ولا يزال العنف قائمًا والازدواجية بادية.. كيف تفاعلت نسويات مصر مع حملة الـ 16 يومًا؟

تحت شعار #لا_عذر تفاعلت المؤسسات والمبادرات الحقوقية ونسويات مصر هذا العام، مع حملة الـ 16 يومًا، التي تبدأ باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتنتهي يوم 10 ديسمبر، حيث اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ملقيةً الضوء على ما لم يتحقق بعد من حقوق مشروعة للمرأة، محذرة من الآثار الخطيرة للعنف الممارس ضدها، وما ينقص القوانين المناصرة لقضاياها من بنود وتفعيل، مشيرة إلى ازدواجية المعايير في التعاطي مع قضايا المرأة في الوطن العربي، والتي فضحتها أحداث غزة.

“المرأة الجديدة”.. حملاتنا لا تتوقف وقضايانا لا تنتهي

وقد تبنت مؤسسة “المرأة الجديدة”، ضمن مشاركتها في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حملة #مطلب_موحد_قانون_موحد، محاولة مواصلة الدفع بمنظومة تشريعية عادلة لحماية النساء من العنف، بمختلف أشكاله وصولًا إلى العنف الجنسي من الأزواج.

تقول لمياء لطفي، مديرة البرامج بـ”المرأة الجديدة”: “حملاتنا مستمرة ولا تنتهي لأن للأسف قضايانا لا تنتهي، ولا يعبر عن هذا الوضع أكثر من أننا لا نزال نكافح من أجل تغيير قانون الأحوال الشخصية الذي بدأنا العمل عليه منذ عشرين عامًا”.

وتضيف “لمياء” في حديثها لمنصة “فكر تاني”: “قبل 20 عامًا، نجحنا في تغيير قانون الجنسية، بعد رحلة نضال من أجل تمكين المرأة من منح الجنسية لأبنائها. مر 20 عامًا على نجاحنا في هذا الأمر كمؤسسات منادية بحقوق المرأة، لكننا نواجه الآن مشكلات أكبر، تتعلق بتمكين أبناء المصرية المتزوجة من أجنبي من حقوقهم الطبيعية، في أمور مثل لبن الأطفال المدعم وغيره من الحقوق التي تمنح لأبناء الأب المصري فقط. وبالتالي، فإن حملاتنا لا تتوقف. هذه طبيعة الأمور وهي لا تتوقف على المشاركة في حملة الـ 16 يومًا الأممية وإنما يستمر النضال من أجل رفع الظلم عن المرأة”.

كذلك، تشير مديرة البرامج بـ”المرأة الجديدة” إلى ما يحدث في غزة وما سببه غياب العدالة الدولية في هذه القضية، خاصة فيما يتعلق بالنساء، الأمر الذي تفاعلت معه المؤسسات النسوية في مصر خلال فعاليات الـ 16 يومًا، بالتركيز على العنف ضد النساء في الحروب ومناطق النزاع، خاصة نساء غزة.

تقول “لمياء” لـ”فكر تاني”: “كان أضعف الإيمان في ظل إحساسنا بالعجز تجاه النساء في القطاع أن نفتتح فعاليتنا في المؤسسة بالحديث عنهم وظروف الحرب والبيئة المعادية للمرأة الفلسطينية”.

“بنت النيل”.. التركيز على قضايا العنف الجنسي وحماية الشاكيات

ضمن مشاركتها في الفعاليات، ركزت مؤسسة “بنت النيل” جهودها على الجرائم الإلكترونية.

تقول أسماء دعبيس، الناشطة النسوية ورئيسة مؤسسة “بنت النيل”، في حديثها لـ”فكر تاني”: “أطلقنا في فعاليات هذا العام لحملة الـ 16 يومًا حملة (سري جدًا)، التي نستهدف بها العمل على طرق الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية، وإلقاء الضوء على أنواعها كمدخل استهلالي نحو الهدف الأساسي من الحملة، وهو حماية خصوصية بيانات المبالغات في جرائم العنف الجنسي”.

وقد أصدرت المؤسسة ورقة قانونية بعنوان “حماية خصوصية بيانات الشاكيات فى جرائم العنف الجنسي”، لتحليل أُطٌر وتشريعات حماية خصوصية البيانات الشخصية للشاكيات في القانون المصري، وبيان الأضرار المترتبة على ذلك الانتهاك على شخوص الناجيات، والمجتمع ككل، مستهدفة مخاطبة المشرعين وصانعي القرار لإعادة النظر في هذه الأطر بما يضمن تحقيق العدالة والحماية للناجيات.

وتؤكد رئيسة المؤسسة: “أن حماية خصوصية بيانا الشاكيات في مثل هذه القضايا هو جزء أساسي من تمكين النساء قانونيًا، ومن ثم تمكينهن من العدالة كاملة غير منقوصة ودون أيَ ضغوط تُمارس عليهن سواء من المجرم وأهليته بالتهديد والانتقام أو إعلاميًا ومجتمعيًا بالتشهير والوصم المبني على أعراف خاطئة”.

“سند”.. مع العنف الأسري “الدار مش آمان”

تبنت مبادرة “سند” قضية العنف المنزلي في مشاركتها بفعاليات الـ 16 يومًا. وقد أعلنت نسمة الخطيب، مؤسسة المبادرة، عن إطلاق حملة “الدار مش آمان”، لإلقاء الضوء على قضايا العنف الأسري بما تشمله من تأثيرات اقتصادية وجسدية وجرائم تمتد إلى القتل.

وأوضحت في حديثها لـ”فكر تاني”، أن الحملة تعمل وفق إطارين؛ الأول إطلاق استبيان بشهادات من النساء اللاتي تعرضن لجرائم عنف أسري بغرض عرضها عبر صفحة الحملة مع حماية هوية المبلغات، ليكتمل الهدف من الحملة بإطارها الثاني المعني بالتوعية بأشكال العنف الأسري وطرق مواجهته والإبلاغ عنه ومساءلة مرتكبيه.

وقد نظمت المبادرة حلقة توعوية للفتيات تحت عنوان “التوعية القانونية بآليات الدعم القانوني في قضية العنف الأسري”، استهدفت الفتيات من سن 18إلى 25 سنة بمنطقة ناهيا – كرداسة، وختمت الحملة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان ببيان أكدت فيه أن هذه الحملة ستستمر حتى مارس المقبل (شهر المرأة).

وسجلت التقديرات الأممية في آخر رصد لها، أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم -أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريبًا على مستوى العالم- وقعن ضحايا للعنف الجسدي و/أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتهن. ضمن جرائم يعززها العوار القانوني والتأخر المجتمعي في إدراك دور المرأة وضرورة نيلها حقوقها كاملة دون انتقاص.

“سوبر وومن”.. غزة تلك قضية وتلك قضية

تفاعلت مبادرة “سوبر وومن” مع هذه الفعاليات بإطلاق حملة “تلك قضية وتلك قضية”، التي تقول عنها آية منير مؤسسة المبادرة: “نتناول في هذه الحملة معنى العنف بمفهوم أعم وأشمل، محاولين تسليط الضوء على المعايير المزدوجة للمؤسسات الأممية في التعامل مع قضية غزة على وجه الخصوص، بينما نتطرق إلى أنواع العنف الذي تتعرض له النساء بناءً على النوع الاجتماعي، وتلك القائمة على الجنسية فيما يمكن تصنيفه بعنف قائم على الهوية”.

وتضيف “آية”، في حديثها لـ”فكر تاني”: “نظمنا في هذا الإطار صالونين لعرض فيلم (كما شئت كما في السماء) عن القضية الفلسطينية، والذي يتناول التعامل مع قضية غزة عبر التاريخ، وكيف أن الفكر الاستعماري فكر ذكوري بالأساس”.

وقد اشتركت المبادرة في تشبيك (طلعت بتتجزأ) بالشراكة مع منصة “فكر تاني”، لتسليط الضوء على ظهور  العالم بوجهه القبيح، وكيف أن الحقوق والحريات الأساسية عرضة دومًا للتجزئة، وأن التعاطي معها يقوم على شروط تتعلق بالهوية والتوجهات.

وتطرقت هذه الحملة لمجموعة من الأهداف تقع جميعها تحت مسمى الحقوق والحريات الأساسية لجميع البشر عمومًا، وللأقليات الجندرية والنساء خصوصًا، والتي أشارت إلى “تجزئة المبادئ” في تعامل الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني الدولية الأخير في قضايا مثل فلسطين، وما يحدث في السودان، وسوريا، ولبنان، واليمن وغيرها من بلدان المنطقة، التي شهدت ازدواجية حادة المعايير في التعاطي الدولي معها.

وفيما يتعلق بمصر، نظمت “سوبر وومن” صالونًا حواريًا استثنائيًا، بمشاركة الدكتورة هالة كمال، أكاديمية ومترجمة نسوية مصرية وعضوة مؤسسة المرأة والذاكرة، لمشاركة خبراتهما حول دراسات الجندر والدراسات النسوية، وتاريخ الحركة النسوية المصرية، حيث تناول الصالون تاريخ النضال النسوي ضد الاستعمار، وكيف تتقاطع قضايا النسوية مع المقاومة الشعبية الوطنية.

كما عملت “سوبر وومن” على إطلاق حملة “قوة العمل” بالشراكة مع مؤسسة “النون لرعاية الأسرة”، بهدف تسليط الضوء على أهمية توقيع مصر على الاتفاقية رقم (190C) التي أصدرتها منظمة العمل الدولية في مؤتمرها العام بدورته الثامنة بعد المئة في عام 2019 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، واتخاذ تدابير فعالة لحماية ودعم الناجين والناجيات من التحرش، والحد من العنف والتحرش في عالم العمل، وذلك للأضرار النفسية والجسدية والصحية والاقتصادية التي يسببها التحرش.

“إدراك”.. لا حملة سكتت إحدى أصواتنا

الشهيدة مي جمال
الشهيدة مي جمال

وفي سياق متصل، صرحت نجوى إبراهيم، المديرة التنفيذية لمؤسسة “إدراك للتنمية والمساواة”، بأن مؤسستها هذا العام تمر بظرف صعب على جميع العاملين، بعد استشهاد الباحثة المصرية مي جمال وزوجها في العدوان على غزة.

“مي”، وفق تصريحات مديرة “إدراك”، كانت المسؤوولة عن تخطيط كل عناوين فعاليات الـ 16 يومًا لهذا العام، والتي باستشهادها قررت المؤسسة إطلاق حملة “لا حملة سكتت إحدى أصواتنا”؛ اعتراضنا على ما تشهده القضية الفلسطينية من ازدواجية معايير دولية حادة.

تضيف نجوى إبراهيم: “شاركنا هذا العام فقط بحفلة تأبين مي، حيث عرضنا كل أعمالها وجهودها حتى يتعرف عليها الجميع كما عرفناها نحن. وقد قررت المؤسسة إطلاق منحة البحث النسوي باسم (مي جمال) محاولة منا لتخليد ذكراها، ليعرف الجميع كيف كانت مي مؤمنة بما تعمل وكيف أسست مرصدًا للعنف القائم على النوع الاجتماعي، وكانت مسؤولة عن التقارير السنوية وأفكار المرصد والفيديوهات جميعها”.

وقد أعلنت المؤسسة أن المنحة التدريبية ستتم على عدد من الموضوعات، وسيتم إطلاقها في شهر مارس المقبل.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة