ثم أما بعد

 

أسدل الستار يوم الإثنين الماضي، 18 ديسمبر 2023 على الانتخابات الرئاسية المصرية، وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات النتيجة النهائية، التي على إثرها فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثالثة بحصوله على 89.6% من الأصوات. وقد جاء هذا الفوز المتوقع في ظل غياب أي منافسة حقيقية للسيسي.

وعلى الرغم من فوز السيسي الساحق، إلا أن الانتخابات شهدت بعض التطورات المهمة، أبرزها حصول المرشح المعارض فريد زهران على مليون وسبعمائة ستة وسبعون ألف صوت بنسبة 4% من الأصوات. ويعتبر هذا الإنجاز بمثابة علامة فارقة للمعارضة المصرية، حيث أنه يعكس وجود قاعدة شعبية لها في البلاد يمكن البناء عليها في المستقبل القريب.

على الرغم من أهمية الانتخابات المصرية 2023 للمعارضة، إلا أنها مثلت تحديًا كبيرًا لها. فواجهت المعارضة صعوبة كبيرة في توحيد صفوفها ولجأت بعض الأحزاب إلى خيار المقاطعة. ما كتب شهادة وفاتها السياسية بلا رجعة واستمر في السباق والنضال من أجل الوجود مجموعة قليلة من أحزاب المعارضة التي دعمت وبقوة المرشح فريد زهران.

اقرأ أيضًا:مهن لا تعمل فيها النساء بحكم القانون.. تمييز أم حماية؟

وحصول المرشح المعارض فريد زهران على هذا الكم من أصوات الناخبين يمكن البناء عليه لتشكيل تحالف معارض جديد يقود المعارضة المصرية.

فيمكن للمعارضة المصرية "الجديدة" بناء تحالف معارض جديد يضم جميع القوى السياسية المعارضة، ويركز على القضايا التي تهم الشارع المصري. ويجب أن يكون هذا التحالف مبنيًا على أساس من الوحدة والتوافق، وأن يتمتع بالقدرة على الوصول إلى الناخبين وإيصال صوته إليهم.

وإذا تمكنت المعارضة المصرية من بناء تحالف قوي، فإنها ستكون قادرة على منافسة النظام وتقديم بديل سياسي له.

بالإضافة إلى ما تم إنجازه في الانتخابات الرئاسية، فإن المعارضة المصرية لابد وأن تستعد أيضًا للانتخابات البرلمانية القادمة التي من المقرر أن تجرى في عام 2025. ويجب أن تركز المعارضة على هذه الانتخابات، وأن تعمل على بناء قاعدة شعبية عريضة لها من أجل الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية.

وإذا تمكنت المعارضة المصرية من الفوز بعدد وافر من المقاعد في البرلمان، فإنها ستكون قادرة على الضغط على النظام المصري وتحقيق بعض مطالبها.

وبطبيعة الحال في المجتمعات المتنوعة ينعكس ذلك التنوع على الحياة السياسية المصرية فيجعلها تتسم بتعددية الأطراف والتنافس السياسي، ولكن في السنوات الأخيرة، كانت الحركة المدنية الديمقراطية هي القوة الرئيسية في المعارضة. ونتفق أو نختلف مع مواقف الحركة المدنية فهو في الماضي وكذلك الحركة المدنية الآن أصبحت جزء من ماضي الحياة السياسية المصرية الذي يصعب استمراره في الحاضر والمستقبل فمصر في أشد الحاجة  إلى تحالف سياسي جديد يسعى إلى تغيير خريطة المعارضة في مصر.

ويأتي هذا التحالف كجزء من تطورات سياسية أخرى في مصر، بما في ذلك انتخابات الرئاسة التي شهدتها البلاد. وما ننتظره من استحقاقات انتخابية قادمة وقضايا عديدة شائكة، وهذا يعطي فرصة للتحالفات السياسية الجديدة لتكوين قاعدة قوية في الشارع المصري.

واحدة من الأهداف الرئيسية لهذا التحالف الجديد هي تجديد شكل المعارضة وجلب دماء جديدة من جيل الوسط وجيل الشباب إلى صدارة الحركة السياسية. فقد وجد الكثير من الشباب والوسط في مصر أنفسهم غير ممثلين بشكل كافٍ في المشهد السياسي الحالي، ويرغبون في تحقيق تغيير حقيقي وتطوير الديمقراطية في البلاد.

ويعتبر هذا التحالف الجديد فرصة لتوحيد الجهود والموارد والأفكار لتحقيق أهداف مشتركة. ومن أهم أهدافه التي لابد أن يرتكز عليها هو تعزيز قيم الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتطوير الاقتصاد، وتعزيز حقوق الإنسان. كما لابد أن يسعى التحالف لتكوين قاعدة شعبية قوية تساند هذه الأهداف وتعمل على تحقيقها.

ويجب أن يتميز هذا التحالف الجديد بتمثيل شرائح واسعة من المجتمع، بما في ذلك الشباب والوسط. فهو يعتبر منبرًا لأصوات هذه الشرائح وفرصة لتعزيز دورها في صنع القرار السياسي. وليسعى التحالف لتجديد الثقة بين المواطنين والسلطة السياسية، وتعزيز مشاركتهم الفعالة في العملية السياسية.

ولتحقيق أهدافه، يحتاج التحالف إلى استراتيجية واضحة وعمل مشترك فعال. يجب أن يتمتع برؤية مشتركة للمستقبل وخطة عمل واضحة تحدد الخطوات والإجراءات المطلوبة لتحقيق تلك الرؤية. يجب أن يكون هناك تواصل فعال وتنسيق بين أعضاء التحالف، بالإضافة إلى العمل المشترك مع القوى السياسية الأخرى المؤيدة للتغيير السلمي.

بالإضافة إلى ذلك يجب أن يتبنى التحالف الجديد، تعزيز الحريات السياسية وحقوق الإنسان في مصر. يجب أن يضغط وبقوة لخلق بيئة سياسية مفتوحة وشفافة تسمح للأفكار والآراء المختلفة بالتعبير والمنافسة بحرية. فيجب أن يكون هناك حوار بناء ومستمر بين الحكومة والمعارضة، وضمان وجود آليات فعالة للمراقبة والمساءلة.

باختصار، تغير خريطة الحياة السياسية المصرية بعد انتخابات الرئاسة وتشكيل تحالف سياسي معارض جديد يمثل فرصة لتطوير شكل المعارضة وجلب دماء جديدة من جيل الوسط وجيل الشباب إلى صدارة المشهد السياسي وضمان لاستمرارية العمل السياسي المعارض وتطوير أدواته وآلياته، وإنهاء حقبة من المعارضة لم تكن خير ممثلاً لها.

1 تعليق

  1. مقال أكثر من رائع لشاب سياسي محنك من جيل الوسط بصراحة شابوه شادي العدل 👏

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة