تزايد “محاولات الانتحار” بين العمال.. ماذا تنتظر “يونيفرسال” للاستجابة لمطالبهم؟

منذ الثلاثاء الماضي، دخل أكثر من ٢٥٠٠ عامل من عمال شركة يونيفرسال للأجهزة الكهربائية، إضرابًا شاملًا عن العمل، احتجاجا على تأخر صرف الرواتب الأساسية لشهر منذ العام ٢٠٢٠، وشهرين من العام 2022، ثم الرواتب من شهر أغسطس الماضي وحتى اليوم، إضافة إلى حوافز ثلاث سنوات متصلة منذ العام ٢٠٢١، وبدل طبيعة عمل متصلة منذ العام ٢٠١٩.

ووفق مصادر بالشركة؛ فإن الوضع يتكرر منذ العام 2018، تتأخر الإدارة في صرف الرواتب الأساسية؛ ما تسبب في أزمات كبيرة وتراكم للديون لدى الكثير من العمال. أضافت المصادر ذاتها: “العام الماضي، خضنا إضرابًا جادًا؛ لكن لم نستطع تحقيق مكاسب، بسبب التدخلات الأمنية التي أرهبت العمال، فقد حاصرتنا عناصر الشرطة داخل الشركة وألقت الغاز المسيل للدموع على المحتجين خارجها. واحتجزت ثلاثة من زملائنا لمدة ساعات. وانتهى الإضراب بفصل 75 عاملًا، على رأسهم غالبية أعضاء اللجنة النقابية وأبرزهم القيادي محمود هريدي”.

اقرأ أيضًا: عمال “نايل لينين” مستمرون في إضرابهم لتحسين الأجور.. وحضور لـ”القوى العاملة

ولتأزم الوضع لعدة أعوام، تفاجئ عمال الشركة، مع الساعات الأخيرة من الشهر المنصرم، بنبأ وفاة زميل لهم بعد أن توقفت أنفاسه “كمدًا وحسرة”، حسب وصف عُمال حادثتهم منصة “فكر تاني” من ورشة “الاسطمبات” التي تديرها إدارة المجموعة، رحل العامل عن الحياة بعد أن يأس من توفير أبسط الأساسيات اللازمة لبقائه وأسرته على قيدها، طعام وبعض من حاجات أساسية لأبنائه. ناشد العامل قبل وفاته، الإدارة المالية لطلب سلفة قدرها 2000 جنيه؛ لكن الإدارة رفضت، ليذهب إلى منزله ويسقط صريعًا في الحال.

وبحسب شهادات من عمال داخل الشركة، فإن حالات الوفيات المرتبطة نسبيًا بالعثرات الاقتصادية التي يمرون بها، متكررة، لم تتوقف عند العامل الذي فقد حياته الأيام الماضية؛ بل تخطت كثير من الحالات، إما بسبب الإهمال الطبي، أو محاولات انتحار أعلن عن بعضها والبعض الآخر ظل حبيس الغرف المغلقة. ففي أغسطس من العام الماضي، أقدم العامل أمين حنفي من (مصنع٢٤ ألف) المتخصص في إنتاج المكونات اللازمة لعمليات الإنتاج المختلفة، على الانتحار عبر إشعال النيران في جسده قبل أن يتمكن زملاءه من إنقاذه، وتُخضعه إدارة الشركة لتحقيق داخلي. وكان العامل، مر بأزمة مالية شديدة نتيجة عدم وفاء الإدارة بتعهداتها بصرف رواتب العمال في الوقت المحدد. بينما سبقه في المحاولة، في فترات متقاربة، أربعة عمال آخرين، تعرضوا للعثرات نفسها. وراح آخر منتحرًا بعد أن تناول دواء سامًا (حبة غلة) أنهت حياته على الفور.

ولم تقتصر محاولات بعض العمال على إيذاء أنفسهم؛ بل تجاوز الأمر ذلك إلى حد تلويح أحدهم بقتل زوجته وأبنائه، خوفًا من تراكم الديون وعدم استطاعته إطعامهم؛ ليخرج مالك الشركة معلنًا صرف 4 آلاف جنيه، كمساعدة للعامل. وحسب مسؤول نقابي، فإن حالات الطلاق الناتجة عن مثل هذه العثرات بين العمال قد تخطت حاجز الـ200 عامل، في السنوات القليلة الماضية أيضا.

من جهته، كان المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية طالب العام الماضي، وزارة القوى العاملة بالوفاء بتعهداتها بشأن اتفاقيات العمل الجماعية السابق إبرامها بين إدارة الشركة وممثلي العمال. مشددا على أن استمرار تجاهل عمال الشركة سوف ينذر بكارثة إنسانية، بعد أن تزايدت حالات الإقدام على الانتحار أو التلويح به بين العمال.

فما الذي يحدث داخل “يونيفرسال” بالتحديد؟

إضراب أخير

قال مصدر آخر داخل الشركة، إن مساهمات إدارة الشركة المليونية في صندوق تحيا مصر، تسببت في استقطاع كثير من مستحقاتهم المالية. وهناك انتهاكات واضحة تمارس ضد العمال بعد أن أصبح ابن مالك الشركة عضوًا في مجلس الشيوخ المصري؛ ما أكسبهم قوة إضافية. معلقًا: “قضيتنا مختلفة عن عمال القطاعات الأخرى الذين يطالبون بمستحقات إضافية وحوافز، مشكلتنا الرئيسية في عدم تلقي أجورنا الأساسية في الأصل”.

وحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي يتولى قضايا العمال المفصولين تعسفيًا، أبرمت اتفاقية عمل جماعية بين الإدارة وممثلي العمال بحضور مندوبي القوى العاملة ومندوبي النقابة العامة للعاملين بالصناعات الهندسية، في العام 2019، التزمت فيها الإدارة بتحقيق مطالب العمال العادلة والضرورية لتوفير بيئة عمل آمنة ومناسبة، وهو الأمر الذي لم تلتزم به الإدارة فاضطر العمال لمعاودة الاحتجاج، واللجوء للقضاء للحصول على حقوقهم المهدرة. ثم استمرت المفاوضات وأبرمت اتفاقية أخرى في العام 2021، تعهدت فيها الإدارة بالانتظام في صرف المرتبات، والحوافز الشهرية، والاحتكام إلى وسائل فض منازعات العمل الجماعية وإنهاء الخلافات بالطرق الودية، ثم أصدرت قرارات تنفيذية مطلع العام الماضي، لجدولة صرف المرتبات المتأخرة، تلتها أخرى في يونيو من العام 2022، لإقرار صرف المستحقات المتأخرة أيضًا، لكن لم تلتزم الإدارة بأي من تلك التعهدات.

وأعلن العمال المضربون استمرارهم في الإضراب، ليوم الأحد المقبل، وحتى يتم صرف كامل مستحقاتهم المالية المتأخرة، وكذلك طالبوا الإدارة بإعلان جدول زمني ملزم بمواعيد صرف كافة المستحقات، وعودة أعضاء مجلس إدارة اللجنة النقابية التي قامت إدارة الشركة بفصلهم على خلفية مطالبتهم بتنفيذ بنود اتفاقية العمل الجماعية التي وقعها مالك الشركة مع ممثلي العمال بحضور وزير العمل السابق محمد سعفان، سابقًا. ومن المقرر، وبحسب العمال؛ فإن وفدًا أمنيًا بصدد الوصول إلى الشركة في العاشرة من مساء اليوم، للتفاوض مع العمال حول فض إضرابهم، والوصول لحل مرضي.

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة