علي مصيلحي.. وزير الأزمات من شهداء الخبز لضحايا "كوباية الشاي"  

في 25 أغسطس 2016، أطلق الدكتور علي مصيلحي، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب -وقتها- تصريحات نارية، ضد وزير التموين الأسبق خالد حنفي. حيث أشاد باستقالته، بعد نجاح للجنة تقصي الحقائق البرلمانية فى كشف فساد القمح، قائلًا: "هذه الخطوة يجب أن تكون عبرة لكل الوزراء، فكل من لا يستطيع أن يفعل شيئًا عليه تقديم استقالته".

وأضاف في تصريحات صحفية لاقت قبولًا واسعًا حينها أنه "عندما تكون هناك أخطاء محددة، فلابد أن أتقدم باستقالتي من منصبي، لأن هناك مسؤولية سياسية حقيقية". ولكن يبدو أن الرجل الذي اشتهر بوزير الأزمات، لا يؤمن باتباع ذاتي لنصيحته ولم يكن يقصد سوى "من لا يستطيع أن يفعل شيئًا عليه تقديم استقالته" إلا هو صاحب الكلام الذي تعددت مشكلات وزراته دون حلول حقيقية، ورغم وجود مطالبات برلمانية واسعة مطلع العام الجاري باستقالته أو إقالته.

علي مصيلحي.. رحلة مناصب لا تنقطع

"بالتواريخ.. الراجل مفروض شبع مناصب"؛ هكذا ينظر البعض إلى الوزير السبعيني المهندس دكتور علي السيد علي المصيلحي (1949 - )، فمنذ تخرجه في الكلية الفنية العسكرية في العام 1971، وتدرج بالمناصب الحكومية، ولم ينقطع عنها، وعمل في عهدين وزيرًا للتموين دون جدوى.

شغل قبل ثورة 25 يناير 2011، منصب وزير التضامن الاجتماعي والتموين في وزارة أحمد نظيف، ثم شغل المنصب نفسه في وزارة أحمد شفيق، وفي عام 2017، ترك رئاسة اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب بعد ترشيحه لشغل منصب وزير التموين، ولم يزل في منصبه رغم الهجوم البرلماني الكاسح عليه بين حين وحين.

كان أول عهد "مصيلحي" بالمناصب عندما تم تعيينه كبير مستشاري وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عام 1999، ثم "كان باب السعد"، وفق وصف مراقبين، عندما شغل منصب رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد المصرى خلال الفترة من 2002 إلى 2005، قبل أن يُصعّد إلى أعلى ويشغل منصب وزير التضامن الاجتماعي خلال الفترة من 2005 الى 2011.

عندما أعلن البرلمان استقالته!

في 26 فبراير 2017، أعلن الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب السابق، في الجلسة العامة للمجلس، استقالة الدكتور علي مصيلحي الذي تولى وزارة التموين في التعديل الوزاري آنذاك، بعد تنازله عن عضوية البرلمان عن دائرته السابعة مركز شرطة أبو كبير في محافظة الشرقية، رغبة في المنصب الوزاري.

لكن في مطلع العام الجاري، شهد مجلس النواب، قراءة الفاتحة على منصب وزير التموين، حيث طالب النواب باستقالة وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور على مصيلحى من منصبه أو إقالته، وقدموا ضده 151 أداة رقابية برلمانية، في سيناريو مشابه لإجبار وزير الإعلام السابق أسامة هيكل، على الاستقالة.

الهجوم فُسر وقتها في دوائر سياسية عدة بأنه تمهيد لإقالته، وكشفت النائبة ألفت المزلاوي، في تصريحات صحفية أن اتجاه الإطاحة بوزير التموين على مصيلحي، موجود لدى مجموعة معتبرة من النواب، مبررة ذلك بقولها: "الناس في الشارع ماشية تكلم نفسها من ارتفاع الأسعار".

وتسبب إخفاق الدكتور على مصيلحي، في ضبط أسعار السلع الغذائية بالأسواق والرقابة عليها، في تحول الغضب البرلماني منه إلى الحكومة نفسها، وهو ما عبر عنه النائب أحمد فرغلي، في إحدى الجلسات العامة لمجلس النواب مؤخرًا، حيث طالب باستقالة الحكومة، مبررًا، ذلك لأن "الحكومة أصبحت وزارة السوق السوداء، وغرقت في كيلو أرز وتركت المواطن فريسة للغلاء"، على حد قوله.

يا مصيلحي.. السكر وصل 50 جنيهًا

ولا تزال أزمة السكر، تلاحق الوزير، بعد وصول سعر سلعة السكر إلى أكثر من 50 جنيهًا، رغم أن السعر العادل لا يتجاوز 27 جنيه.

ما زاد الطين بلة أن مصيلحي خرج في الساعات الأخيرة، رغم مرور أكثر من أسبوع على تفجر الأزمة في السلعة الاستراتيجية، يعلن أنه أمهل التجار 10 أيام لضبط السوق، مع الاستمرار في ضخ كميات من السكر في المجمعات الاستهلاكية والسلاسل التجارية، واحتمالية العودة إلى فرض تسعير جبري على سلعة السكر. وهو ما فتح النار عليه في ظل عدم فهم السر من عدد الأيام الخاصة بالمهلة، وفق تعبير الإعلامي أحمد موسي في برنامجه اليومي.

يأتي ذلك رغم إعلان جمعية مواطنون ضد الغلاء حقائق خطيرة حول وجود مافيا للسكر في السوق، ووجود تنظيم عنقودي خفي يدير الأزمة بجروبات الواتساب ليصل سعره فوق الخمسين جنيه.

فشل مبادرة تخفيض الأسعار

الأزمة التي تسبب إحراجًا مماثلًا لوزير التموين، هي فشل مبادرة "تخفيض أسعار السلع الأساسية " التي تلقى اهتمامًا رئاسيًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، قبل خوض الانتخابات الرئاسية المقررة في ديسمبر المقبل، والتي أكد حازم المنوفي، عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، أن المنتجين والتجار لم يلتزموا بتعهداتهم في تلك المبادرة، ولم يضخوا الكميات المتفق عليها من السلع، لذلك المبادرة لم تحقق أهدافها.

أزمة الأرز

اندلعت في عهد الوزير مصيلحي أكثر من مرة أزمة في سلعة الأرز، الذي ارتفعت أسعاره بشكل مضاعف، زادت مع قرار الوزير عدم صرف الأرز ضمن السلع التموينية التي يحصل عليها المصريين من حاملي البطاقات التموينية، وهو ما أثار موجة احتجاج برلماني مؤخرًا.

وفي سؤالين برلمانيين تقدم بهما أحمد قورة وفاطمة سليم عضوا مجلس النواب، استنكر النائبان إعلان مصيلحى، إلغاء صرف الأرز على البطاقات التموينية، خاصة أنه يتضارب مع تصريحات سابقة للوزير كان أكد فيها أن مصر زرعت محصولًا يكفي هذا العام أكثر من احتياجاتها، مؤكدين أن "إلغاء هذه السلعة الاستراتيجية من البطاقات غير مقنع ويحتاج لإعادة النظر، خصوصًا وأن البطاقات التموينية هدفها توفير احتياجات المواطنين ومساندتهم في مواجهة أعباء الحياة.

مصيلحي.. وزير شهداء الخبز

ويواجه الوزير على مصيلحي، حاليًا، أزمة مستمرة مع المخابز المتلاعبة بوزن رغيف الخبز المدعم، ما دفعه إلى مطالبة مديري المديريات بالمحافظات أكثر من مرة بضرورة الاهتمام بجودة ‏المنتج في رغيف الخبز والسلع التموينية والدقيق.

يواجه الوزير على مصيلحي، حاليًا، أزمة مستمرة مع المخابز المتلاعبة بوزن رغيف الخبز المدعم
يواجه الوزير على مصيلحي، حاليًا، أزمة مستمرة مع المخابز المتلاعبة بوزن رغيف الخبز المدعم

وتسبب الوزير في بداية عهده الوزاري في 2017، في غضب واسع حينئذ بسبب قراره بتخفيض عدد الأرغفة للكارت الذهبي، ما دفع البعض للحديث عن دوره في أزمة الخبز أثناء حكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، الذي وصلت فيه الأزمة إلى وفاة أكثر من خمسين شخص بسبب "طوابير العيش"، واعتباره وزير "شهداء الخبز" منذ ذلك الحين.

أقالوا حسام فهل يقال مصيلحي؟

في منتصف الشهر الجاري، أقال رئيس الوزراء د.مصطفي مدبولي م.أيمن حسام الدين، رئيس جهاز حماية المستهلك من منصبه، بعد فشله في ضبط الأسعار والأسواق وممارسة الجهاز لدوره.

اللافت أن جهاز حماية المستهلك يتبع وزير التموين علي مصيلحي، وطبقًا للمادة 43 من قانون حماية المستهلك، فإن الجهاز واجبه صون مصالح المستهلكين وضبط الأسواق، وهو ما فشل فيه الجهاز والوزارة، ما دفع البعض إلى التساؤل: هل هذا القرار مقدمة للإطاحة بالوزير التموين المشرف؟.

النائبة ألفت المزلاوي قالت لوزير التموين في مطلع العام في الجلسة العامة لمجلس النواب: "أنت مينفعش تكمل معانا، أنت وزير مأزوم وتقوم بتصدير المشكلات للنواب، ولا تقابلهم لحل المشكلات"، فهل يستجيب صانع القرار بعد استمرار الأزمات على مدار العام لرغبة النواب في اقالة أو استقالة وزير التموين؟

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة