تقفيصة الزيارة، هي اسمها كده عبارة عن قفص حديد كبير حوالي ٥×٤ متر تقريبا، بيستنى فيه المساجين اللي رايحين جلسة أو مترحلين أو مروحين. كان عندي زيارة في يوم وطالع رايح الزيارة لقيت حد من جوه التقفيصة بينادي عليا، يا أستاذ عمرو يا أستاذ عمرو، فوقفت وسلمت عادي أهلا وسهلا صباح الفل، اعتقدت حد بيمسي كالعادة من الزملاء، فلقيت شاب أسمراني شعره معمول راستا وطويل، وبيقولي أنا بدر، أنا بدر، فبرضو نفس الرد أهلا وسهلا صباح الفل ازيك يا بدر.
وجيت ماشي، قالي أنا بدر اللي كنت مع صلاح، كان محمد صلاح الصديق وزميل الحبسة، خرج من يومين وكان السجن كله عارف إن أنا كمان مشيت وفعلا كان المفروض أمشي في القائمة اللي طلعت في الوقت ده واسمي نزل فعلا وأهلي والمحامين الأصدقاء والزملاء راحوا يستقبلوني من العباسية زي ما كان متعارف عليه وقتها.
بس اللي حصل إني مخرجتش. المهم، بدر بيكلمني من التقفيصة وأنا ماشي في طريقي للزيارة، ما تزعلش نفسك هتخرج قريب جدا، عايز أتكلم معاك لازم نتكلم، وأنا رديت وأنا بأخذ أخر خطوة قبل ما أختفي عنه أيوة طبعا لازم لازم، صلاح كان كلمني عنك وبعت لي أكثر من مره يوصيني عليك لو هو خرج قبلي، وأهو حصل وخرج قبلي يا عم، وضحكنا، وأنا اختفيت عنه، ودخلت الزيارة.
وأنا جوه بعد ما خلصت قلت للضابط اللي هو مسؤول عننا، بعد ما خلصت معاه الزيارة، أنا عايز أشوف بدر وعايز أنقله في أوضة جنبي ده طبعا لأنك هترفض لو طلبت نقعد في أوضة واحدة، فعلى الأقل انقله أوضة جنبي ونخرج التريض مع بعض، قالي طيب هرجع للمدير وارد عليك، جيت خارج من المكتب لقيت بدر مستني بره يقابل الضابط لنفس الطلبات، وقفنا مع بعض خمس دقائق اتعرفنا أكتر واتفقنا إنه لازم ينقل جنبي، ونحاول يخرج معايا تريض.
فشلنا في إنه يخرج معايا في التريض، بس نجحنا في إنه يتنقل جنبي في الأوضة اللي في وشي على طول. مش هتكلم عن تفاصيل قضية بدر لأنها مكتوبة في كل مكان، أنا هتكلم عن حياة شاب عرفته وهو عنده ٢٤ سنة ومتجوز وبنته اتولدت وهو في السجن، تخيلوا أول لقاء بينه وبين بنته في زيارة سجن.
بدر كان يدوبك بدأ يحقق أحلامه، يدوب لسه كان بيحط رجله على أول السلم فجأة لقى السلم نفسه مقلوب فوق دماغه وهو مش عارف يتصرف إزاي. بدر، أنا عرفته لمده ٣ شهور أو أقل شوية، منهم آخر أسبوع اللي هو كان إجازة عيد وأنا جالي كورونا وكانت حالتي سيئة جدا. بدر قلب الدنيا علشان عارف إن المطبخ إجازة وأنا مبطبخش ومباخدش أكل السجن "التعيين" وصمم إنه كل يوم هيعمل لي فطار، وغداء، واستأذن من الإدارة بكده من غير ما أعرف وفضل لمدة أسبوع يمرض فيا ويأكلني وهو يدوب أصلا لسه عارفني من شهرين،
ده بدر ودي إنسانية بدر ونقاء بدر، معتقدش إن شخص زي ده ممكن يكون خطر بأي شكل من الأشكال، أرجو من بيده الأمر بعد الله عز وجل أن ينظر لبدر نظرة رحمة، ويتركه يخرج لبنته ولزوجته، فأنا أأكد لك إن بدر إنسان بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
عن قضية أحداث رمسيس
بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تعود وقائع القضية إلى أغسطس 2013، حيث جرت مظاهرات بميدان رمسيس بالقاهرة، انتهت باشتباكات وقع على إثرها عدد من القتلى والمصابين. وفي اليوم التالي، أُلقي القبض العشوائي على المحاصرين بمسجد الفتح والمتواجدين بمحيطه، ومن بينهم بدر محمد عبد الله أحمد، طالب بكلية الهندسة الذي كان متوجهًا لشراء مستلزمات دراسية من منطقة الفجالة تحضيرًا لبدء عامه الدراسي الأول بكلية الهندسة، وكان آنذاك طفلًا يبلغ من العمر 17 عامًا.
قضى بدر ثلاثة أشهر من الحبس الاحتياطي قبل إخلاء سبيله في العام نفسه. ثم في مايو 2020 ألقي القبض عليه مرة أخرى، على خلفية صدور الحكم عليه في القضية بالسجن لمدة 5 سنوات. وعلى مدار ثلاث سنوات استمر تأجيل جلسات إعادة الإجراءات للنظر في الحكم الغيابي الصادر ضده، حتى صدر اليوم بتأييد الحكم عليه.
قضى بدر محمد عبد الله ما يقرب من الثلاث سنوات في السجن، متنقلًا بين عدد من السجون في أوضاع معيشية صعبة، وفي ظل تصاعد خطر انتشار فيروس كورونا. في هذه الفترة لم يتمكن حضور ولادة ابنته، التي لم يرها حتى الآن سوى مرات معدودة في ظل استمرار تغيير قواعد الزيارة في السجون بدعوى الحد من انتشار عدوى فيروس كورونا منذ عام 2020.
القضية دي انا كنت حاضرة النطق بالحكم فيها
وكان كل حكم زي رصاصة في قلبي مش قادرة انسى ولا امحو ذكرى الألم مكنتش مصدقة لما سمعت أحكام من ٣ ل١٥ سنة لقضية تجمهر القاضي قال كده .
يارب يخرج بالسلامة وكل اللي معاه وكل المظلومين . واكيد دائما هتلاقي حد يسندك زي ما كنت سند لناس كتير .
شكرا ..