ربما لم تتوقع أن منشورًا واحد لك على أحد منصات التواصل الاجتماعي قد يكون سببًا في تهديد الأمن القومي لبلدك، وأن تداول معلومة سياسية على واحد من تطبيقات المواعدة الأشهر استخدامًا “تيندر – بينجو”، يكون رصاصة في يد العدو تجاه وطنك. الوضع خطير وحرب الجيل السادس تطرق أبوابها بين الدول وبعضها دون استئذان.
يخترقون تطبيقات المواعدة
في الأيام الماضية وبالتزامن مع حرب الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، رصد مستخدمو تطبيق المواعدة الأشهر استخدامًا في مصر “بينجو”، وجود مستخدمين إسرائيليين الجنسية، يستخدمون التطبيق بأسماء مصرية، بهدف الحديث مع رجال أو فتيات مصريين في أمور الحياة، يليها الحديث عن الأوضاع السياسية وجمع أي معلومة عن مصر.
عدد من مستخدمي التطبيق كشفوا هويات بعض منتحلي الجنسية المصرية، منهم هدير وهي بلوجر مصرية، نشرت فيديو على حسابها الشخصي تقول فيه : “كذا واحد من صحابي الأولاد بعتوا ليا حسابات وأكونتات بنات إسرائيليين، مستخدمين أسماء مصرية.. بيبعتوا رسايل لشباب مصري، وعرفنا إنهم صهاينة من اللوكيشن وخاصية تحديد الموقع اللى في التطبيق واللي بتحدد المستخدم متواجد فين”.
500 رسالة احتيالية لجمع التبرعات
ليس هذا فقط، فالأمر وصل أيضًا إلى استغلال دعم مصر وغيرها من الدول لأهالي غزة، فاستغل بعض “الهاكرز” ومنتحلي الجنسيات تداول المعلومات عن التبرعات والمساندة، وما يحدث من خراب وحرب وتراشق تصريحات بين الدول وبعضها، باقتناء الأموال من خلال مواقع خيرية زائفة تشجع التبرعات، حيث نشر موقع “دارك ريدنج” الإلكتروني، رصد مئات عمليات الاحتيال عبر الإنترنت التي تستغل حرب الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وأشار إلى أن هناك أكثر من 500 رسالة بريد إلكتروني احتيالية ومواقع ويب احتيالية، تستغل رغبة الناس في مساعدة المتضررين في قطاع غزة.
هذا ما أكدته أيضًا مؤسسة “كاسبرسكي” لأمن المعلومات، في تقرير نشر على موقعها الرسمي، يفيد بأن الكثير من رسائل البريد الإلكتروني التي استخدمها “قراصنة الإنترنت” تحتوي على روابط لمواقع ويب احتيالية توفر معلومات حول الوضع الحالي في المنطقة، وتشجع الأفراد على تقديم مساهمات ومساعدات مالية، إضافةً إلى توفيرها خيارات دفع متنوعة بالعملات المشفرة.
وفي تصريح لـ “أندريه كوفتون”، الخبير الأمني في “كاسبرسكي”، يقول إن المحتالين الإلكترونيين يحاولون في كثير من الأحيان تخويف متلقي الرسائل الزائفة من خلال التهديد بعواقب وخيمة، مثل الخسائر المالية، أو تعليق الحسابات، أو حتى اتخاذ إجراءات قانونية، إذا فشل الضحايا المحتملون في النقر على الروابط، أو فتح المرفقات، أو الاتصال بأرقام هواتف محددة.
وأوضح أن الكشف عن الاحتيال جاء من خلال حثَّ الخبراءُ المستخدمين على فحص مواقع الويب بدقة قبل التبرع، حيث تفتقر المواقع المزيفة غالبًا إلى المعلومات الأساسية حول المنظمين أو المستلمين أو الشرعية أو الشفافية فيما يتعلق باستخدام الأموال.
حرب الجيل السادس تطرق أبوابنا
نسمع كثيرًا عن حرب الجيل السادس والحروب الباردة أو غير المسلحة والحرب التكنولوجية، لكن حقيقة الأمر أنها حرب رقم 6، لأن العالم مر بخمسة أجيال من الحروب، الجيل الأول استخدم الأسلحة والجنود، والجيل الثاني استخدم الأسلحة الآلية، والجيل الثالث كان في الحرب العالمية الثانية حيث استخدمت الطائرات المقاتلة ونظم الاتصالات اللاسلكية، والجيل الرابع استخدم المعلومات كسلاح للتأثير على متخذي القرار، بينما الجيل الخامس استغل الثغرات وضعف الدول بكل الطرق من خلال المعلومات كقوة عسكرية، إلى أن أتت حروب الجيل السادس وهي الرائجة الآن بين الدول وبعضها، تقوم على نشر التناقضات بين الدولة والمجتمع، من خلال استغلال وسائل نشر المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعي؛ لبث المعلومات المغلوطة أو الزائفة والمفبركة، لزعزة الاستقرار وإرهاب الناس واحتلال العقول أولًا ثم الأرض، كما عرفتها صحيفة السياسة الدولية المصرية.
21 ألف إشاعة مغرضة لهدم استقرار مصر
هل مصر في حرب جيل سادس؟ يجيب عن هذا السؤال الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلًا: “هل حرب الإرهاب خلصت؟.. ما لغاية دلوقتي نواجه حجمًا من الشائعات والأكاذيب والافتراءات.. آخرها قناة السويس”.
وأضاف أثناء حديثه عن اصطفاف المعدات المشاركة في تنمية وإعمار سيناء: “اتقال إننا بنفكر نبيع قناة السويس وفيه عرض.. عملولي وجمعوا كلامي ده وعملوا فيلم وإن الكلام ده قولتوا.. وقالك بتريليون دولار.. الموضوع عاوز تريليون دولار.. هنبيع القناة!”.
هناك محاولات دائمًا لشن حرب الجيل السادس على مصر، خاصة في ظل الأوضاع التي تشهدها المنطقة مؤخرًا، وتخطيط الاحتلال الصهيوني لتجهير الفلسطينيين إلى سيناء، وهذا ما حذر منه الرئيس عبد الفتاح السيسي أيضًا خلال كلمته في حفل تخريج طلاب الكليات والمعاهد العسكرية، عندما تحدث عن خطر الشائعات المُغرض بقوله إن الشائعات بإمكانها أن تدمر الدولة من الداخل إن لم نعِي لها جيدًا، وألا ننساق نحوها، ونَحُدُّ من انتشارها، حيث واجهت مصر خلال ثلاثة أشهر 21 ألف إشاعة مُغرضة تهدف إلى البلبلة، وعدم الاستقرار، وإثارة الزعر بين المواطنين.
ووفق تقرير نشره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء عن حصاد مواجهة الشائعات خلال العام الماضي 2022، تبين أنه كلما ازداد تصدي الدولة للشائعات كلما تصاعدت جهود الحرب الحديثة في ضخ المزيد من الأخبار المغلوطة.
وبحسب ما ذكره التقرير، بلغت نسبة الشائعات 20.5% عام 2022، مقارنة بـ 18.7% عام 2021، و18.2% عام 2020، و15.8% عام 2019، و10.3% عام 2018، و7.4% عام 2017، و5.2% عام 2016، و2.5% عام 2015، و1.4% عام 2014.
