوف الأساسية ظلت دون معالجة”.

الصين: المشروع الأمريكي غامض

وقال الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، السفير جانج جون، إن مشروع القرار الأمريكي خضع الشهر الماضي لعدة تعديلات ويتضمن عناصر تستجيب لشواغل المجتمع الدولي، لكنه يتجنب دائما القضية الأكثر مركزية وهي وقف إطلاق النار.

وأضاف أن نص مشروع القرار النهائي- الذي استخدم الفيتو ضده، “يظل غامضا ولا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، كما أنه لا يقدم حتى إجابة على سؤال تحقيق وقف إطلاق النار على المدى القصير”، مؤكدًا أن هذا “انحراف واضح عن إجماع أعضاء المجلس، وأقل بكثير من توقعات المجتمع الدولي”.

وأوضح أن مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة يضع شروطا مسبقة لوقف إطلاق النار، “وهو ما لا يختلف عن إعطاء الضوء الأخضر لاستمرار عمليات القتل، وهو أمر غير مقبول”.

وأفاد بأن هناك مشروع قرار آخر أمام أعضاء مجلس الأمن، جاء نتيجة مشاورات جماعية بين عدد من أعضاء المجلس، قائلا “إن مشروع القرار ذاك واضح فيما يتعلق بمسألة وقف إطلاق النار ويتوافق مع الاتجاه الصحيح لعمل المجلس”.

وأضاف: “إذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن وقف إطلاق النار، فيرجى التصويت لصالح مشروع القرار الآخر”.

فلسطين: المشروع الأمريكي أحادي ونرفضه

ومن أمام قاعة مجلس الأمن، تحدث السفير رياض منصور المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة برفقة المجموعة العربية في الأمم المتحدة، معربين عن رفض مشروع القرار الذي وصفه بأنه “أحادي الجانب”. وأضاف منصور “نرفض تأطير ما يحدث على أنه قضية إرهاب. إنها إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني كافة في قطاع غزة”.

ذكرت بعثة فلسطين في الأمم المتحدة يوم السبت أن مجلس الأمن الدولي من المقرر أن يصوت يوم الاثنين على مشروع قرار جديد يهدف إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. تم تقديم هذا المشروع من قبل الأعضاء المنتخبين في المجلس في محاولة لتفادي فشل جديد بعد استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار أميركي.

وأكدت البعثة الفلسطينية، في حسابها على منصة “إكس”، أن التصويت على مشروع قرار جديد سيتم صباح غدٍ الإثنين.

وأوضح المراقب رياض منصور، أن جوهر مشروع القرار الجديد يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، وأن هذا ما يتمناه لإنقاذ أرواح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشيرًا إلى دعم المشروع من قبل المجموعة العربية.

وكان من المقرر طرح هذا المشروع البديل للتصويت، والذي يدعمه 8 أعضاء غير دائمين في المجلس، بعد استخدام روسيا والصين حق النقض ضد مشروع القرار الأميركي. ولكنه تأجل بهدف إجراء مناقشات إضافية حول مشروع القرار البديل الذي أعده الأعضاء غير الدائمين في المجلس، وفق ما أشارت إليه مصادر دبلوماسية -لـ”الشرق“.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة