أصبح معدل التضخم أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التي يهتم بها المواطن المصري حاليًا في ظل ارتفاع مستوى الأسعار في الأسواق وتأثيره الوثيق على الحياة اليومية للجميع أيا كانت دخولهم، فضلاً عن عكسه الأداء الاقتصادي للدولة بشكل عام.
ما هو التضخم؟
تضخم الشيء في اللغة يعني زاد وانتفخ وفي الاقتصاد ليس بعيدًا عن ذلك المعنى فهو يعني ارتفاع المستوى العام لأسعار السلع والخدمات، أي مدى القيمة الشرائية للعملة في السوق وحجم السلع والخدمات التي يمكنها شرائها.
يوجد قياسان للتضخم، الأول هو الرقم القياسي لأسعار المستهلكين، ويرصد ذلك المؤشر مستوى متوسط أسعار السلع والخدمات التي تستهلكها الأسرة، وبذلك فإن معدل تغير الرقم القياسي لأسعار المستهلكين في المتوسط، ويمكن قياسه إما شهريا أي مقارنة شهر حالي بشهر سابق (سبتمبر 2023 بأغسطس 2023) أو على صعيد سنوي مقارنة الشهر الحالي بالشهر نفسه من العام السابق (مقارنة سبتمبر 2023 بسبتمبر 2022).
والقياس الثاني، التضخم الأساسي
يعد البنك المركزي المصري مقياس آخر للتضخم هو “التضخم الأساسي) وستم اشتقاقه من رقم المركزي للتعبئة والإحصاء مع استبعاد تأثير صدمات الأسعار المؤقتة على التضخم أو بمعنى آخر يحذف السلع التي يتم تسعيرها إداريًا مثل أنابيب البوتاجاز وأسعار الكهرباء والمياه وكذلك السلع التي تتعرض لهزات العرض والطلب مثل الفاكهة والخضروات.
متي يطلق لفظ التضخم على الأسعار؟
من أجل استخدام مصطلح التضخم لابد أن يكون ارتفاع الأسعار مستمرًا وليس مؤقتا وأن يشمل الارتفاع شريحة واسعة من السلع التي تهم المواطنين وبالتالي فأي ارتفاع مؤقت للأسعار أو لسلع تهم شريحة محدودة من السكان لا يمكن وصفه تضخمًا.
كيف يتم قياس التضخم العام؟
يقوم الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بتحديد السلع والخدمات ويصنفها في 12 مجموعة رئيسية أو عائلة، على سبيل المثال مجموعة الطعام والمشروبات و داخلها توجد مجموعات فرعية حسب نوعية كل فئة مثل مجموعة اللحوم والدواجن ومجموعة الخضروات والأسماك والمأكولات البحرية، ويتم منح كل مجموعة فرعية وزن يتم اقتباسه من مسح الدخل والإنفاق والاستهلاك للأسرة ، ويعادل وزن متوسط حصة السلعة أو الخدمة المعنية في سلة استهلاك الأسر المصرية بمعنى آخر نسبة الإنفاق على سلعة معينة من إجمالي الإنفاق الاستهلاكي)، ويتم إعادة إجراء ذلك المسح كل سنتين في الريف والحضر المصري، على حد سواء.
ما المجموعات التي يتم قياسها في التضخم؟
- الطعام والشراب: خضروات – ألبان – لحوم
- المشروبات الكحولية والدخان
- المسكن والمياه والكهرباء والغاز: الإيجار والمرافق (الغاز والكهرباء والوقود)
- الملابس والأحذية
- الأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية، أدوات المائدة والثلاجات، إلخ.
- الرعاية الصحية: الأدوية وخدمات المستشفيات وخدمات العيادات الخارجية.
- النقل والمواصلات: تكاليف النقل العام والخاص والتكاليف التشغيلية للمركبات.
- الاتصالات السلكية واللاسلكية: الخدمات البريدية والإنترنت والخدمات الرقمية والخدمات الهاتفية.
- الثقافة والترفيه: التلفزيون والكاميرات والكتب والصحف والعطلات.
- التعليم: الرسوم الدراسية العامة والخاصة لدور الحضانة والمدارس والجامعات.
- المطاعم والفنادق: خدمات تقديم الطعام ورسوم المطاعم وتكاليف الإقامة.
- سلع وخدمات متنوعة: العناية الشخصية والتأمين
هل قياسات المركزي للتعبئة والإحصاء دقيقة؟
يجمع المركزي للتعبئة والإحصاء بيانات التضخم عن الشهر الذي يرصده حتى يوم 28 (شهر سبتمبر يحسب من 28 يوليو حتى 28 سبتمبر) ويقارنه باليوم ذاته من الشهر السابق في حالة القياس الشهري أو اليوم ذاته من العام السابق في حالة القياس السنوي، ثم يصدر بيان بمعدل التضخم في العاشر من الشهر التالي (معدل تضخم سبتمبر يتم إعلانه في 10 أكتوبر على سبيل المثال).
يختار التعبئة والإحصاء نحو ألف سلعة وخدمة في مجموعاته ويتم مراعاة أن تكون تلك العينة ممثلة للمجتمع كله إذ يتم جمعها من 10 آلاف و58 مصدر في المدن (الحضر) و4337 ألف محل أو مصدر خدمة في القرى (الريف).
والمصدر هو لفظ عام يتم إطلاقه على أماكن بيع السلع الغذائية والصناعية بالتجزئة ومصادر تقديم الخدمات للمستهلك، ويصدر الجهاز رقمًا واحدًا يدمج فيه نتيجة القرى والمدن مع رقم خاص بكل منهما.
كيف يتم مواجهة التضخم؟
على مستوى الاقتصاد الكلي ، فإن التضخم له تأثير كبير على البطالة والنمو الاقتصادي، ومواجهته تحتاج إلى مشرط جراح فكل خطوة يمكن اتباعها لها تأثيرات سلبية على قطاعات أخرى شديدة الحساسية في الاقتصاد.
في حالة ارتفاع التضخم، تلجأ البنوك المركزية إلى سلاح رفع الفائدة أو التي تسمى “التشديد النقدي” من أجل تقليل الطلب عن العرض، أو ببساطة رفع الفائدة يغري البعض بتأجيل الشراء ووضع أموالهم في البنوك من أجل الاستفادة بالفائدة المرتفعة ما يقلل الطلب على السلع ويزيد المعروض منها فتقل الأسعار.
لكن في تلك الحالة يتأثر النمو والتشغيل، فرفع الفائدة يضر الاستثمار ويقلل من مساعي المستثمرين للاقتراض من أجل التوسع وبالتالي التشغيل وتقليل البطالة، كما أنه يزيد من الضعط على وزارة المالية باعتبارها أكبر مقترض في السوق لمواجهة عجز الموازنة وفي مصر كل 1% زيادة في الفائدة يرفع معه فوائد الدين العام فى الموازنة العامة بواقع 28 مليار جنيه، بحسب وزارة المالية المصرية..