عدّل البرلمان المصري، 3 مواد بقانون العقوبات، هي: تغليظ عقوبة التحرش على مرتكبي هذه الجرائم في أماكن العمل أو وسائل النقل. إذ شددت التعديلات العقوبة على مرتكبي التحرش لتصل إلى 10 سنوات، وضاعفت عقوبة الحبس في جريمة التنمر.
وفقًا للبرلمان المصري، فإن تعديل قانون العقوبات يتماشى مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" لعام 1979، والإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة، الذي اعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في ظل ما تعيشه النساء في مصر وما شاهدناه جميعا خلال السنوات الأخيرة من زيادة نسبة التحرش الجنسي والاعتداءات في الشوارع، كان لزاما على مشرعي القوانين من إيجاد حلول تحد من انتشار هذه الجريمة وتمكين النساء من حق حمايتهم والعيش بأمان ولكن السؤال هنا هل كل ما نحتاجه لحل أزمة التحرش والاعتداءات الجنسية وخاصة في أماكن العمل هو تغليظ القوانين؟
تفتقر أماكن العمل في مصر لأية سياسات للحماية من العنف والتحرش ضد النساء، وتفتقر أيضا لكل سبل المراقبة والمتابعة التي تمكن الضحية من توثيق جريمة المتحرش أو الشخص الذي قام بهذا الاعتداء، ولا يوجد قانون واحد يلزم أي شركة بتطبيق أي أنظمة توفر ذلك أو يلزمهم بلائحة داخلية تضمن سياسات حماية للنساء من التحرش، وهو ما يجعل تنفيذ هذا القانون مهمة صعبة ومستحيلة في بعض الحالات.
وعلى الجانب الآخر، على الرغم من تغليظ عقوبة التحرش في الشوارع والمواصلات العامة إلا أن تظل المعضلة الأكبر هي نجاح النساء في تحرير محضر من الأساس والحصول على موافقة شهود العيان بالحضور إلى قسم الشرطة، وكذلك عدم تغطية معظم الشوارع بكاميرات مراقبة وهو ما يجعل إثبات الواقعة مهمة أيضا مستحيلة، وحتى وإن اجتازت الضحية كل ذلك، تصطدم بثقافة من هم مسؤولون بحمايتها بداية من المسؤول عن تحرير المحضر وصولا لمن يجمع التحريات، وهو ما يضع الضحية أمام محاكمة أخلاقية تحت شعار "كانت لابسة ايه" أو "كانت تعرفه أو لا" أو "ايه واداها هناك".
ما زلنا ندور في نفس الدائرة التي تجعل العقوبات وتغليظها في القانون ما هو إلا خطوة جديدة بعيدة عن حل أساس المشكلة، تتجاهل جوانب أخرى تشجع وتساهم في زيادة مثل هذه الجرائم، كخطاب التحريض والتشهير الذي ينال كل سيدة أو فتاة قررت أن تخطو خطوات نحو الحصول على حقها، وتنميط شكل الضحية في المجتمع بمواصفات معينة حتى تحصل على تأييد ودعم، بل قد تصبح الضحية إن لم تتسق مع كل ذلك هي الجاني وهي المجرم حتى وإن كانت نهايتها القتل.
بالتأكيد تغليظ العقوبات هي خطوة أساسية لردع كل من تسول له نفسه بالاعتداء على نساء مصر في الشوارع أو أماكن العمل، لكننا ما زلنا نفتقد الوعي بكل أطراف المشكلة وطريقة إيجاد حلول للخروج من هذه الدائرة المفرغة، حتى نضمن تطبيق القانون وتحقيق مراده.