حركة الإعاقة والطريق إلي يناير

 

يوم 2 أكتوبر 2009. نظم أربعون شخص من ذوي الإعاقة مسيرة بوسط القاهرة ترفع ثلاث مطالب هي الحق في المشاركة السياسية، والحق في العمل، والمطالبة بإصدار قانون حقوق ذوي الإعاقة، أطلق المتجمعون في هذا اليوم علي أنفسهم اسم ” حركة 7 مليون ” ودلالة الاسم واضحة حيث تشير لعدد ذوي الإعاقة في مصر وقتها، رغم العدد القليل المشارك بالمسيرة، والذي لم يحظ بأي اهتمام رسمي أو شعبي. استمرت المجموعة في التواجد، حيث تعمدت المشاركة في المناسبات العامة والأعياد بالحدائق العامة بهدف التواصل المباشر مع الناس، ولفرض وجودهم الطبيعي أمام الجميع في محاولة واضحة لكسر حاجز العزلة المفروض عليهم.

تميزت الحركة الجنينية بتشكلها بعيدا عن منظمات الإعاقة التي اعتادت على العمل الخيري، وبعيدا عن الدولة بالطبع، كما ضمت في أغلبها الشريحة الأكثر تعليما وثقافة، وكان تصديق مصر علي اتفاقية حقوق ذوي الإعاقة من العوامل المؤثرة في نشأة تلك المجموعة الصغيرة التي أخذت على عاتقها كسر حاجز العزلة، والانطلاق للشارع الرحب، وجذبت المجموعة سريعا أعدادًا متزايدة من ذوي الإعاقة، وتوسعت الحركة سريعا لتشهد أول خلاف أدى لانقسامها إلي مجموعتين متفقتين في الأساس النظري، لكنهما مختلفتان في التوجه، تبنى القسم الأكبر العمل عى الحقوق الاقتصادية خاصة حق العمل، واستمر الجزء الآخر في العمل على المستوى السياسي كطريق للوصول للحقوق الاقتصادية.

اقرأ أيضًا:بعد اجتماع طارئ.. ما الذي قرره أهالي رأس الحكمة بشأن بيعها؟

قبل حسم الخلاف بين التوجهين، فوجئ الجميع في مطلع 2010. بتجمع أكثر من 2000 شخص ذوي إعاقة أمام مبنى محافظة القاهرة للمطالبة بحقهم في الحصول علي وحدات سكنية، وأعلنوا الاعتصام لحين تحقيق مطلبهم، وهو الاعتصام الذي تنقل ما بين محافظة القاهرة ومقر مجلس الشعب، واستمر ثمانين يوما حتى تم تعليقه يوم 5 مايو 2010. بعد وعود حكومية بتلبية مطالبهم التي تلخصت في السكن وتوفير فرص عمل.

هكذا قفزت الحركة على خلافتها النظرية، وتحركت مجموعات أكبر في حركات احتجاجية واسعة للمطالبة بحقوقهم، وخلال أسابيع قليلة كان آلاف من ذوي الإعاقة يعلنون الاعتصام أمام مقرات سبعة عشر محافظة على مستوي الجمهورية. كان تفجر الحركة على هذا المستوى الواسع، مفاجأة كبيرة ليس على المستوى الرسمي فقط بل على الحركة السياسية الواسعة التي خلت مطالبها من قضية الإعاقة، لكن حركة الإعاقة واقع يومي منظور أمام مقر مجلس الشعب، ومقرات المحافظات المختلفة. لكن رغم اتساع الحركة في تلك المرحلة لم تتمكن عمليا من تحقيق مكاسب ملموسة، وتمكنت الدولة من السيطرة عليها ببعض الوعود، وبمساعدة بعض قياداتها أنفسهم، وبعض منظمات الإعاقة التي لعبت دور الوسيط غير النزيه بينها وبين الحكومة.

اقرأ أيضًا:الإعاقة في الدراما

يعود عدم تحقيق الحركة لمكاسب خلال تفجرها 2009/2010. إلى تناقضاتها الداخلية، فعلى المستوى الذاتي لم تتمكن الحركة من تكوين قيادة لها، كما لم تتمكن من توحيد صفوفها حيث كان أغلبها من ذوي الإعاقة الحركية، وكانت تستبعد عمليا الفئات الأخرى خاصة ذوي الإعاقة الذهنية. وعلى المستوى الموضوعي لم تتمكن الحركة من ربط مطالبها بمطالب الحركة السياسية الواسعة، واستبعدت المطالب السياسية وأهمها الحق في المشاركة السياسية، وعلى الجانب الآخر لم تبذل الحركة السياسية مجهود في ضم حركة الإعاقة لصفوفها وتبني مطالبها.

لكن عدم تحقيق الحركة لمكاسب ملموسة لا يعني انكسارها، فقد استمرت الحركة وعملت على توحيد مطالبها، والعمل على حل خلافتها الداخلية، واستمر ذلك حتى جاءت 25 يناير لتنخرط الحركة بكل مكونتها في الثورة، ولتفرض نفسها علي الحياة السياسية، وتخوض معاركها الخاصة وسط المطالب العامة، وتنتقل إلي مرحلة جديدة، سوف نتناولها تباعا.

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة