حماية مع إيقاف التنفيذ

 

مريم شابة تعيش في قرية على أطراف محافظة الجيزة، وهي ضمن ثمانية أخوة، خمس فتيات، وثلاث فتيان، تعلمت حتى المرحلة الإعدادية فقط، بسبب تفضيل الأسرة للأخوة الذكور في استكمال تعليمهم والاكتفاء بالمرحلة الإعدادية للإناث. توفي الأب وترك ميراث لأبنائه، فكان ميراث مريم هي وأخواتها البنات عدة قراقيط، ولكن الأم اعترضت علي حصول الفتيات على هذه الأرض وأمرتهن بالتنازل عنها لإخوتهن الذكور علي أن يتم تعويضهن بمبلغ مالي عن هذه الأرض، وللأسف الشديد لم تحصل الفتيات علي ورثهن الشرعي في أرض والدهن.

ولم يعطهم الإخوة الذكور ما يستحققنه من أموال بل القليل جدا الذي لا يساوي القيمة الحقيقية للأرض، ولما حاولت مريم وأخواتها اللجوء إلى القضاء للحصول علي حقهن، تعرضن لضغط شديد من الأسرة والأقارب للتنازل عن القضية، مبررين ذلك بأنهم إخوة ولا يجوز فعل مثل هذه الأمور بين الإخوة متجاهلين حقها هي وأخواتها في ورث والدهم المنهوب.

وقعت مصرعلي اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) سنة 1980، لأن الدستور المصري في المادة (١٥١(  منه ينص علي (يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور ).

اقرأ أيضًا:حرية المؤخرات في عهد الديكتاتوريات “تاني”

تُعد اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة من أهم الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحقوق المرأة، وهي أول اتفاقية دولية لحقوق الإنسان تركز على حقوق المرأة تحديدًا.

حيث تُلزم الدول الأطراف فيها باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان مساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتغطي الاتفاقية جميع جوانب حياة المرأة، بما في ذلك الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق المتعلقة بالأسرة.

تشدد مواد الاتفاقية على ضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين والعمل على القضاء على الممارسات التمييزية.

تحفظات مصرية

ولكن مصر حين وقعت علي الاتفاقية تحفظت علي هذه المواد….

المادة (2) وتُعد هذه من أهم مواد الاتفاقية، حيث تحدد الالتزامات العامة للدول الأطراف فيها، وبشكل مختصر فإن مضمون المادة 2 يتمثل في الآتي:

  1. تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على هذا التمييز في جميع الميادين.
  2. تتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لضمان المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق والحريات، بما في ذلك:

تعديل التشريعات الوطنية التي تميز ضد المرأة.

تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة.

توفير الحماية للمرأة من جميع أشكال التمييز والعنف.

وبشكل عام، فإن المادة 2 من اتفاقية السيداو تُعد إطارًا عامًا للالتزامات التي يتعين على الدول الأطراف اتخاذها لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة.

 

(المادة (16)، تُعد المادة 16 أيضًا من أهم مواد الاتفاقية حيث تتناول الحقوق المتعلقة بالزواج والأسرة وتنص هذه المادة على أن الدول الأطراف في الاتفاقية ملزمة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية.

وبشكل مختصر فإن المضمون الخاص بالمادة 16 من اتفاقية السيداو يشتمل على الآتي:

  • حق المرأة في الزواج والاختيار الحر لزوجها، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل.
  • نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
  • نفس الحقوق والمسؤوليات في كونهما والدي الأطفال.
  • نفس الحق في حرية اختيار عدد الأطفال والمدة بين إنجابهم.
  • نفس الحقوق والواجبات كزوج وزوجة متساويين في اختيار اسم للأسرة، وتحديد المهنة.
  • نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها.

وتهدف هذه المادة إلى حماية حقوق المرأة في الزواج والأسرة، وضمان المساواة بينها وبين الرجل في جميع هذه الأمور.

ولكن ومع الأهمية الشديدة للمادتين (16،2) من الاتفاقية في القضاء علي التمييز ضد النساء إلا أن مصر حين وقعت عليها تحفظت علي هاتين المادتين، مبررة ذلك بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وأن الشريعة تحدثت عن التكامل ولم تتحدث عن المساواة ولم تفسر أو توضح مدي مخالفة هذه المواد لأحكام الشريعة الإسلامية، رغم أن الاتفاقية تتحدث في الكثير من موادها أن علي الدول الأطراف اتخاذ التدابير المناسبة لتنفيذ بنود الاتفاقية بما يتناسب مع كل دولة وقعت عليها.

أرقام دالة

أحدث الإحصائيات حول صور التمييز ضد النساء هي الإحصائيات التي صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للعام 2023 كالآتي….

بلغت نسبة الأمية بين النساء في مصر 23.1%، مقارنة بنسبة 16.6% بين الرجال.

بلغت نسبة النساء العاملات في مصر 25.2%، مقارنة بنسبة 74.8% بين الرجال.

تبلغ متوسط أجر المرأة المصرية 52.5% من متوسط أجر الرجل.

بلغت نسبة النساء في البرلمان المصري 22.5%، مقارنة بنسبة 77.5% بين الرجال.

بلغت نسبة النساء في الوزارات المصرية 25.2%، مقارنة بنسبة 74.8% بين الرجال.

 

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة