حركة الإعاقة.. وإنشاء المجلس القومي لشئون الإعاقة

 

فكرة تأسيس مجلس قومي لشئون الإعاقة، مطروحة على مجال الإعاقة منذ عقود، لكنها أخذت خطوة كبيرة للأمم عام 2007، بعد تصديق مصر علي اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وبداية نقاش الموضوع في مجموعات ذوي الإعاقة التي شكلت بداية حركة الإعاقة، فالدولة أصبحت ملزمة بإنشاء هذا المجلس طبقا للمادة 33 من الاتفاقية، وأعطى ذلك لحركة الإعاقة مرجعية قانونية تجعلها تطالب بالمجلس كحق قانوني وليس مجرد مطلب اجتماعي.

وضعت حركة الإعاقة مطلب تأسيس المجلس القومي، في سياق مطلب أشمل، وهو إصدار قانون خاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بحيث يكون المجلس جزء من القانون، ويلتزم بتنفيذ الالتزامات التي يقرها هذا القانون، وظلت الحركة تعمل على تحقيق ذلك حتى اندلعت ثورة 25 يناير، التي أعطت الحركة دفعة كبيرة للأمام، فعملت الحركة علي الضغط المنظم لتحقيق مطالبها، فتم عقد مؤتمر في نهاية ديسمبر 2011. تحت عنوان ” توافق قوى ذوي الإعاقة ” بهدف توحيد المجموعات المنخرطة في الحركة، ونتج عن المؤتمر تشكيل ثلاث مجموعات لتناقش مشروع القانون على أن يكون المجلس جزء من القانون، وتم تسليم نسخة من التوصيات لمسئولة ملف الإعاقة بمجلس الوزراء.

اقرأ أيضًا:عمال أم عبيد؟

قبل نهاية يناير 2012. عقد مؤتمر ثان لحركة الإعاقة تحت عنوان ” الحملة الشعبية لدعم إنشاء مجلس خاص للأشخاص ذوي الإعاقة في مصر ” برعاية الجنزوري. رئيس الوزراء حينها، وكان الهدف تجميع الأفكار المختلفة عن الموضوع، وتقديمها لرئيس الوزراء، لكن المؤتمر انتهى دون توافق على مقترح المجلس، لكن في أول الشهر التالي أصدر مجلس الوزراء بيان يؤكد، وضع قانون إنشاء المجلس، وكانت المرشحة الأولى لرئاسته هي هالة عبد الخالق رئيسة مؤسسة ” ويانا “.

أعلنت حركة الإعاقة في ذات اليوم، رفض الحركة للقانون المقترح لتشكيله بالكامل بالتعيين، ولتكريس سيطرة منظمات الإعاقة، ورأت الحركة أن الحكومة تهدف لتعليق حملة ” عايز حقي ” التي تعمل على وصول ذوي الإعاقة لحقوقهم.

عملت الحكومة علي فرض رؤيتها لإنشاء مجلس يخضع لسيطرتها، وتوالت الأحداث التي تؤكد خطة الحكومة، بداية من استقطاب مجموعة من ذوي الإعاقة التي أعلنت تأييدها لقرار الحكومة بإنشاء المجلس، وتعلن أن ذلك نتيجة نضال ذوي الإعاقة، وفي 8 فبراير 2012 عقدت مؤسسة ” ويانا ” مؤتمر كبير للتمكين التكنولوجي لذوي الإعاقة، بحضور حكومي واضح حيث حضر وزير الاتصالات، ومفتي الجمهورية، وممثلين للحكومات المعنية، وقبل نهاية الشهر، أعلن مجلس الوزراء الانتهاء من قانون إنشاء المجلس، وصرح رئيس الوزراء أن المجلس سيعمل علي توفير الحياة الكريمة لذوي الإعاقة، وخلال أيام صدر  قرار بقانون المجلس، وينص علي تعيين مسئولي المجلس بالكامل من بين منظمات الإعاقة الخيرية، واستبعاد كل مجموعات حركة الإعاقة، والمنظمات الدفاعية ذات المنهج الحقوقي.

الحقيقة أن إنشاء المجلس يعد خطوة للأمام، لكن الدولة كانت حريصة على أن يكون المجلس ذو طابع حكومي بحت، ولم تنجح الحركة في فرض رؤيتها التقدمية للمجلس، وأهمها أن يكون المجلس جزء من قانون شامل للإعاقة، وأن يختار قيادته بالانتخاب، وأن يعتمد المنهج الحقوقي وليس الخدمي، ولم تجد الحكومة صعوبة كبيرة في فرض رؤيتها، فالحركة كانت تعاني من انقسام كبير بين مجموعات مختلفة، واستغلت الحكومة هذا الانقسام، واعتمدت علي منظمات الإعاقة التقليدية التي نشأت في ظل توجيهات سوزان مبارك قبل الثورة، وهي منظمات خدمية تقليدية معنية بالأطفال ذوي الإعاقة، واستطاعت تلك المنظمات استخدام مواردها المالية الكبيرة لتضع نفسها في مقدمة الصورة، وسيطرت بالفعل على المجلس، واعتبرت حركة الإعاقة أن إنشاء المجلس بتلك الطريقة خسارة للحركة، وأن عليها إعادة توحيد صفوفها، وبدأت الحركة مرحلة جديدة من نضالها لإصدار قانون الإعاقة، واعتبرت المجلس خصم لها في المرحلة الجديدة، وهذا ما سنتناوله في المقال القادم.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة