عن أية نساء تتحدث الأمم المتحدة للمرأة؟

 

طلت هيئة الأمم المتحدة علينا في الواحد من ديسمبر الجاري، ببيان تعلق فيه عن الأحداث الأخيرة والتي تصاعدت منذ السابع من أكتوبر الماضي، ذكرت فيه أن جميع الأرواح مقدسة، وأن جميع من قتلوا الأبرياء من النساء والأطفال على الصعيد الفلسطيني والإسرائيلي هما على السواء.

كما جاء في البيان “إننا ندين بشكل لا لبس فيه الهجمات الوحشية التي شنتها حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر. ونشعر بالقلق إزاء الروايات العديدة عن الفظائع القائمة على نوع الجنس والعنف الجنسي خلال تلك الهجمات. ولهذا السبب طالبنا بالتحقيق في جميع روايات العنف القائم على النوع الاجتماعي ومحاكمتها على النحو الواجب، مع وضع حقوق الضحية في جوهرها.”

ثم أشارت في عبارة مقتضبة عن المطالبة بالتحقيق فيما حدث في هذا اليوم وما بعده ودعوة سريعة لوقف إطلاق النار والسلام لكلا الجهتين.

اقرأ أيضًا:بدر “زميل الفرشة” وقضايا التجمهر المغضوب عليها

خلال 60 يومًا شاهدنا وتابعنا انتهاكات تحدث في حق الشعب الفلسطيني وخاصة النساء والأطفال، على يد كيان صهيوني محتل مستمر في تلك الجرائم لسنين طويلة ولم تتحرك أي مؤسسة مطالبة بتحقيق أو محاسبة، تلك الفترة التي وثقت فيها الجرائم صوت وصورة من قتل وذبح وحرمان من العلاج وتجويع وعزل تام عن العالم، لم تر الأمم المتحدة للمرأة غير تلك الانتهاكات التي أشارت لها إسرائيل، ولم تشبع دما حتى الآن ردا على تلك الانتهاكات إن وجدت.

عن أية نساء تتحدث هيئة الأمم المتحدة للمرأة؟! لم نر أية إشارة لما يحدث مع النساء الفلسطينيات من حرمان من حق الولادة الآمنة، والتغذية السليمة أثناء الحمل، والانتهاكات الجنسية أثناء وبعد الاعتقال، وكذلك القتل العمد للمدنيين والنساء منهن، لم تتحدث الأمم المتحدة في بيانها عن المطالبة بالتحقيق في قتل الأطفال عن عمد وقصف المستشفيات ومراكز الإيواء، بل ذكرت واقعة واحدة بعينها وطالبت بالتحقيق فيها وهو ما يجيب على سؤالنا السابق، هيئة الأمم المتحدة للمرأة لا ترى الفلسطينيات كما ترى الإسرائيليات.

لم تر الأمم المتحدة للمرأة أنه كان يجب عليها ذكر أن هناك أكثر من 500 ألف امرأة وفتاة في هذه المرحلة نزحن من منازلهن في غزة. بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن العنف قد رفع نسبة النساء المعيلات بعد مقتل شركائهن على يد الكيان الصهيوني. هذا العنف أدى إلى ارتفاع عدد النساء اللاتي أصبحن الآن أرامل ومسؤولات عن بيوتهن وأسرهن وعن احتياجاتهن.

وحتى قبل اندلاع الحرب، أفاد تقرير الاحتياجات الإنسانية لعام 2023 بأن 668 ألف شخص لاسيما النساء والفتيات، أي ما يقرب من 30٪ من السكان، كانوا بحاجة إلى الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وبالتالي فإن ما يؤثر على حياة النساء هو ذلك التعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي بسبب عدم وجود سكن مستقر، وبسبب النزوح، وبسبب استمرار العنف بصورة كبيرة. وإذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية، فسوف تستمر هذه الأرقام في الارتفاع.

كذلك التحريض المستمر والذي تغاضى عنه البيان، والذي جاء هذا الخطاب العالمي محرضًا على الإبادة الجماعية والحرمان من الحقوق الأساسية، وكأن الأمم المتحدة للمرأة لا تعلم أن غزة على أبواب مجاعة حتمية، واستمرت في التغاضي في هذا البيان عن وصف الفلسطينيات بالحيوانات البشرية وأطفالهن هن أطفال الظلام.

لم يذكر البيان ما يواجه النساء الحوامل من احتمال الولادة دون تخدير أو احتياطات صحية أو تدخل جراحي إذا لزم الأمر، في ظل التناقص السريع في الوقود والأدوية والمياه وإمدادات المستشفيات أو نفاذها. علاوة على ذلك، فإن أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة في فترة الحيض لا يحصلن إلا بشكل محدود على منتجات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية، وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

كل ذلك يطرح سؤالا آخر عن تعريف العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ذكره البيان، هل هو لا يشمل كل ما سبق؟

كشفت هذه الأحداث كم كبير من التناقض والازدواجية، وشككت في أهداف وأدوار تلك المؤسسات حيث ما رأيناه من صمت متواطئ وحديث مؤيد للقتل والإبادة جعلنا نقف أمام أنفسنا لنعترف أن هذا العالم صاحب الشعارات الزائفة لا يرانا بشر بما يكفي

 

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة