كليشيه الحب المصري

العديد من النساء يجدن تشابهات بين ما يتعرضن له خلال فترات التعارف الأولى أو العلاقات التي لم تكتمل. وعندما يتحدثن في هذا النقطة، يختتمن حديثهن عن أن هذا التشابه الحقيقي موجود في الجندر ذاته، مع عبارة "كل الرجالة كده".

لكن حقيقة الأمر تعود لما يعرف بالتلاعب النفسي، وهي أساليب يستخدمها الأشخاص المؤذيون حتى يوقعون بضحيتهم في المصيدة، ليس جميع الرجال مؤذيون بالطبع، ولكن من كثرة ما تعرضت له النساء أصبح التلاعب النفسي الممارس عليهن أشبه بالكليشيه المحفوظ والمتبع من أغلب المتلاعبين، فحين تسمعه الأخريات تشعرن أن "الطبع غلاب" وهذا هو "طبع الرجال" ولكن السر يعود لهذا المصطلح.

يعرف التلاعب النفسي بأنه نوع من التأثير الذي قد يمارسه شخص أو جماعة على طرف آخر من أجل تمرير معلومات أو آراء بطريقة احتيالٍ ومكر، حيثُ يعتمد من يفعل ذلك على استخدام تكنيكات مسيئة وبعض الطُرُق المختلفة، وأحيانًا متشابهة كما ذكرنا، تحولت أحيانا إلى كليشيهات مصرية أصيلة. قد تشكك النساء في أفعال واضحة كالخيانة والكذب وتجعل الطرف المسئ ينجو من فعلته بأدوات محفوظة ومتكررة أحيانًا، ومبتكرة وجديدة أحيانًا أخرى.

التلاعب النفسي له علامات ودلالات، تحولت إلى كليشيهات من كثرة تكرارها، كالتلاعب مثلا بالأحداث، "محصلش"، وهو تشكيك الضحية في ترتيب الأحداث أو في وقوعها من الأساس، بهدف هدم حجة الضحية وإقناعها بعكس ما تعتقد، كما يسعى إلى تزييف الحدث نفسه بتفاصيله واستدعاء أحداث أخرى مشابهة واستخدامها كقرينة لدعم روايته المزيفة حتى يضمن خلط أوراق الضحية وتحجيم سيطرة عقلها على التفاصيل.

كما أن أهم علامات التلاعب النفسي أو أبرز الكليشيهات المصرية الأصيلة هي "أنتي غيرتي حياتي"، "أنا عارف أنتي بتفكري ازاي أكتر من نفسك" حتى تنقلب تلك الكليشيهات رأسا على عقب في لحظة أخرى إلى "إنتي دمرتيلي حياتي"، "أنتي شخصية صعبة متتفهميش" هذه التقلبات العكسية التي تمر بها الضحية يستخدمها الطرف المؤذي للتلاعب بضحيته، حتى تلوم نفسها على خسارتها تلك الصورة الزاهية البريئة التي قد رسمها لها في البداية، لتتحول تلك الصورة إلى كابوس يطاردها ويستنزفها حتى تحصل عليها من جديد.

كما يستخدم المتلاعبون التحديات الفكرية للضحية و"سحلها" في تفاصيل قد تربك عقلها وتجعلها تحيد عن الحادث الأصلي أو ما يريد هو الابتعاد عنه، كذلك السخرية والتنمر والتي قد تهاجم بعض نقاط الضعف لدى الضحية، كذلك الهجوم المسبق حتى يتحول موقع الضحية إلى الدفاع عن النفس والتبرير وكذلك حماية صورتها الذاتية عن نفسها.

وأخيرا التكنيك الأشهر وهو الإنكار "أنا مش عارف أنتي بتتكلمي عن ايه"، وهو يا عزيزتي سلاح المتلاعب الأول، لأن بكل بساطة إصراره على الكذب أحيانًا يجعلك تتشككين في رؤيتك وما تعتقدينه.

هناك العديد من العلامات الأخرى، ولكن ما يجب علينا أن نعرفه هو أن التلاعب النفسي يُعد من أكثر أنواع الأذى النفسي التي تشكل عبئًا على الضحية وتمنعها من الخروج من العلاقة آمنة، لأنه يؤثر بشكل مباشر على ثقة الضحية برجاحة عقلها وبحواسها الخمس، بما سمعته ورأته وأحيانا ما شمته، كل ذلك أمام كلمات من الشرق ومن الغرب محفوظة ومجربة تقع الضحية أمام دوامة من التساؤلات والمخاوف والتشكيك، وبوابة الخروج الواحدة من ذلك هو إدراك أن ما يحدث هو تلاعب نفسي، وليس طبع يتسم به الرجال وعلينا أن نتقبله ونتعامل معه.

 من خلال حديث النساء عن تجاربهن مع ما عايشن داخل دوائر الأذى والتلاعب النفسي، يصب ذلك في رفع وعي الأخريات بل يساعد الضحايا اللاتي لم ينجين بعد، على إدراكهن أن ما يعيشنه هو سلوك مؤذي معتاد ومعروف في العلاقات المسيئة وليس كما قال الكليشيه "كل الرجالة كده".

التعليقات

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

موضوعات ذات صلة