اليوم العالمي للإعاقة.. والمشاركة السياسية

 

يحتفل الأشخاص ذوي الإعاقة باليوم العالمي للإعاقة، والموافق 3 ديسمبر تاريخ صدور قرار الأمم المتحدة 3/47 عام 1992. والهدف من هذا اليوم هو الدعوة لزيادة فهم قضايا الإعاقة، ودعم التصميم العام المناسب للجميع، ودمج ذوي الإعاقة في الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، فهو يوم ضد إقصاء ذوي الإعاقة عن الحياة العامة، ولتذكير العالم بالمعاناة الإنسانية التي تسببها العوائق البيئية، والثقافية التي تعيقهم عن الحياة الطبيعية، ويأتي يوم الإعاقة هذا العام في ظل إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر، وهي الانتخابات التي من المفترض أن تشهد تجهيزات خاصة لتمكين ذوي الإعاقة من المشاركة فيها بسهولة نسبية، خاصة بعد اجتماع اللجنة الوطنية للانتخابات مع المجلس القومي للإعاقة لبحث التيسيرات التي تقدمها اللجنة الوطنية لتيسير مشاركة ذوي الإعاقة في التصويت.

اقرأ أيضًا:حرية المؤخرات في عهد الديكتاتوريات “تاني”

الحقيقة أن غياب المعلومات الدقيقة عن مشاركة ذوي الإعاقة في الانتخابات بمصر، تضعنا أمام تساؤلات صعبة عن نسبة المشاركة، ومدي تأثير أصواتهم علي نتائج الانتخابات، خاصة أن كشوف الناخبين لا تتضمن الإعاقة كتصنيف يمكن من خلاله معرفة نسبة المشاركة، بالإضافة لقصر مراقبة المنظمات المدنية علي معايير النزاهة، دون حصر وتصنيف المصوتين، وعدم تضمين معايير المراقبة لمدي توفر التيسيرات الخاصة بذوي الإعاقة، وهذا نقص يجب علي المنظمات المدنية معالجته سريعًا.

يشكل ذوي الإعاقة نسبة 15% تقريبًا من أصوات الناخبين بمصر البالغ 67 مليون صوت، أي ما يقارب 11 مليون صوت، وهذه النسبة الكبيرة يمكنها بالتأكيد التأثير علي نتائج الانتخابات، لكن هذا العدد الكبير لا يحسب ككتلة تصويتيه تقليدية رغم وجود قضايا مشتركة بينهم، ورغم وجود اهتمام رسمي بزيادة نسبة المشاركة، وإطلاق حملات دعائية واسعة تدعو المواطنين للتصويت، ومن بينهم ذوي الإعاقة. إلا أن مشاركة ذوي الإعاقة في الانتخابات تحتاج لإجراءات واقعية وليس الدعاية.

حددت المادة 29 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، معايير المشاركة السياسية علي أساس مبدأ تكافؤ الفرص، أهم تلك المعايير حق التصويت بمواد مناسبة، وسهلة الفهم والاستعمال، والحق في بيئة مهيئة تمكن ذوي الإعاقة من المشاركة بفاعلية، وقد وضعت الأمم المتحدة معايير واضحة لتمكين ذوي الإعاقة من المشاركة بفاعلية في الانتخابات أهمها تيسير الوصول، ومراعاة التنوع، والمساواة بين الجنسين، وتدريب القائمين علي الانتخابات، وتضمن دليل الأمم المتحدة تفصيلات عديدة لضمان التمكين من المشاركة، والسؤال هنا هل بيئة الانتخابات في مصر تناسب ذوي الإعاقة بشكل عام؟

المدارس هي الأماكن المحددة للجان الانتخابية، وهي بيئة مصممة بالأساس للتعليم، وتتكون من عدة طوابق والكثير من السلالم، ولغياب تصنيف الإعاقة في الكشوف الانتخابية، تتوزع الأصوات غالبًا على طوابق مختلفة، والسؤال الأهم هل تستجيب الهيئة الوطنية للانتخابات لتوفير المعايير الدولية؟ طبقا لتصريحات اللجنة الوطنية أن الهيئة توفر بطاقات اقتراع بطريقة برايل، وخدمة فيديو لذوي الإعاقة السمعية، وتوفير مساعدة لذوي الإعاقة الحركية، تلك التيسرات في الواقع لا تقترب من الحد الأدنى من المعايير الدولية، فلا توجد أي تسهيلات لحق الوصول، وأي تهيئة للأماكن، وبالطبع لا يوجد تدريب للقائمين علي إدارة الانتخابات للتعامل مع ذوي الإعاقات المختلفة. الواقع أن الهيئة الوطنية للانتخابات بعد أن أصبحت دائمة، ومسئولة عن كل العمليات الانتخابية القادمة، تحتاج لدراسة المعايير الدولية لتمكين ذوي الإعاقة بجدية أكثر خاصة وأن جهازها الفني يتضمن وحدة أبحاث، ووضع إجراءات عملية لإزالة العوائق أمام مشاركة ذوي الإعاقة في الانتخابات، وتوجد اقتراحات كثيرة علي الهيئة دراستها منها، وضع الإعاقة كتصنيف بجداول الناخبين، وتحديد لجان خاصة يمكن أن تجهز بالطوابق الأرضية، والاستفادة من متطوعين من منظمات الإعاقة في إدارة الانتخابات، يجب أن يتحول الاهتمام الرسمي بمشاركة ذوي الإعاقة إلي إجراءات عملية تزيل العوائق، وتضع تيسيرات تتفق مع المعايير الدولية.

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة